فيلم "عايشين"... حياة بعد الدمار وأمل بعد موت
تم إنتاج فيلمك كعمل مشترك بينك وبين قناة الجزيرة للأطفال في قطر. فكيف نشأ هذا التعاون غير العادي؟
نيكولا فاديموف: اتِّصل بي منتج قناة الجزيرة للأطفال وسألني إن كنت سوف أوافق على تصوير مثل هذا الفيلم. وقبل ذلك كنت مرتين في قطاع غزة وقد وافقت على طلبه، بيد أنَّني كنت أريد أن أكون منتجًا مشاركًا لكي يتسنى لنا عرض الفيلم في دور السينما.
هل كان من الصعب الحصول على تصريح سفر إلى قطاع غزة؟
فاديموف: دخلت القطاع من دون مشاكل عبر معبر إيريز الإسرائيلي. وإسرائيل ليبرالية للغاية مع ممثِّلي وسائل الإعلام. ورسميًا يُسمح للمرء البقاء ثلاثة أو أربعة أيَّام في قطاع غزة. ولكن لأنَّني كنت أقوم بتصوير سبعة تقارير للقناة التلفزيونية السويسرية "TSR"، سمح الإسرائيليون لي البقاء أسبوعين.
ما هي التغيّرات التي لمستها في قطاع غزة؟
فاديموف : كان الدمار أكبر بكثير مما كنت أتوقَّعه بناءً على ما شاهدت من صور تلفزيونية. لقد وجدت منازلاً وحقولاً ومصانع مدمَّرة، خاصة في المناطق الواقعة مباشرة على امتداد الحدود مع إسرائيل. وهذه كانت أيضًا أوَّل زيارة لي إلى القطاع بعد استيلاء حركة حماس على الحكم. ولكن لقد كنت هناك بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب، كما أنَّ الناس كانوا ما يزالون في حالة صدمة، وكأنَّهم استيقظوا من كابوس. ولذلك تم تهميش الصراعات والشقاقات بين حركتي فتح وحماس.
في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير تم اعتقال صحفي بريطاني من قبل قوَّات الأمن التابعة لحركة حماس في قطاع غزة الذي تسيطر عليه هذه الحركة المسلحة منذ العام 2007. وقيل إنَّ هذا الصحفي قد عرَّض الأمن للخطر. فهل فرضت عليك حركة حماس في أثناء فترة عملك التي استمرَّت أسبوعين في قطاع غزة قيودًا أو أعاقتك في عملك؟
فاديموف: لا، لم تفرض علي أي قيود، ولم تتم متابعتي قطّ، واستطعت تصوير كلّ ما كنت أريد تصويره وحيثما كنت أريد ذلك. وعملت مع "مثبِّت صور" محلي، كان يعرِّفني على أشخاص أجريت معهم لقاءات وكان يرتِّب لي المواعيد. وجميعهم كانوا مستعدِّين للحدث معنا أمام الكاميرا.
هل كان الأشخاص الذين التقيتهم يقولون ما كنت تعتقد أنَّك سوف تتوقَّعه منهم؟
فاديموف: لنأخذ على سبيل المثال المشهد الذي يظهر فيه موسيقى الراب الشباب؛ لم يكن لدى هذا الشاب خوف من كاميرتنا، إذ إنَّه يقول ما يفكِّر فيه. وهو لا يفعل ذلك على الراديو؛ فالناس في غزة يفرضون الرقابة على أنفسهم، وذلك لأنَّه من الخطر جدًا الإدلاء برأي آخر مختلف عن رأي حركة حماس التي تسيطر على المجتمع وتفرض عليه الالتزام بسلوك إسلامي محافظ للغاية.
في فيلمك تلعب حديقة الحيوانات في غزة، والتي يتم فيها استبدال الحيوانات التي تموت جوعًا بحيوانات محنَّطة، دورًا رئيسيًا... فماذا عن هذه الحديقة؟
فاديموف: لقد صوَّرنا هناك أربع مرات. وهكذا تعرَّفنا على الشباب المتطوِّعين الذين يساعدون في العمل هناك. وعلى هذا النحو فقط تمكَّنا من تصوير هذا المشهد الذي يظهر فيه ثلاثة صبية يجلسون فوق أرجوحة ويتبادلون الحديث بكلِّ حرية. ويقول أحدهم إنَّه أكل اليوم فستق، وأمَّا الآخر فقد كان في المسجد. وفي هذه الأثناء تسقط القنابل في منطقة الحدود التي تم فيها حفر الأنفاق. وثم يبدأ الصبي بالشكوى؛ فهو يشكو من المعلمين الذين لا يوجد سبب لوجودهم ومن المدارس السيِّئة. وهكذا لن يكون في وسعه يومًا ما تحقيق حلمه في أن يصبح طبيبًا. وثم يتمنَّى أن يختفي اليهود. وصديقه يسأل ما علاقة هذا بالمستوى المدرسي. ويقول شاتمًا إنّ "اليهود سوف يشلِّون نظام التعليم"، ويحذِّر من أنَّهم جميعًا سوف يصبحون من دون التعليم انتحاريين.
تعمَّدت عدم استخدام التحليلات أو التعليقات الخاصة بك، كما أنَّك تركت أبطال فيلمك يعرضون أحيانًا صورًا عدائية نمطية عن الإسرائيليين. لماذا؟
فاديموف: فيلمي الوثائقي الأخير الذي أخرجته في عام 2005 بعنوان "الاتِّفاق L'Accord"، كان حول اتِّفاقيات جنيف، واستطلعت فيه آراء الإسرائيليين والفلسطينيين في هذا المشروع السلمي. وبعد ذلك أردت عدم إخراج أي فيلم حول الإسرائيليين والفلسطينيين، وذلك لأنَّه كان لدي انطباع بأنَّه لم يعد هناك ما أقوله بعد أن تم قول كلِّ شيء في هذا الصدد. والآن حان الوقت لأفلام الخيال. فنحن لسنا بحاجة للمعلومات، بل للقصص. وقد حاولت فعل ذلك هنا. وعلى الرغم من أنَّ هذا الفيلم يعتبر فيلمًا وثائقيًا، إلاَّ أنَّه يروي قصة بعض الناس.
هل يتم عرض فيلمك في قطاع غزة؟
فاديموف: قدَّمت مدينة جنيف الدعم للفيلم واقترحت القيام بذلك. وفي نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2009 عرضنا الفيلم ثلاث مرَّات في صالة جمعية الهلال الأحمر. وفي كلِّ مرة كانت الصالة مليئة بالحضور، وجميع أبطال الفيلم أتوا واستمتعوا بمشاهدة أنفسهم وأصدقائهم ومعارفهم على الشاشة. وكان الناس يضحكون ويغنّون مع فرقة موسيقى الراب. وكان الجو رائعًا. وآمل أن يتم عرض الفيلم في إسرائيل وفي الضفة الغربية.
هل جلس الرجال والنساء سوية؟
فاديموف: بكلِّ تأكيد، كانوا يجلسون سوية في جميع العروض، وربما لأنَّ المكان الذي تم فيه عرض الفيلم يعتبر علمانيًا أو لأنَّ حركة حماس لا تريد التشدّد في هذا الفصل.
هل تعتقد أنَّ بإمكان فيلمك أن يؤثِّر بشكل إيجابي على الوضع الذي وصل إلى طريق مسدود بين إسرائيل وحماس؟
فاديموف: عندما كان عمري عشرين عامًا كنت أعتقد أنَّ بإمكان الأفلام تغيير شيء ما. ولكنني الآن لم أعد متأكدًا من ذلك. وعندما تفتح الأفلام أعين الناس في إسرائيل وفي فلسطين، فعندئذ يستطيعون رؤية الناس خلف النزاع. ليشاهدوا على سبيل المثال أنَّ مسلَّحي حركة حماس ليسوا الوحيدين الذين يعيشون في قطاع غزة، بل إنَّ هناك أيضًا ناسا عاديين يعيشون في القطاع. وهذا ما أردت إظهاره في فيلمي.
أجرى الحوار: إيغال أفيدان
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: قنطرة 2010
قنطرة
التوغل البري للقوات الإسرائيلية في غزة
"حان الوقت لحماية إسرائيل من نفسها"
يري المحلل السياسي بيتر فيليب في تعليقه أن التوغل البري للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لن يجلب حلولا للمشاكل السياسية القائمة بين إسرائيل وحركة حماس ويطالب العواصم الغربية المؤيدة لإسرائيل بممارسة الضغوط بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة جديد.
الفيلم الفلسطيني "المرّ والرمَّان" للمخرجة نجوى نجَّار:
فيلم التناقضات....عالم الغرائبيات
"المرّ والرمَّان" هو اسم الفيلم الفلسطيني الذي نال إعجاب المشاهدين أثناء عرضه في المهرجان السينمائي البرليني. وهذا الفيلم يصوِّر حياة الفلسطينيين العادية بكل تعقيداتها السياسية والاقتصادية في زحمة الصراع الشرق الأوسطي. أنتيه باور شاهدت الفيلم وكتبت عنه هذه القراءة.
فيلم " الجنة الآن" للمخرج هاني ابو اسعد:
قصة شابين يقومان بعملية انتحارية
عرض في مهرجان برلين السينمائي مؤخرا فيلم" الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد، وهو أول فيلم يتحدث عن الإنتحار وفلسفته في العمل السياسي. إيغال أفيدان اجرى حوارا مع المخرج.