"العقلية التركية بحاجة إلى ثورة"
- تحت أي ظروف من الممكن أن تُقبل تركيا عضواً كاملاً في الاتحاد الأوروبي؟
ألاتون: بالنظر إلى معايير كوبنهاغن فإن تركيا تعتبر مرشحاً لعضوية الاتحاد الأوروبي. ولكن حسب رأيي فإننا لن ننجح في غضون السنوات الخمس أو العشر القادمة في الالتحاق بالاتحاد الأوروبي. إننا بحاجة إلى ثورة في الأفكار. علينا في البداية أن ندرك أن كل الناس سواسية منذ المولد. علينا أن نحل المشكلة الكردية وأن نعقد سلاماً معهم.
- جزء كبير من الأوروبيين يعارضون انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والطبقة السياسية بدأت تسير أيضاً في هذا الاتجاه رغم بدء المفاوضات. هل فقدت أوروبا مصداقيتها في تركيا؟
ألاتون: ثمة تيارات مختلفة في أوروبا، فهي ليست كتلة متجانسة. هناك ظاهرة ساركوزي، وهناك ميركل: لدى كلا الزعيمين أحكام مسبقة تجاه تركيا، وهما يقولان إن تركيا لا تنتمي إلى أوروبا. ولكن هناك بجانبهم أصوات أخرى تدعم تركيا. من الممكن أن نذكر على سبيل المثال إسبانيا والسويد اللذين يقدمان دعماً هائلاً لتركيا. ولكن تركيا تطمح أيضاً إلى الاقتراب السريع من أوروبا، سواء على المستوى الذهني أو الثقافي. كل هذا هو عملية جارية تحتاج إلى وقت. ليس هناك سبب للابتعاد عن أوروبا والسير في اتجاه آخر. إننا نمضي في طريق أتاتورك ونقترب من الغرب. إننا جزء من الغرب وسوف نندمج فيه، هذه هي قناعتي.
- الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا يشعرون بالتمييز والتفرقة حتى إذا كانوا يحملون الجنسية الألمانية. هل ينطبق هذا على الأقليات التي تعيش في تركيا؟
ألاتون: لا. أنا لا أرى فروقاً بين الأقليات ومجتمع الأغلبية. إني لا أعتقد بأي حال من الأحوال أن المجتمع التركي لديه توجهات معادية للسامية على سبيل المثال. المجتمع التركي ليس معادياً للسامية أو معادياً للغرباء. غير أني أريد أن أشير إلى شيء: في تاريخ الجمهورية التركية مارس النظام والجهاز البيروقراطي سياسة عنصرية في بعض الأحيان. عندما أقول "نحن" فأنا أعني المسلمين السنة، أما الآخرون فهم علويون أو أكراد أو يهود أو غير مسلمين. وهكذا بقيت العنصرية والعداوات على قيد الحياة، رغم أنها غير موجودة في الحياة اليومية.
- وما هي الخلفيات بالضبط؟
ألاتون: هناك سبب وجيه له علاقة بالثروة المالية. في تركيا يمتلك غير المسلمين – مثل الأرمن واليونانين واليهود – ثروات كبيرة. وبالتالي كان المرء يشعر بالحسد تجاه هؤلاء الأثرياء. وهكذا تم إصدار قوانين بطريقة ديموقراطية؛ مثلاً في عام 1974: وفقاً للقانون تم تأميم كل الممتلكات العقارية والمالية للمبرات الخيرية التابعة لغير المسلمين. تظاهر النظام أنه قام بتأميم كل الثروات، ولكن جزءاً كبيراً باعته الدولة بعد ذلك. أي أن الثروات الكبيرة غيّرت مالكها فحسب. كان ما حدث ظلماً.
- هل حزب العدالة والتنمية أكثر تسامحاً تجاه الأقليات بالمقارنة مع الأحزاب الأخرى؟
ألاتون: نعم، من جانب حكومة حزب العدالة والتنمية لم نشهد سياسات عنصرية، بل مساواة. بكل أمانة أقول إن حزب العدالة والتنمية لا يمارس سياسة معادية لغير المسلمين واليهود.
- هل تعتقد أن حزب العدالة والتنمية له أجندة سرية؟
ألاتون: أعرف أن البعض يكرر الاتهامات ويغذي الشكوك القائمة حول حزب العدالة والتنمية. الحزب له أعداء كثيرون، غير أني أعتبر هذا الموقف مَرَضياً، إنه ينم عن جنون الاضطهاد.
- هل تعرضت إلى التمييز في تركيا بسبب أصولك؟
ألاتون: نادراً جداً. أصولي لم تكن عائقاً في حياتي يوماً. أنْ أنتمي لديانة أخرى، أنْ أكون يهودياً لم يمثل لي مشكلة. لم ينظر المجتمع لي باعتباري "مختلفاً". الناس تنظر إلي في تركيا باعتباري شخصية محترمة ومشهورة. إني استمتع بذلك، وأنا سعيد بذلك.
- وهل هناك وقائع يجب على الأتراك أن يواجهوها – مثلاً التاريخ التركي الذي لم يُحسم بعد مع الأرمن؟
ألاتون: بالطبع، هذا مهم جداً. إن التعامل مع تاريخ الأرمن يتطور اليوم تطوراً إيجابياً وسريعاً جداً. الناس تفكر الآن في هذا الموضوع وهو ما يزيل الأحكام المسبقة. كلنا نعرف اليوم ما حدث عام 1915. ومن المهم أن يكون ما حدث موضوعاً للحديث، ومن المهم أن يتم الاعتراف بأن التاريخ قد شهد هذه الفضيحة الفظيعة. أما تحديد درجة هذه الفضيحة، إذا كانت إبادة جماعية أم لا، فهذه قضية أخرى. هذا ما أكده أيضاً هرانت دينك على الدوام. لا بد أولاً من مواجهة التاريخ، فإنكاره لغو وهراء كاملين. لا بد من إجراء نقاش والتحدث حول ما حدث، وإذا تتطلب الأمر، فلا بد من تقديم الاعتذار.
- لن يتوقف الأمر عندئذ عند حد الاعتذار، وربما يكون هذا هو سبب تجنب النقاش. قد تكون هناك مطالبات بالتعويض ...
ألاتون: هذه الحكايات كلها هراء. إن المطالبات بأراض أو بتعويض مالي ليست سوى أكاذيب. لا يمكن أن يطالب أحد بأراض ولا مال. الأمر لا يتعدى تقديم الاعتذار: "نعم، لقد حدث ذلك، وهو أمر يؤسفنا للغاية، ونحن نعتذر عن ذلك." إننا نحمل هذا العبء منذ ثمانين عاماً بدلاً من أن نقدم الاعتذار – لماذا يصعب علينا ذلك إلى هذا الحد؟ إني أقول لكل الأرمن: معاناتكم هي معاناتي. لا ينم الاعتذار عن الضعف، أنا مقتنع بذلك، ولذلك أقدم اعتذاري.
- ماذا تود أن تقول للأوروبيين عن أهمية تركيا بالنسبة لأوروبا؟
ألاتون: إن تركيا بحاجة إلى أوروبا للغاية. غير أن أوروبا تحتاج أيضاً إلى تركيا لأن تركيا جزء من أوروبا. إن عدداً كبيراً من الغرباء يعيشون في تركيا، كما يعيش ملايين من الأتراك في أوروبا. إننا نعيش مع بعضنا البعض إذن. لذلك علينا أن نتفاهم مع بعضنا ونتعرف إلى بعضنا بعضا على نحو أفضل. لا بد من خلق مستويات عدة لإجراء الحوار، وبذلك يمكن أن يحدث تقارب بين طريقة التفكير التركية والعقلية الأوروبية، أو بالأحرى فإن المجتمع التركي "سيتعلم" الديمقراطية من خلال هذا الطريق. إن التربية الديمقراطية تنقصنا. إننا هنا بحاجة إلى ذلك، ولهذا نحتاج إلى أوروبا.
أجرت الحوار: هوليا سانتشاك
ترجمة: صفية مسعود
قنطرة 2008
إسحق ألاتون رجل أعمال يهودي بارز في تركيا. ولد ألاتون عام 1927 في إسطنبول. في عام 1954 أسس مع صديقه أوزير غاريه شركة "ألاركو" القابضة التي يرأس حالياً مجلس إدارتها.
قنطرة
مع هاينتس ا. ريشتر:
توحيد قبرص بين الآمال والشكوك
في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري تبدأ جولة جديدة من المفاوضات حول قبرص ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي فرص إعادة توحيد هذه الجزيرة؟ للإجابة عن هذا التساؤل أجرت توبا تونتشاك حوارا مع الخبير في الشؤون القبرصية هاينتس ا. ريتشتر.
تجميد المسألة التركية:
حيرة الإتحاد الأوروبي في التعامل مع المرشح المسلم
لقد تم تأجيل بدء المفاوضات بين تركيا وبركسل في النقاط الهامة وبقيت العلاقة بين دول الإتحاد الأوروبي وتركيا المسلمة غير واضحة. دانيلا شرودر تسلط الأضواء على المواقف الأوربية.
تعليق لجيم أوزديمير:
"انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يصب في مصلحة أوروبا"
إنَّ انضمام تركيا المزمع إلى الاتحاد الأوروبي يدعو إلى التساؤل عن ماهية أوروبا، حسب رأي النائب في برلمان الاتحاد الأوروبي، جيم أوزديمير. وأوروبا بالنسبة له هي مشروع سلام ينبغي أن لا يتم تحديدها في البدء من خلال إرثها المسيحي الغربي.