فيلم "رسائل إلى الرئيس"- رسائل دعائية نجادية
أثار فيلم "رسائل إلى الرئيس" للمخرج التشيكي بيتر لوم ضجة في الأوساط الفنية في أثناء عرضه في مهرجان برلين السينمائي، حيث يرى الكثير من النقاد أن هذا الفيلم يروج للنظام الإيراني وعلى رأسه أحمدي نجاد الذين وصفوه بالدكتاتور. إيغال أفيدان في حوار مع المخرج بيتر لوم.
كيف يُسمح لمخرج غير معروف نسبيًا بأن يكون المخرج الأجنبي الوحيد الذي يجوز له متابعة الرئيس الأيراني وتصويره؟
بيتر لوم: لقد أعجب الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد بحقيقة أنَّني لم أكن أرغب في تصوير فليم ناقد وفي التركيز على الرسائل التي كان يتبادلها مع مواطنين مختلفين من الشعب الإيراني. وكان الإيرانيون يحبون إظهار الرئيس الإيراني كرئيس شعبي. وكذلك استفدت من أنَّني في الحقيقة مخرج مستقل وأنَّني كنت قادرًا على تقديم سيرة أكاديمية تستحق الاحترام. وكذلك اقترحت السلطات الإيرانية عنوانًا للفيلم: "عمل ديموقراطي".
كنت تريد ومن خلف الكواليس مراقبة الرئيس الإيراني عن كثب وإظهار كيف يفكِّر وكيف تتَّخذ إدارته قرارات. غير أنَّ هذا لم يتحقَّق لك؛ فما هو السبب؟
لوم: لم تسمح لي السلطات الإيرانية بهذا، وذلك لأنَّها كانت مرتابة وكان ارتيابها يصل حتى إلى حدّ الهذيان. وكان أصعب ما في الأمر إقناعهم بأنَّني لست جاسوسًا لا سيما وأنَّ صحيفة يمينية متطرِّفة قد ادَّعت ذلك. وفي الأشهر الخمسة التي قضيتها في إيران صوَّرت لمدة ثلاثة أسابيع فقط، وفي بقية الوقت لم أكن أقوم إلاَّ بتقديم الطلبات وانتظار صدور التصاريح. وفي كلِّ مكان كنَّا نخضع للمراقبة والتفتيش.
هل تحتَّم عليك التعهّد بالحصول على تصريح للفيلم؟
لوم: لا، لم يتحتَّم عليَّ سوى دفع رسوم تبلغ خمسة عشر ألف يورو، ومن الواضح أنَّ هذا المبلغ كان رشوة. وقد دفعت فقط سبعة آلاف يورو، وذلك لأنَّهم لم يمنحونني الكثير من التصاريح التي وعدوا بمنحها. غير أنَّ الإيرانيين طالبوا بعدم عرض الفيلم في أمريكا وإسرائيل.
لماذا لا تعرض التضييقات التي تم فرضها على عملك والكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في إيران؟
لوم: لا حاجة لي إلى عرض نفسي في الفيلم، بيد أنَّني أعرض كيف يقوم المسؤولون بتدقيق أوراقي وأعرض عامل بناء يقول إنَّه سمع أنَّهم قد ألقوا القبض عليَّ. وكذلك لم يكن بإمكاني في معظم الحالات التي لم يكن يسمح لي بها بالتصوير أن أصوِّر هذا المنع، ولو فعلت ذلك لكانوا سيمسحون الأفلام المصوَّرة. وكذلك لم يكن باستطاعتي عرض معارضة النظام الإيراني، شيرين عبادي في فيلم رسمي، ولو فعلت ذلك لكانوا سيبعدونني على الفور من إيران.
وعلاوة على ذلك التقيت في أوقات فراغي بمخرجين إيرانيين وبمدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان تم منعهم من تصوير أفلام. وكان لا بدّ لي من الاحتراس كثيرًا لكي لا يقوموا بإبعادي عن البلاد.
ثمة رجل في الفيلم يتحدَّث معك وهو مختفٍ خلف باب. فهل كان كثير من الأيرانيين خائفين من الظهور أمام الكاميرا؟
لوم: الكثيرون كانوا يخشون من ذلك. وفي هذه الحال قرَّرت الذهاب في عمارة سكنية في طهران من باب إلى باب وسؤال الناس أمام الكاميرا عما إذا كانوا قد كتبوا لأحمدي نجاد مرة ما. وقد امتنع الكثيرون عن الإجابة، وقال أحدهم من خلف الباب إنَّ "الكتَّاب أحرار هنا طالما لم يكتبوا أي شيء". وطلب بعضهم أجهزة الأمن.
هل كان يجب عليك عرض المواد التي صوَّرتها على السلطات الإيرانية؟
لوم: توجَّب علي عرض المواد التي صوَّرتها فقط على نائب الرئيس علي سعيدلو. وقد عرضت عليه تسعين في المائة من المواد المصوَّرة - ولم يكن معجبًا بها. وقال لمترجمتي إنَّني لست مخرجًا جيِّدًا. وبهذا انتهى مشروع فيلمي على أرض الواقع. فقد كانت السلطات الإيرانية تريد على ما يبدو فيلمًا دعائيًا.
هل شاهد نائب الرئيس الحوارات التي أجريتها في طهران مع الطلبة الذين يستهزئون بأحمدي نحاد وينتقدون سياسته الاقتصادية؟
لوم: فقط نصف هذه الحوارت.
وهل أزال الإيرانيون بعض المشاهد؟
لوم: مشهد واحد فقط؛ صوِّرت فيه مرارًا وتكرارًا مبنى في طهران رُسمت على جداره لوحة جدارية ضخمة للخميني. وعندما كنت أصوِّر من على السطح هذه اللوحة وكذلك المنظر الكلي حصلت لي مشكلة مع أجهزة الأمن، وذلك لأنَّ بعض الجنرالات يسكنون في هذا المبنى. ولذلك قامت الشرطة بمسح هذا المشهد.
لِمَ لم تصوِّر المنشآت النووية؟
لوم: لقد ذهبنا بطبيعة الحال إلى هناك! كما أنَّني وصلت إلى إيران قبل أسبوع من "اليوم الذرِّي"؛ فمنذ عام 2007 تحتفل إيران سنويًا باليوم الذي تم فيه تخصيب ما يكفي من اليورانيوم من أجل إنتاج وقود نووي.
وقد كنَّا في مدينة صغيرة وكنَّا نريد التصوير في "اليوم الذرِّي" في منشأة نطز النووية، حيث كان من المقرَّر أن يلقي أحمدي نجاد في هذا اليوم كلمة احتفالية. وطلبنا في الليلة السابقة من مساعد لنا في طهران إحضار تصريح للتصوير وإرساله بالفاكس إلى نطز.
وسافرنا أربع ساعات إلى هناك ووصلنا إلى المنشأة وقلنا إنَّ لدينا تصريحا ولكنَّنا نحتاج جهاز فاكسهم. وبطبيعة الحال امتنعوا عن ذلك ورفضوا مساعدتنا. وفي الأصل كان أحمدي نجاد بالذات هو الذي قال لمستشاريه إنَّه لا يفهم لماذا نركِّز على تبادل الرسائل وليس على المنجزات الكبرى الخاصة بالطاقة الذرِّية.
في الثالث عشر من شهر حزيران/يونيو سوف يواجه أحمدي نجاد انتخابات جديدة؛ فكيف تقدِّر فرص فوزه في هذه الانتخابات؟
لوم: يعرض الفيلم الجماهير التي تحتفل بأحمدي نجاد في المناطق الريفية، ولذلك من الممكن أن يترك هذا الفيلم انطباعًا خاطئًا بأنَّه يتمتَّع على وجه الإجمال بالكثير من الدعم الشعبي. وهذه المشاهد فاجأت بعض أصدقائي الإيرانيين. لا توجد لدي أرقام، بيد أنَّ أحمدي نجاد غير محبوب خاصة في طهران بسبب التضخّم المالي المرتفع والذي يبلغ أكثر من خمسة وعشرين في المائة.
وعندما كنت أسعى من أجل الحصول على تصريح للتصوير سألني البعض لماذا أريد تصوير فيلم حول الرئيس الإيراني غير المحبوب. غير أنَّ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي قال قبل ثلاثة أشهر إنَّ أحمدي نجاد سوف يتولَّى الحكم لخمسة أعوام أخرى. ومن الممكن أن يشكِّل هذا إشارة إلى نتيجة الانتخابات.
إيغال أفيدان
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: قنطرة 2009
ولد بيتر لوم في عام 1968 في براغ ودرس العلوم السياسية في تورونتو وهارفرد. وعمل معيدًا في جامعات أوروبية مختلفة في الفترة من عام 1998 وحتى عام 2004. ومن بين الأفلام التي أخرجها فيلم "Bride Kidnapping in Kyrgyzstan" عام 2004 وفيلم "On a Tightrope" عام 2007 وأخيرًا فيلم "Letters to the President"، أخرجه في كندا وإيران عام 2009 ومدَّته 74 دقيقة.
قنطرة
فيلم أصغر فرهادي "عن إيلي":
دراما اجتماعية..... رسائل إنسانية
منذ سنوات والسينما الإيرانية تجذب انتباه النقاد والمتخصصين في مهرجان برلين السينمائي. في هذا العام أيضاً استطاع الفيلم الإيراني "عن إيلي" أن يقنع لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي وأن ينال الدب الفضي عن أحسن إخراج. أريانا ميزا شاهدت هذا الفيلم الذي أخرجه أصغر فرهادي.
السينما في إيران بعد 30 عاما على الثورة:
بين التعبوية والرومانسية والواقعية
السينما الإيرانية التي كانت في السابق مشهورة جدًا وخلاَّقة والتي حصدت قبل بضعة أعوام أهم الجوائز السينمائية الدولية، صارت تحيطها الآن حالة من الهدوء في الغرب وفي جمهورية إيران الإسلامية. أمين فارزانيفار في عرض للسينما الإيرانية ونظرة على الماضي السينمائي الإيراني.
تحليل
انعكاس واقع المجتمع في السينما
تلاقي السينما الإيرانية نجاحا في الغرب بأفلام تطغى عليها صور الفقر في الأرياف. لكن أين هي الأفلام التي تعكس واقع الحياة داخل المدن في هذه البلاد التي تعاني التمزقات؟ حول صورة المجتمع الإيراني في السينما الإيرانية تقرير بيرغيت غلومبيتسا.