رجل مخابرات إسرائيلي ومخبره الفلسطيني...العدو المحبوب
رجل المخابرات الإسرائيلي رازي يجند الفلسطيني سنفور البالغ سن الخامسة عشرة ليعمل لديه كمخبر سري ويساعده في مهمة استخباراتية، وهي العثور على مقاتل فلسطيني مطلوب للإسرائيليين. ولكن اختيار سنفور ليس من قبيل المصادفة، فهذا المقاتل الفلسطيني هو الشقيق الأكبر لسنفور. وخلال عامين من العمل المشترك تنشأ صداقة حميمة بين سنفور ورازي.
يجد الشاب الفلسطيني سنفور في رجل المخابرات رازي بعض صفات الأبوة. فيستغل رازي ذلك ويجند الشاب لصالحة كي يعثر على مقاتل فلسطيني هو الشقيق الأكبر لسنفور. يحاول سنفور بارتياب تلبية طلبات رازي لكنه في الوقت ذاته يبقى وفيّاً لشقيقه الأكبر. وفي النهاية يضطر سنفور ورازي لاتخاذ قرار يغير مجرى حياتهما إلى الأبد.
ولكي يكون الفيلم حقيقيا وملامسا للواقع استعان مخرج الفيلم الإسرائيلي يوفال أدلار في كتابة النصوص بالصحفي الفلسطيني علي واكد. ويقول المخرج الإسرائيلي في هذا السياق: "أردت بذلك إظهار أن مثل هذا التعاون (بين فلسطينيين وإسرائيليين) ممكن".
مسلم ويهودي
يكاد فيلم "بيت لحم" أن يكون فيلما وثائقياً. فالمخرج الإسرائيلي يوفال أدلار وشريكه في الإعداد الفلسطيني علي واكد ينحدران من ظروف اجتماعية ومهنية مختلفة. فالأول يهودي الديانة وعمل في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، أما الثاني فهو مسلم وعمل صحفياً وناشطاً في رام الله وغزة.
ويقول كلاهما إنهما وفي إطار إعدادهما للفيلم وجّها العديد من الأسئلة لأعضاء كتائب الأقصى وحركة حماس وإن الحصول على معلومات من الكتائب ومن الحركة الفلسطينية كان "محفوفاً بالحذر لكنه لم يكن خطيرا"، لكنهما يقولان أيضا إن الأصعب من ذلك كان الحصول على معلومات حول أساليب رجل المخابرات الإسرائيلي "شين بيت"، ويضيفان في هذا السياق: "لقد حصلنا على مثل هذه المعلومات من رجل مخابرات إسرائيلي سابق، لأن الأشخاص العاملين حالياً في المخابرات لا يجرؤون على الإفصاح عن المعلومات". ولذلك استمر أكثر من أربع سنوات الإعداد للفيلم، الذي كان الأكثر مشاهدةً عام 2013 في إسرائيل.
العدو الصديق
وفيه يُظهِر يوفال أدلار وعلي واكد كيف يقوم رجل مخابرات إسرائيلي بتجنيد شاب فلسطيني خلال سنوات عديدة وكيف أن ذلك لا ينطوي على عنف أو ابتزاز بل إن الحيلة تكمن في بناء علاقة صداقة حقيقية وحميمة بين الطرفين، تختلط فيها عواطف الكره والحب وخيبة الأمل المتناقضة، بل ولحظات من العلاقات الإنسانية الحقيقية حتى بين الأعداء الذين قد يتحولون يوماً ما إلى أصدقاء.
وتبقى نهاية فيلم "بيت لحم" مفتوحة. ففي الخاتمة يجد المشاهد نفسه متروكاً وحده. ويقول مخرج الفيلم في هذا الصدد إنه ليس ثمة حلول جاهزة وليس من مهمة المخرج إيجاد الحلول، لكنه وشريكه الفلسطيني مؤمنان بوجود حل مستقبلي لقضية الشرق الأوسط.
علاقة متشابكة ومعقدة
تشير صحيفة "كولنر شتات أنتسايغر" الألمانية في مقال لها عن الفيلم، إلى أنه يتناول حيرة وارتباك سنفور بسبب إخلاصه لمن يعمل لصالحهم، أي المخابرات الإسرائيلية، وبين كونه فلسطينيا وشقيق أحد المقاتلين. وتثني الصحيفة الألمانية التي تصدر من مدينة كولونيا في مقالها على حيادية المخرج يوفال أدلار وشريكه في كتابة السيناريو علي واكد، في معالجتهما للموضوع بعدم الانحياز لأي من طرفي النزاع. وتضيف "كولنر شتات أنتسايغر" أن فيلم "بيت لحم" يصور تشابك وتعقد العلاقة بين ضابط المخابرات الإسرائيلية، ممثل الاحتلال، ومخبره الفلسطيني اللذين لا يمكن الفصل بينهما، حسبما جاء في حوار المخرج أدلار يوفال مع الصحيفة الألمانية.
وتجدر الإشارة إلى أن العرض العالمي الأول لفيلم "بيت لحم" كان في الدورة السبعين لمهرجان البندقية السينمائي الذي أقيم في الفترة ما بين 28 آب / أغسطس و 07 أيلول / سبتمبر 2013، وفاز فيه بالجائزة الرئيسية لفئة "أيام البندقية". وهو الفيلم الإسرائيلي المرشح للمشاركة في المنافسة على جائزة أوسكار لعام 2014 الذي تقدمه أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة.
آنه بيل شتيفيس
ترجمة: ع.ج / ع.م
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014