تنديد بجنون "القذافي الوحشي"

يتابع الكتاب والمثقفون الليبيون في الخارج ما يحدث في بلادهم بقلق بالغ، ويقومون بكتابة البيانات والمقالات وتنظيم التظاهرات من أجل إيصال صوت الشعب الليبي وشرح قضيته، هيثم عبد العظيم يستطلع آراء ومواقف بعض المثقفين الليبين حول ما يحدث في وطنهم.

متظاهر يرفع شعار: القدافي المجنون. الصورة: د ب ا
بالرغم من بعد الكتاب الليبيين عن مرمى النيران فإنهم يتابعون بقلق بالغ ما يحدث في بلادهم

​​يعيش الليبيون اليوم حالةً من الرعب والهلع بسبب تدهور الحالة الأمنية في بلادهم منذ اندلاع حركة الاحتجاجات الواسعة المطالبة بسقوط نظام معمر القذافي الذي جاءت كلمته يوم الثلاثاء الماضي (22 فبراير/شباط) لتزيد مخاوف الليبيين بعد أن هددهم العقيد باستخدام القوة ضدهم وإدخال البلاد في حالة حرب أهلية إذا ما استمرت حركات
الاحتجاج ضد نظامه.
حالة الرعب هذه وصلت إلى الليبيين المقيمين في المنافي، فهم بالرغم من بعدهم عن مرمى النيران فإنهم يتابعون بقلق بالغ ما يحدث في بلادهم، ويسعون للاتصال بأهلهم وذويهم للاطمئنان عليهم لكنهم لا ينجحون دائما، فيبقون نهبا للقلق والمخاوف لاسيما مع انتشار الشائعات والأخبار غير المحققة في وسائل الإعلام. فالكتاب والمثقفون الليبيون ليسوا استثناءً من هذه الحالة.

دور الإعلام في نقل الحقائق

الكاتبة الليبية المقيمة في ألمانيا فاطمة محمود تتابع طيلة اليوم الأخبار القادمة من ليبيا على شاشة التليفزيون وشبكة الانترنت. وتحدثت في حوار مع دويتشه فيله عن مخاوفها بسبب ما يحدث في طرابلس بعد أن نجحت في التحدث مع أخيها أخيرا، وأخبرها أنه رأى قتلى أمام عينيه في الشارع الذي يسكنه.

احتجاجات في ليبيا. الصورة: د ب ا
وسائل الإعلام والفضائيات لعبت دورا كبيرا في إعلام العالم "بالمجزرة التي تحدث في ليبيا"

​​
وقالت محمود إن وسائل الإعلام والفضائيات لعبت دورا كبيرا في إعلام العالم "بالمجزرة التي تحدث في ليبيا"، مضيفة أن النظام الليبي دأب في الماضي على شراء ذمم وسائل الإعلام المحلية والعالمية من أجل تلميع صورته، وتقول: "لم يكن مسموحا لأي معارض للنظام الظهور في وسائل الإعلام".
وقالت رئيسة تحرير مجلة شهرزاد النسائية إنها لاحظت تغيرا في صورة العربي في الإعلام الغربي، "فالثورات المتعاقبة التي اجتاحت العالم العربي أزاحت صورة الإرهابي ليحل محلها صورة العربي كانسان مسالم ومضطهد من قبل حكامه الفاسدين". وانتقدت الصحفية محمود الموقف الغربي الذي "قام بعقد الصفقات مع القذافي رغم معرفته بمدى جنونه".

ثورة شعبية ضد جنون "القذافي الوحشي"

من ناحيته نفى الكاتب فرج أبو العشة مزاعم النظام الليبي بأن المشاركين في الاحتجاجات هم من تيارات إسلامية متطرفة. ويقول الكاتب في حوار مع دويتشه فيله إن الثورة الليبية تندرج في نفس سياق الثورتين التونسية والمصرية، حيث بدأت بالشبان الليبين، الذين قلدوا كثيرا إخوانهم من الشباب المصري والتونسي واستلهموا شعاراتهم، ثم تحولت سريعا إلى ثورة شعبية اكتسحت كل مناطق الشرق.

القدافي على التلفزيون الليبي. الصورة: د ب أ
القدافي أعلن في خطابه التلفزيوني الأخير أنه لم يستعمل القوة بعد

​​ومضى فرج أبو العشة يقول إن "الطغاة في الدول العربية يتشابهون في أساليبهم، فليس غريبا أن يستخدم القذافي أساليب شبيهة بالأساليب التي اتبعها بن علي أو مبارك، حيث اتهم نظام الأخير شباب ميدان التحرير بأنهم عملاء ومندسين ويمارسون الشذوذ والجنس، إضافة إلى إخافة أوروبا بفزاعة الإسلام الأصولي."
الصحفية محمود تتفق مع ما قاله أبو العشة، وتؤكد أن نظام القذافي قام باختراع أسطورة الإسلام المتطرف بنفسه، "فالليبيون من أتباع المذهب المالكي المسالم ولا ينتشر بينهم المذهب الوهابي، لكن بعض وسائل الإعلام تركز الضوء على دور الحركات الإسلامية مثل الإخوان المسلمون بسبب قربها منها، لكن الواقع أن الثورة الليبية هي ثورة شبابية وليست إسلامية".
وبرغم الأهوال التي تنقلها الأخبار عن ليبيا كل يوم فإن الكاتب والناشط أبو العشة متفائل بنجاح الثورة الليبية في الإطاحة بنظام القذافي في آخر المطاف رغم جنون "القذافي الوحشي". ويرى أبو العشة أن الجيش الليبي سوف يملأ الفراغ، الذي ستشكل بعد الإطاحة بالنظام الحالي، مضيفا أن "الجيش سيملأ الفراغ على الطريقة المصرية، ويصل بالبلاد إلى بر الأمان، فالشعب الليبي ليس لديه أي مبرر للدخول في حرب أهلية".

مظاهرات في العواصم العربية

ويمتد دور المثقفين والكتاب الليبيين في الخارج ليشمل كتابة البيانات والمقالات والتظاهر من أجل ايصال صوت الشعب الليبي وشرح قضيته، فالجاليات الليبية تقوم بتنظيم مظاهرات في عدد من العواصم الأرووبية مثل برلين ولندن، وفي الأخيرة شاركت رابطة المثقفين الليبيين برئاسة الكاتب السنوسي البيجو في تنظيم مظاهرة كبيرة أمام السفارة الليبية هناك.

مظاهرات مؤيدة لليبيا في برلين. الصورة: د ب أ
جانب من المظاهرات المؤيدة للشعب الليبي في برلين

​​كما أصدر الكتاب والمثقفين الليبيين في بريطانيا بيانا حول "المجازر المرتكبة ضد الشعب الليبي" جاء فيها: "ندين بشدة المجازر التي ترتكب في حق ابناء شعبنا ونحمل العقيد معمر القذافي شخصيا المسؤولية الكاملة عما حدث. كما نستهجن بشدة صمت المجتمع الدولي الذي لم يتدخل لانقاذ الشعب الليبي، ونناشد المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان في العالم التدخل لوقف المجازر التي ترتكب في حق شعب صغير ومسالم".
وأشار الكاتب أبو عشة إلى أن تحركات المثقفين تتوازى مع حركة الدبلوماسيين في الخارج، الذين استقال عدد منهم من مناصبهم، وأعلنوا أنهم لم يعودوا يمثلون نظام القذافي وإنما يمثلون ثورة الشعب الليبي.

هيثم عبد العظيم
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق النشر:دويتشه فيله 2011

Qantara.de

أربعون عاما على تولي معمر القذافي مقاليد الحكم في ليبيا:
القذافي… عالم من التناقضات ورجل الأضواء والمفاجئات
لقد فاقَ معمر القذافي الجميع تقريباً فيما يتعلق بطول فترة حكمه، إذ يحكم الآن فترة أطول مما حكم كل الحكام الطغاة في القرن العشرين، وفترة أطول من كافة الحكام العرب الآخرين، ومن كل سياسي منتخب ديمقراطياً في أي مكان من عالمنا. رودولف شيميلّي يسلط الضوء على "ظاهرة القذافي".

حوار مع المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي برهان غليون:
"القبليَّة والتطرف فزَّاعة القذافي للاستمرار في الحكم "
يرى برهان غليون المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السوربون في باريس، أن نظام القذافي هو من خلق حالة الفوضى وأطلق فزَّاعتي الانقسام القبلي والتشدد الإسلامي بهدف مواصلة سيطرته على الشعب الليبي وحكمه قهرا لمدة 42 عاما. منصف السليمي في حوار مع المفكر برهان غليون.

إصلاحات سياسية في ليبيا:
خطابة ثورية أم تحوّل كلي؟
أعلن العقيد معمر القذافي العام الماضي عن عزمه تجديد الجماهيرية الاشتراكية وخصخصة القطاع العام. ولكن في آخر مؤتمر شعبي تم إلغاء بعض القرارات الخاصة بهذه التحولات، الأمر الذي يحيِّر الخبراء وأبناء الشعب. بيآت شتاوفَر تستعرض بعض مظاهر الحراك السياسي في ليبيا.