"في بوليود ينتصر الحب دوماً"
سيد شاروخان، هذه هي مشاركتك الثانية في مهرجان برلين السينمائي. والفيلم الذي تشاركُ به هذه المرة وهو فيلم "اسمي خان" يتناول تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برج التجارة العالمي. هل تَتذكر أينَ كنت في ذلك اليوم؟
شاروخان: كنتُ في نيويورك مع والدةِ مُخرجي، وزوجتي وابني الصغير. وكان من المفروض أن أجري لقاء بمناسبةِ العرض الأول لفيلم "الأمير أشوكا" بينما كان على باقي الفريق أن يسافروا إلى تورونتو قبلنا بأربع ساعات. أيْقظتْني والدةُ صديقٍي، كاران، وأشارتْ إلى التلفاز، فاعتقدتُ أنَّ الأمر يتعلق بالطائرة التي أقلت الفريقَ إلى تورنتو. وفي الطابق الأسفل كانتِ الصحافة في انتظاري لإجراء الحوار. ولمّا سألتُ هناك عمّا جرى أدركتُ عندها ما وقعَ بالفعل. وبعد ذلك بقيت أنا وأسرتي أربعة أيام قبل أن نتمكن من المغادرة إلى تورونتو، ومنها عدت إلى بلدي. فالرحلات كلها كانت ملغاة.
لم يتمكن أحد من المغادرة؟.
شاروخان: أجل! طلبنا إذناًَ خاصاًَ، وسألنا أشخاصا من ذوي النفوذ، فتفهّموا الأمر وسمحوا للأسرة بالمغادرة جواًَ خاصة لوجود أم وأطفالها. هكذا غادرنا إلى البلاد. لقد كنا جميعاًَ متأثرينَ جداًََ بما حدث.
كيف كانت ردةّ فعلك عندما تأكّدَ أن منفذي الهجمات متطرفون إسلاميون؟ أنت مسلم. كيفَ أثرت فيك هذه الأحداث؟
شاروخان: أنا لا أفكر في التطرف بهذا الشكل، الذي يدفعني إلى البحث عن صفة أخرى لوصفه. مثل، هذا متطرف يهودي، وهذا متطرف إنجليزي، وهذا متطرف أمريكي، وهذا متطرف هندوسي، وهذا متطرف إسلامي. المتطرف هو دوما متطرفًَ؛ وبِمجرد إضافة صفة أخرى تبحث في خلفيته، نكون على الطريق لإثارة المشاكل في قلوب العالم وعُقُوله.
أنا كإنسان عادي، كما آمل أن أكون علاوة على كوني نجما سينمائيا، عندما أستمع إلى نشرة الأخبار، وأسمع أن شخصا ما قام بعمل سيء ومن ثم أسمع وصفا إضافيا له على أساس خلفيته، أو حتى لو قام بعمل جيد، سأضرب لك مثالا، بورس بيكر هو أحد أحب لاعبي التِنسٍ إليّ، وعندما نقول لاعب التنس الألماني، بوريس بيكر، فإنني أستنتج من ذلك أن في ألمانيا لاعبي تنس عظماء. وهذا أمر جيد ومَدعاةٌ للفخر حقاًَ. إنني متأكد أنّ هناك أطفالاًَ كثيرين يرون في ذلك شيئا عظيما. عندما أسمعُ "المنتخب الألماني لكرة القدم" أو "لاعب التنس الألماني" فأفكرّ، مباشرةًَ، في شيئين أنَّ الألمان رياضيون جيدون. هذا ما يتبادر إلى ذهني.
هذا ربطٌ جيد.
شاروخان:أجل! هذا ربطٌ جيد، لكن عندما نستحضر ربْطاًَ سيئاًَ عندما يُقال، مثلاًَ: "قاتل ألماني" أو "مغتصب هندي" عندها، يختمر في عقولنا شيء ما.
إذن الربط يتجه نحو أمةً بأسرها.
شاروخان: أجل إن ذلك يروج لفكرة عن بلد، أو مجموعة أو أمة بأكملها. وهو أمر خاطئ. لما رأيت العمليات الإرهابية، فكرت فيها كأي شخص آخر، كعمل إرهابي. ليس بالتصرف الجيد لأن عديدا من الناس لقوا حتفهم بسببها. وكان بالإمكان أن أكون أيضا واحدا من الضحايا أو زوجتي أو ابني. زوجتي هندوسية وابني يترعرع في ظل الهندوسية والإسلام وأنا مسلم. وخصوصا الأبرياء هم الذين يسقطون في هذه العمليات. إنني لا أستطيع أن أصف هذه الأعمال الإرهابية وكل أشكال العنف الصادرة عن المتطرفين في العالم إلا بالعبثية. بكل بساطة إنها أعمال عبثية، لا معنى لها.
ردة فعل العالم على ذلك، ما الذي كان جيدا فيه وما الذي كان سيئا؟ لقد كانت هناك عمليات انتقامية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر
شاروخان: لا أريد الاستمرار في الحديث عن السياسة. طبعا الرد الإنساني الطبيعي يقول": تضربني أضربك! وبين الضربتين يعاني الكثير من الناس. لكن عندما يكون هناك عنف، سواء عن حق أو عن غير حق، من الطبيعي أن أرد عليك إن أسأتي إليّ. وفي ظل هذه السيرورة يقضي الكثير من الأبرياء حتفهم. إن موت الأبرياء الذي نراه أيضا في الأفلام، موت الأبرياء لا يمكن تبريره وذلك لسبب إنساني محض.
الموت الطبيعي هو الطريق الإلهي. لكن موت الأبرياء غير المبرر وغير الطبيعي لا يمكن السماح به من وجهة النظر الإنسانية. طبعا يشعر الإنسان بامتعاض لموت الأبرياء أمام ردود الفعل هذه ، بغض النظر عن الجهة التي تصدر عنها. لكن يتوجب إدانة الجهتين معا..
كما سمعت فإن ذلك يحدث الآن في أرجاء واسعة من الهند. فيلمك الجديد يعرض الآن لأول مرة وبعض الناس غاضبون من بعض تصريحاتك.
شاروخان: إنه سوء فهم. ويمكنني أن أوضح ذلك. أتساءل فقط لماذا يتم هذا الخلاف معي حول الفيلم. الفيلم بذاته شيء آخر، وبه ترتبط حياة خمسمائة شخص. كان من المفروض أن أكون هنا لأتحدث عن فيلم هندي أنجزناه ويعرض في مهرجان برلين. إنه أمر يحرجني. إنني أعمل لجمهور الواسع، هذه مهنتي، التواصل مع الناس. ونيتي إذن أن أصل إلى الناس عبر أفلامي، وعلى الجمهور أن يقبل ما أقدم أو يرفضه. إما أن يحبوا الفيلم أو لا يحبونه. القضية كلها أحزنتني. وكما قلت أتمنى أن تحل هذه القضية بطريقة سلمية وعقلانية. أنا لست من أنصار العنف. وأنا سعيد أن الناس فهموا ذلك أو سيفهمونه. لكني لن أسمح أبدا لغروري الشخصي أو لاحترام الذات المبالغ فيه أن يعترض الطريق لحوار عادي. إذا كنتم لا تحبون ما قلته؟ فعلا؟ جيد، لا مشكلة. أما عدا ذلك فهو عبثي ولا معنى له.
فيلم "اسمي خان" يتناول كل تلك المشاكل. ورسالته تقوم على رفض كل الأحكام المسبقة ضد الناس، بغض النظر عن معتقداتهم وقومياتهم. رسالة الفيلم تقول: دعونا نعيش في سلام وتسامح وتفاهم ، وليسامح كل منا الآخر.
شاروخان: أعتقد أن الرسالة الأساسية للفيلم هي أنه عندما تكون هناك مشاكل بيني وبينكِ مثلاً لأسباب عقائدية أو دينية، فالأحرى أن تدعنيي أشرح لكِ ديني، قبل أن ينشب بيننا شجار. وأعتقد في تسعة وتسعين في المائة من الحالات إنكِ سوف تقولين لي: نعم ، فهمت ماذا يعني هذا. إذن ليس لدي مشكلة. أو أنك ستقولين لي. الآن فهمت مشكلتك. إذن يجب أن
علينا أن نتحاور.
شاروخان: نعم، إنه واجب كل إنسان. عندما يُشكك في دينكَ أو في المنطقة، التي تنحدر منها، لابد من الشرح. لا تتخذ موقفاً دفاعياً وتقول نحن الأفضل، بل وضّح. أعتقد أنه من واجبي كمسلم وكإنسان عندما تسألينني عن الإسلام شيئاً أن أقول لك كل ما أعرفه عن هذا الدين وعن مدى تسامحه وجماله.
كل هذا الذي قلته جزء من فيلمك، وهو فيلم هندي بالطبع، فيلم من بوليوود. وسوف تثير مشاهدة فيلم كهذا استغراب عدد كبير من المشاهدين. ولكن دعنا نعود إلى سؤالي الأخير. الفيلم يُعرض في البرنامج الرسمي للبرليناله...
شاروخان: حقا؟
ولكنه لن يشارك في المنافسة، أي أنك لن تحصل على الدب الذهبي.
شاروخان: حسناً، فأنا كنت متخوفاً بعض الشيء.
الفيلم سيفاجئ كثيرين. ما هي ردود الفعل حتى الآن، وماذا تتوقع؟
شاروخان: ها نحن نفعلها مجدداً. نحن نقحم الأمور سريعاً في خانات بعينها، ونقول هذا فيلم من بوليود، ونحكم عليه أنه يمثل نوعا معينا من الأفلام. الميزة في ألمانيا أن هناك أناساً كثيرين شاهدوا أفلام بوليود. ولكن هناك ثمانمائة وخمسة وتسعون فيلماً من بوليود لا يعرفونها. في الهند تُعرض الأفلام التي تعود بإيرادات ضخمة، أما الأفلام الصغيرة، المثيرة، وربما الجادة فلا يراها أحد، بخلاف من يعمل في مجال السينما. من مهام عملي أن أرى هذه الأفلام. أما الناس العاديون فليس لديهم مجال لرؤيتها. يُقال الكثير عن بوليود.
وعن هذا الفيلم يُقال إن مخرجه Karan Johar، أكبر صانع للأفلام التجارية، تعاون فيه مع أنجح ممثليْن. إذاً يتوقع الجميع أن يكون الفيلم كذا وكذا. ولكن كل ما هنالك أننا أردنا التعبير عن مرحلة وصلنا إليها في حياتنا. الفيلم الأول، الذي جمعنا، تناول الصداقات في الجامعة. نحن لم نكن آنذاك في الجامعة، ولكن كان لدينا هذا الشعور. والآن صنعنا فيلماً عن مدرسة الحياة. ولا فرق بين الموضوعين، اللهم أن الجامعة أصبحت أكبر، أصبحت جامعة في عصر العولمة. ومازال هناك هذا الشاب وهذه الشابة، اللذان يلتقيان. فنحن نظل صغاراً بالنسبة إلى هذا العالم الكبير. نحن نرغب في إظهار الأشياء، التي مازال يتعين على العالم أن يتعلمها. تعلمنا في الجامعة أن الحب دوماً يتغلب على جميع العقبات. ومازلنا نتعلم أن الغلبة دوماً للحب. من الأمور المميزة لبوليود أن الحب دوماً ينتصر. ليس المغنى ولا الرقص هو الأساس. الأساس هو الحب، الذي ينتصر على كل شيء. الهند تعني الحب، الذي يتغلب على كل شيء.
أجرت الحوار: مونيكا جونز
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010
قنطرة
مقابلة مع العالم الهندي مولانا قلبه صادق:
التعليم هو أصعب التحديات التي تواجه مسلمي الهند
مولانا قلبه صادق الذي يعتبر أحد كبار علماء المسلمين الشيعة في الهند يحدثنا في هذه المقابلة عن المفاهيم التعليمية لعلماء الإسلام في الهند وجهادهم المرير لمواجهة التحديات المعاصرة التي يواجهها المسلمون. مقابلة أجراها يوغيندا سيكاند.
هجمات مومباي الإرهابية:
"عسكر طيبة" وراء أحداث "سبتمبر الهندية"؟
دأب الجيش الباكستاني على مدى سنوات طويلة على دعم جماعات باكستانية تتسم بالتشدد والتطرف لتوظيفها ضد الهند. واحدى هذه الجماعات جماعة "عسكر طيبة"، حيث يشار إليها بأصابع الاتهام بالوقوف وراء هجمات مومباي الإرهابية، عاصمة الهند الاقتصادية. يوخين فوك يلقي نظرة على هذه الجماعة ودورها المحتمل في هذه التفجيرات.
فيلم "رُبّان الطائرة الورقية"
هوليود باللغة الفارسية (دري)
أثار فيلم"الطائرة الورقية" المأخوذ من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الافغاني خالد حسيني حفيظة الأفغان كونه يتعرض لمواضيع حساسة كالتوتر الإثني وجرائم الاغتصاب وذلك على الرغم من حرص صانعي الفيلم على دقة التفاصيل والمعلومات. تقرير أمين فارزانيفار