الفضائيات العربية جزء من المعركة!
نقرأ في البند الأول من الميثاق الصحفي الألماني: ضرورة احترام الحقيقة، المحافظة على كرامة الإنسان وضرورة إطلاع الناس على الأحداث بصدق ونزاهة. في المواثيق الصحفية العربية والإسلامية وفي ميثاق الجزيرة أيضا، نبحث ولكن بلا جدوى عن مصطلح "كرامة الإنسان". لماذا؟
أكثم سليمان: بالنسبة للجزيرة لدينا ميثاق شرف صحفي، وهو ما أراد كثيرون أن يسمعوه منا في الخارج، مذكور فيه موضوع مراعاة مشاعر الضحايا وأهالي الضحايا والمشاهدين. يمكن أن يكون هذا نظرة عربية الى الأمر إذ من الصعب على الإعلام أن يكون وسيلة للإساءة للكرامة. تتضمن المشاعر فكرة كرامة الإنسان، ولكن ثمة فرقا أساسيا: هنا تتحدد المشاعر طبقا للفرد وليس هيئة دولية. في الغرب مثلا يتم إظهار جثة على الشاشة بتصوير قريب في لبنان، قانا مثلا إزاء مشاعر من يأكل البيتزا. في الجزيرة وفي الكثير من الفضائيات نرى أناسا يحملون جثث أطفالهم ويقولون: أروهم للعالم! هم يطلبون منا ذلك. يجب أن نحدد مفهوم الكرامة والمشاعر حسب الشخص.
نخلة الحاج: رغم التقدم الكبير الذي شهدته وسائل الإعلام في العالم العربي ورغم تأثيرها الواسع ومهنيتها العالية، إلا أن نظرة العالم العربي إلى دور الإعلام لم ينضج بعد. ينظر العرب بشكل عام إلى وسائل الإعلام وكأنها جزء من المعركة، بدل أن تكون محايدة. ولذلك ثمة كثير من الأطراف كان ينتظر من وسائل الإعلام العربية أن تري الجثث وذلك للتأثير على مجرى المعركة والرأي العام. ولكن إذا قال الناس تفضلوا صوروا الجثث لأنهم جزء من المعركة، هل يجب علينا أن نجاريهم في ذلك؟
خالد حروب: أظن أن التعاطي الأفضل مع هذه المسألة هو تناول كل قضية على انفراد. عرض صورة رهينة في العراق بمسدس مصوب الى الرأس أمر تافه إعلاميا ويتضمن إهانة، فضلا عن انه يمكن نقل الخبر بدون هذه الصورة. أما صورة الرجل اللبناني الذي يحمل جثة ابنه فأمر مختلف وبحاجة إلى نقاش. لو نشرت مثل هذه الصور البشعة في أوربا خلال الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها عشرات الملايين من الناس، فأنا متأكد من أنها كانت ستكون عاملا في إنهاء الحرب.
هل هناك إمكانيات للفرد الذي جرحت كرامته أو خصوصيته جراء بث صور معينة أن يطالب بحقه ويحصل عليه؟
سليمان: أي حقوق؟ على الشخص أن يشكر المحطة لأنها عرضت صور القريب الميت. فكرة أن عرض صور ميت ينقص من كرامته مفهوم غربي بحت غير موجود في العالم العربي. إذا قتل عضو من "حماس" في فلسطين، تُحمل جثته على الأيدي بحيث تظهر في الكاميرا، لكي يراها الناس. التعامل مع الموت مختلف، وهو ما يجب احترامه. هناك مثلا المفهوم الإسلامي للشهيد الذي لا يغسل، أي أن جروح الشهيد وتشوهاته تصبح موضع فخر. هذا جزء من الثقافة والدين.
الحاج: أنا أعتقد أن مثل هذا المشهد مؤلم ومروع في كل الحالات وهو جرح للكرامات ومعقد بشكل غريب. بالطبع لدى الثقافة العربية مفهوم خاص للشهيد. ولكن هذه نظرة دينية ونظرة ثقافية. أعتقد أننا كإعلاميين لا يجب أن نكون جزء من المعركة ولا يجب أن نقبل تسخيرنا لها. إذا ما قتل أحد من حركة "حماس" وحملت جثته من قبل أهله وأنصاره حتى يؤثروا على الرأي العام وعلى المشاهد العربي، فأنا أعتقد بأننا لا يجب أن نستجيب "للشارع العربي" أو المواطنين العرب أو للثقافة العربية أو الدينية الإسلامية أو المسيحية.
سليمان: قد أقف موقف المعارض أو الناقد من الثقافة ولكن أنا ابنها، وإلا سأكون إعلاميا غربيا.
نجحت الفضائيات العربية في السنوات الماضية في كسر الكثير من التابوات السياسية. ماذا عن التابو الديني والاجتماعي؟
حروب: نجحت الفضائيات بالفعل في كسر الكثير من التابوات السياسية، ولكنها لم تجرؤ بعد على الاقتراب من التابو الديني والاجتماعي، لأنها ستدخل بذلك في مواجهة مع الجمهور وقد تفقده.
سليمان: خرق التابو السياسي سهل تماما. كل ما سيحتاجه المرء هو أمير يزوده بالمال أو دولة تقرر أن تنافس قناة أخرى. يمكن مقارنة المجتمع الفلسطيني بالمجتمع السوري أو اللبناني. ولكن المجتمع المغربي مختلف كليا، السعودي كذلك. لا يمكن أن ندخل في هذا التابو. لا أعتقد أنه من مهامنا، نحن نرافق عملية التغيير.
يشهد المشهد الإعلامي الغربي في السنوات الماضية تغيرا جذريا، حيث صارت قواعد السوق تتحكم أكثر فأكثر بمضامين وسائل الإعلام وتؤثر سلبا على المستوى الإعلامي. كيف تنظرون إلى هذا التطور؟
الحاج: أنا أعتقد أن السوق هو البديل الأفضل للإحتمال الآخر الذي يقوم على سيطرة الحكومة. الحكومة بالطبع هي البديل الأسوأ دائما. نحن متفائلون في العالم العربي، أكثر منكم هنا. فوسائل الإعلام العربية تتحرر أكثر فأكثر من سلطة الحكومات كما أننا قد نجحنا في تجاوز الكثير من القيود.
أجرى الحوار أريان فريبورز ومنى نجار
حقوق الطبع قنطرة 2006
أجرت قنطرة الحوار مع الإعلاميين العرب على هامش فعالية دويتشه فيلله بتاريخ 17 آب/أغسطس بعنوان: النظرة إلى الغرب - الإعلام العربي بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
قنطرة
"يجب أن نكون قادرين على الحوار
ما هو الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في العلاقات الأوروبية – الشرق أوسطية؟ وإلى أي مدى يؤثر الحوار الافتراضي على هذه العلاقة؟ حوار مع لورنس بينتاك
الثقافات الإعلامية وتحديات العولمة
ما هي نتائج المنافسة بين الفضائيات الغربية والعربية؟ يقدم أوليفر هان أستاذ الصحافة في جامعة دورتموند الألمانية تحليلا للوضع الحالي ويقترح تعاونا إعلاميا وثيقا متعدد الثقافات
النساء في وسائل الإعلام
الحالة المعيشية للنساء في أوروبا وفي العالم العربي وعرضها في وسائل الإعلام، كانت موضوع الحوار الإعلامي الأَلماني-العربي الذي عقد مؤخرًا في الرباط. يقوم معهد العلاقات الخارجية الأَلماني في شتوتغارت منذ عدّة سنين بدعم الحوار الإعلامي ما بين إعلاميين من أوروبا والعالم العربي.