التزام بالرموز الدينية، وارتباط ضعيف بالمؤسسات الإسلامية

"فرنسيون مثل الآخرين؟" عنوان دراسة عن "مركز دراسات الحياة الفرنسية" Cevipof . يسعى الباحثون في هذه الدراسة إلى تتبّع جذور السلوك السياسي والديني للفرنسيين من ذوي الأصول العربية والإفريقية والتركية وتصوراتهم عن القيم والآداب.

يدل اختيار المجموعة المعنية - مهاجرون من الجيل الأَوّل والثاني والثالث قادمون من بلدان مغاربية ومن غرب أَفريقيا ومن تركيا - على أَنّ الأَمر يتعلّق هنا بالمهاجرين أَو بأَبنائهم ممن لديهم خلفية إسلامية. ومع أَنّ معدي الدراسة لا يشيرون إلى التبعية للإسلام بصراحة، إلاّ أَنّها تشكّل كما يبدو الأَساس للأَسئلة المطروحة.

إنّ كل الخاضعين لهذا الاستفتاء هم مواطنون فرنسيون. يبلغ عدد كل الأَشخاص، الذين توافقت فيهم الشروط المذكورة 1003 أَشخاص؛ وقد تم اختيارهم من مجموعة أَولية كبيرة كـ"ممثلين" وتم استفتاؤهم في شهري نيسان/أَبريل وأَيار/مايو 2005. وكذلك تم استفتاء أَلف وستة أَشخاص فرنسيين ليس لديهم أصول أَجنبية وذلك من أَجل المقارنة مع مجموعة المستفتين ذوي الأصول الأَجنبية.

أحكام مسبقة على المحك

يقول فينسينت تيبيرج، الباحث المشارك في هذه الدراسة الشاملة إنّها "تشكّك في بعض الأَحكام المسبقة". كما لم تتمكّن النتائج من أَنْ تؤكد على وجود التصوّر الذي تنامى في الفترات الأَخيرة والذي يفيد بازدياد الالتزام بالإسلام.

لقد وصف 20 بالمائة من الفرنسيين ممن لهم أصول أَجنبية-إسلامية أَنفسهم بادئ ذي بدء في هذه الدراسة، بأَنّهم يعتبرون أَنفسهم "من دون دين" (مقابل 28 بالمائة من الفرنسيين ذوي الأصول الفرنسية).

ومن بين من يعتبرون أَنفسهم مسلمين أَوضح ما نسبته 21 بالمائة، أَنّهم يتردّدون بشكل منتظم - مرة أو مرتين في الشهر - على المساجد. وقال ما نسبته خمسة بالمائة فقط إنّهم يريدون إرسال أَبنائهم إلى مدرسة خاصة لتعليم القرآن.

من ناحية ثانية أَوضح ثمانون بالمائة من مسلمين خضعوا للاستفتاء، أَنّهم يلتزمون بصيام شهر رمضان - وهي حقيقة يمكن التحقق منها حاليًا بشكل عملي، وهي تزداد لدى الأَجيال الشابة بالقياس مع ذويهم من الآباء والأمهات، يعود ذلك بشكل رئيسي لتملكهم إرادة لانتماء اجتماعي لمجموعة ما أَيضًا وللتضامن مع الصائمين الآخرين.

الزواج بغير المسلمين

وبالتالي صرّح 81 بالمائة أَنّهم يريدون الحج إلى مكة. وعليه يمكن القول، إنّ هناك التزام بالرموز التي تثبت الهوية الدينية، بينما يسود في الحياة اليومية ارتباط ضعيف بالمؤسسات الدينية.

لا تزال هذه الأَرقام متطابقة مع أَرقام الدراسات الضخمة الأَخيرة والتي أُجريت عن المسلمين في فرنسا في شهر أَيلول/سبتمبر 2001 بتكليف من الصحيفة الباريسية لوموند.

إذ قال حينها 21 بالمائة ممن خضعوا للاستفتاء - من المقيمين في فرنسا ولهم خلفيات عائلية مسلمة - إنّهم يترددون على المساجد بصورة منتظمة. وأَوضح 21 بالمائة أَنّهم غير مؤمنين ("من دون دين" أو أَنّهم فقط مسلمون بحكم التقاليد العائلية)، و42 بالمائة مؤمنون من "دون التزام بأَحكام الدين" و36 بالمائة "مؤمنون ويلتزمون بأَحكام الدين".

وعلى مستوى القيم والعادات الاجتماعية أَوضح ما نسبته 65 بالمائة من الخاضعين للاستفتاء، أَنّه ليس لديهم مشكلة، إذا ما تزوّج أَحد أَبنائهم بامرأة غير مسلمة أو بناتهم برجل غير مسلم. بينما أَجاب 39 بالمائة إنّهم "لا يوافقون" على أَنْ تكون الجنسية المثلية "شكل مقبول من أَشكال ممارسة الفرد الجنس".

منافسة بين الأقليات

كما لوحظت أَحكام مسبقة شديدة ضد المواطنين اليهود ونفور منهم بين بعض المسلمين الخاضعين للاستفتاء، حيث أَقرّ 39 بالمائة (بالمقارنة مع 21 من المجموعة الأخرى) بأَنّ لدى اليهود "الكثير من السلطة في فرنسا".

بيد أَنّ هذه الظاهرة المثيرة للشك لا تعتبر بالضرورة معاداة للسامية، إنما كذلك تعبير عن "منافسة بين الأَقليات من أجل اعتراف اجتماعي"؛ منافسة بدأَت في الواقع - حيث يوجّه قسم من المهاجرين وأَبنائهم أَصابع الاتهام إلى اليهود معتبرينهم أَقلية وهمية معترف به، تحتكر لنفسها وضع الضحية والحاجة إلى الحماية من التمييز.

أَما فيما يتعلّق بعلاقتهم بالقوى السياسية في فرنسا، فإن الفرنسيين ممن لهم أصول مسلمة وأَجنبية يميلون إلى مختلف الأَحزاب اليسارية أَكثر من الفرنسيين ممن ليس لهم جذور أَجنبية.

إذ أَوضح 76 بالمائة من الفرنسيين ممن لهم أصول مسلمة وأَجنبية أَنّهم يميلون فكريًا إلى إحدى الأَحزاب اليسارية (الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الحزب الشيوعي، التروتسكيين)، بالمقارنة مع 54 بالمائة في المجوعة الأخرى.

وفي الواقع يرجع السبب الرئيسي لذلك إلى التركيبة الاجتماعية للمواطنين المهاجرين، فمعظمهم عمال ومن صغار الموظفين أَكثر من باقي سكان فرنسا. ومع التشابه في الوضع الاجتماعي لمن خضعوا للاستفتاء تتلاشى الاختلافات.

بقلم برنارد شميد
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

مكان لذكرى مائة عام من الهجرة
يثير موضوع المسلمين في فرنسا جدلا واسعا في الشارع السياسي والإعلامي الفرنسيين، إلا ان الكاتبة الصحافية ماري-انج دآدلير إلتقطت زاوية متميزة للتعبير عن رأيها، إذ بحثت في تاريخ مقبرة للمسلمين في إحدى ضواحي باريس.

المسلمون في أوروبا – خريطة التمييز
أصدر اتحاد هلسنكي العالمي تقريرا عن المسلمين كضحايا لعدم التسامح في الاتحاد الأوروبي منذ إعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. ويشير التقرير إلى تزايد التمييز ضد المسلمين في العديد من الدول الأوربية، إلا أن هناك تطورات إيجابية أيضا

وزير من أصل عربي في قصر الإليزيه
يعكس عزوز بقاق في أفلامه ورواياته لوحات من حياته الخاصة ويهدف إلى حث المهاجرين على العمل الجاد في المجتمع. عزوز بقاق حقق نجاحاً باهراً في حياته العملية كوزير وباحث وروائي.

www

ملخص الدراسة "فرنسيون مثل الآخرين؟" (باللغة الفرنسية) "