المشهد الموسيقي في القاهرة بين الرقابة والانطلاق
كان المركز المصري للثقافة والفنون (ECCA) بالنسبة لك من أهم المراكز التي قمت بزيارتها في القاهرة. ما هي وظيفة هذا المركز وما طبيعة علاقته بالمؤسسة الرسمية؟
رافائيل الكانتارا: إنَّ معهد العلاقات الخارجية يرحب باختيار متلقي المنح لمؤسساتٍ مستقلةٍ لعقد الشراكة معها. والمركز المصري للثقافة والفنون ليس حكوميًا. زد على ذلك أنَّه يوفَّر قاعات يجري فيها تسجيل الموسيقى التقليدية. المركز المصري للثقافة والفنون يُعنى هنا ببساطة بتوثيق هذه التقاليد وحفظها للأجيال القادمة، إذ لم يبق سوى عددٍ صغيرٍ جدًا من الموسيقيين الذين يتقنونها. لكنْ هذه القاعات تُقدَم أيضًا للفرق التقدمية الفتية، لكي يكون لها منبر لأعمالها.
ما هي طبيعة العمل المشترك بين المركز المصري للثقافة والفنون والجهات الرسمية؟
الكانتارا: العلاقة إشكالية بعض الشيء. احتاج الأمر أساسًا لسنوات إلى أنْ تمت الموافقة على افتتاح المركز. وعندما كنتُ هناك ألغتْ الجهات الحكومية إنتاجًا مشتركاً كان قد اتُفِقَ عليه بين فرقةٍ موسيقيةٍ حكوميةٍ وجوقةٍ تقليديةٍ أراد المركز المصري للثقافة والفنون تشكيلها، وذلك قبل أربعة أيامٍ من ابتداء التدريبات التحضيرية دون تحديد الأسباب.
في حين أنَّ المشروع يركز على الثقافة الموسيقية، أي لم يكنْ له موقفٌ ناقدٌ للحكومة. وكانت وزارة الثقافة تهدف من ذلك إظهار قوتها. يمكننا أنْ نقول أنَّ القيادة المسؤولة تراقب كل المؤسسات الثقافية المستقلة بشكلٍ عام. هذا وأُغلِقت مؤسسة مشابهة بلا إنذار بعد أنْ كانت قد صدّرت تصريحات انتقدت فيها الوضع الاجتماعي القائم. نتيجةً لذلك، لا يتبقى أمام الفنانين سوى التشهير بالأحوال السيئة بصورةٍ تهكميةٍ رمزيةٍ، وهذا ما يفعله الكثيرون.
ما هي الموسيقى التي يجري التسامح معها أو دعمها من قِبَلِ الجهات الرسمية؟
الكانتارا: من له باعٌ طويلٌ يكون قد رتب أموره بشكل أو بآخر مع الحكومة، إلا إنَّ هؤلاء لا يقدمون سوى نوعٍ من الموسيقى لا تمتُّ بصِلةٍ كبيرةٍ للأصالة، بل يتعمدون أن يكون لها وقعٌ معينٌ على السياح، وهذا نوع من الاستعراض. يبدو ذلك جليًا أيضًا في الحفلات الموسيقية التي تُقام أثناء شهر رمضان، حيث غدا تقليدًا، أنْ يتخذ كل شيءٍ ثقافيٍ سمةً احتفاليةً، ويستطيع المرء في هذا الشهر سماع شتى أنواع الموسيقى، وهي من الموسيقى الصوفية وحتى إنشاد الشعر العربي القديم.
وهناك الأوبرا أيضًا، من مخلَّفات الاستعمار الانكليزي، التي يستمر تقديمها للتباهي بالمكانة الثقافية، مع برنامج محافظ مخصص للطبقة الرفيعة، ولا تجد أية علاقة للأوبرا بواقع الشعب المصري الحالي.
وهل يجري تجاهل الوسط الموسيقي الفتي؟
الكانتارا: لا يحصل هذا الوسط على أي دعم. وعلى سبيل المثال: "فرقة وسط البلاد" موجودة منذ عشر سنوات، ويحاول أعضاءها تقديم موسيقاهم منذ ذلك الحين، لكنْ بلا جدوى، إلا أنَّهم استطاعوا مؤخرًا نشر أسطوانةٍ بعد جهدٍ جهيد! العجيب أنَّ شركةً لبنانيةً للإنتاج الموسيقي تحمل اسم انكوغنيتو (Incognito) هي التي تُنتج موسيقى الفرق الشابة من مكاتب المركز المصري للثقافة والفنون، ومن المحتمل أنْ توزعها قريبًا في أوروبا أيضًا.
كان لا بُدَّ من قدوم أحدٍ من الخارج لهذا الغرض، وهذا أمرٌ محزنٌ في الواقع. بالإضافة إلى ذلك لا زالت صناعة الموسيقى المصرية تعمل بالكاسيتات، ويبدو أنَّها قد فوَّتت فرصة الانضمام إلى عصر الأقراص المضغوطة (CD). وصانعو القرار يتألفون من دائرةٍ نخبويةٍ صغيرةٍ تُفضل التعلق بموسيقى البوب الأمريكي على أنْ تساعد الأفكار الجديدة لتنال قدرًا أكبر من الشهرة.
ما هو المزاج العام لدى الشبيبة وما هي الاهتمامات السائدة لدى الموسيقيين الناشئين؟ وهل ثمة حركات في الخفاء تعزف موسيقى الروك والبانك؟
الكانتارا: تَشَكَلَ لدي الانطباع بأنهم قد بدؤوا يسأمون من موسيقى البوب الأمريكية. وهم يودون سماع موسيقاهم الخاصة، ليس بالأسلوب التقليدي الصارم، بل بحيويةٍ ومن خلال مؤثراتٍ تجديدية. الموسيقيون الناشئون يتعاملون بخفةٍ مع تناسق الأصوات الموسيقية ومع انسجام الأنغام، هذه الخفة لم تعد موجودةً عندنا في الغرب منذ زمنٍ طويل. هم ما زالوا يستخدمون هذه المواد بأسلوبٍ طبيعيٍ جدًا، وبهذا تبقى موسيقاهم حيوية.
إنَّها طاقةٌ هائلةٌ، من شأنها في الغرب أنْ تعلمنا أنَّ علينا أنْ لا نطيل التفكير، بل أن نعزف الموسيقى بكل بساطة! لكن أكثر ما فاجأني أنهم يعزفون الموسيقى بشكل رئيسي بدون نوتة موسيقية. وتجد هناك فرقًا موسيقية تتكوَّنُ من ثمان إلى عشر عازفين، يؤلفون قطعًا موسيقيةً معقدةً في تركيبها، بينما لا بُدَّ لنا هنا من أنْ ندوِّن النوتة قبل أنْ نبدأ. إنَّه توافقٌ رائعٌ بالفعل، يتسم بالارتجالية، ولكنَّه حافلٌ بإحساسٍ مرهفٍ بالبنية الموسيقية على الرغم من ذلك.
أجرى المقابلة شتيفان فرانزن
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2007
ولد رافائيل الكانتارا في ميونيخ لأم ألمانية وأب من بيرو، درس الساكسفون في معهد ريشارد شتروس في ميونيخ والساكسفون الكلاسيكي في برشلونة. حصل على منحة معهد العلاقات الخارجية لدورات التدريب عبر الثقافات وقضى شهرين في القاهرة من أوغسطس/آب حتى أكتوبر/تشرين الأول.
قنطرة
فرقة "وسط البلد" القاهرية
فرق موسيقية شبابية كثيرة ظهرت في القاهرة في الأعوام الأخيرة تربط بين الأساليب المختلفة. وعلى الرغم من أن هذه الفرق لم تحتل سوق الموسيقى العربية بعد إلا أن جمهور الشباب مولع بها. شريف عبد الصمد يقدم واحدة من أشهر هذه الفرق وهي فرقة وسط البلد.
يوميّات جولة موسيقية في الشرق الأوسط
قليلة جدا تلك الرحلات الفنية التي تضم كل هذا الكم من المتناقضات وكل هذا االتركيز على التفاصيل، إلا ان الموسيقار أودو مول عضو فرقة شيل سيك براس باند الألمانية إستطاع أن يجمعها بتجانس وكأنها مقطوعة موسيقية
عوالم الموسيقى
الموسيقى بوتقة يمتزج فيها الشرق والغرب والشمال والجنوب والحاضر والماضي. في الملف التالي نتناول تأثير السياسة والعولمة على الإبداع الموسيقي كما نقدم تجارب موسيقية من بلاد عربية وإفريقية وأوربية
www