''الخيار العسكري لن ينجح في كبح جماح الحركة الاحتجاجية''
هل ينجح الخيار العسكري الذي اختاره نظام بشار الأسد في كبح جماح الحركة الشعبية المطالبة بالديمقراطية في البلاد؟
رضوان زيادة: بالتأكيد لا، فقد تم تجربة هذه الخيار العسكري في أكثر من مدينة سورية بما فيها مدينتا اللاذقية وبانياس فكان الرد على هذا الخيار العسكري أن خرجت مئات الألوف من الأهالي في تلك المدن ضد النظام في الأيام التالية. وبالتالي من يعتقد أن بعض مستشاري بشار الأسد قاموا بنصحه بأنه يمكن تجاوز المرحلة الحالية بنفس العقلية التي تعامل فيها النظام في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي، فهو مخطئ تماما. فهناك الكثير من الاختلافات محليا ودوليا. فعلى المستوى الوطني، الحركة الاحتجاجية اليوم ليست مركزة في مدينة أو مدينتين، كما في الثمانينات من القرن الماضي وإنما هي منتشرة اليوم في عشرات المدن والبلدات السورية.
كما أن كل هذه الحركات الاحتجاجية سلمية لم تستخدم العنف بأي شكل من الأشكال وهذا ما يكسبها التعاطف المحلي والإقليمي والدولي في حين في فترة الثمانيات استخدم العنف من قبل جماعات مسلحة كـ "الطليعة المقاتلة". وعلى المستولى الدولي تلعب الـ"ٍSocial media" أو الثورة التكنولوجية في نقل المعلومات دورا هاما بالرغم من أن النظام السوري يمنع أي وجود للصحفيين وللإعلام نهائيا لكننا نلاحظ كيف أن للفيسبوك والتويتر دورا في نقل هذه المعلومات إلى العالم الخارجي كما أن رد الفعل الدولي على الانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا حاليا كان سريعا. فنحن نتحدث حاليا عن فرض عقوبات على الأفراد الذين يقومون بإطلاق النار على المتظاهرين بما فيهم الرئيس السوري بشار الأسد وبالتالي تعد هذه المرحلة مرحلة نزع الشرعية القانونية والسياسية عن النظام وهذا لم يحدث آنذاك في الثمانينيات من القرن الماضي.
الدول الغربية أرسلت انتقادات للنظام السوري فيما يخص تعامله العنيف مع المحتجين، كما أنها تلوح بإمكانية فرض عقوبات على سوريا هل تنجح هذه العقوبات في الحد من العنف الذي تبعه النظام مع الحركات الاحتجاجية في البلاد؟
زيادة: نحن لا نريد فرض عقوبات على سوريا بقدر ما نريد فرض عقوبات على الأشخاص الذين أمروا بإطلاق النار على المتظاهرين بحيث تجمد أموالهم ويمنعون من السفر ويجب أن تأتي هذه العقوبات من قبل الأمم المتحدة لأنها سيكون لها الأثر الأكبر على المستوى الدولي وستكون رسالة موجهة إلى المحتجين بأنهم محميون وستعطي دعما كبيرا للحركة الاحتجاجية. لا نريد بأي شكل من الأشكال تدخلا عسكريا. ونريد أن تدعم جامعة الدول العربية مواقف السوريين لإجبار النظام على احترام حق السوريين في التظاهر السلمي وحقهم في المطالبة بتغيير النظام. الجامعة العربية دعمت سابقا سوريا للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وهو أمر مثير للسخرية. ويجب على الجامعة أن تدعم الجلسة القادمة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف يوم الجمعة القادم التي ستدعو إلى إرسال لجنة تحقيق دولية في عمليات القتل التي جرت مؤخرا في سوريا. وهذا ما نطالب به جامعة الدول العربية.
ما تفسيرك للصمت العربي حتى الآن حيال الوضع الحالي في سوريا؟
زيادة: لأن النظام السوري مختلف عن النظام الليبي حيث أنه يتمتع ببعض التأييد داخل جامعة الدول العربية إلا أنني أتوقع أن هذا الموقف سيتغير تماما الآن بعد عمليات القتل التي تجري داخل سوريا.
هناك أنباء عن استقالة أعضاء في حزب البعث في مدينة بانياس ودرعا، ما دلالة هذه الخطوة؟
زيادة: هذه خطوة ممتازة لأنها تظهر الانقسام .المؤسسات الوحيدة التي تقوم تقريبا بصنع القرار هي الدائرة الأمنية المصغرة المحيطة بالرئيس ليس هناك دور لمجلس الشعب ليس هناك دور لمجلس الوزراء أو غير ذلك من المؤسسات. يمكننا القول إن كل مؤسسات الدولة انهارت تماما وأن المؤسسة الوحيدة التي تتخذ القرار هي الدائرة الأمنية المصغرة المحيطة بالرئيس.
وماذا عن الجيش؟
زيادة: الجيش السوري هو جيش محترف ليس مثل الجيش المصري ولكنه ليس مثل الجيش الليبي أيضا، أي أنه منزلة بين المنزلتين. وبالتالي هناك أمل كبير لدى السوريين في أن يلعب الجيش دورا تاريخيا في حماية المتظاهرين. واليوم أطلقت مجموعة كبيرة من المعارضين في الداخل والخارج نداء إلى الجيش بأن يلعب هذا الدور عبر المبادرة الوطنية للتغير. التواجد الأمني والعسكري في المدن السورية كان يقتصر على ما يسمى بالفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري) والحرس الجمهوري وكلا الكتيبتين معروفتان بأنهما الأكثر إخلاصا للنظام السوري الحالي ولكن فرق الجيش الأخرى ستلعب دورا مهما في حماية المتظاهرين وربما في المرحلة الانتقالية القادمة.
أجرت الحوار: هبة الله إسماعيل
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011