تغليب مصر وتركيا للمصلحة على الخلاف؟
الصورة من الأرشيف - وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار) ووزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو (يمين). مصر وتركيا تنهيان مباحثات "صريحة ومعمقة" في القاهرة: أعلنت مصر وتركيا الخميس 06 / 05 / 2021 -في بيان مشترك في ختام لقاءات استمرت يومين في القاهرة بهدف إعادة الحياة إلى العلاقات بين الجانبين- أنّ المباحثات كانت "صريحة ومعمقة".
وقال البيان إنّ المباحثات "كانت صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط".
ترأس هذه المباحثات "الاستكشافية" نائب وزير الخارجية المصري حمدي سند لوزا ونظيره التركي سادات أونال.
وقال البيان إنّ الجانبين سيقيّمان نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة.
ومهدت تركيا لهذه الزيارة قبل شهرين عن طريق إجرائها أول اتصال دبلوماسي مع المصريين منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في العام 2013، كجزء من خطة أوسع لتحسين علاقاتها مع دول عدة في الشرق الأوسط.
وتوترت العلاقات بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان منذ قيام الأول، عندما كان قائدا لجيش بلاده عام 2013، بالإطاحة بالرئيس مرسي من الحكم وسط تظاهرات شعبية حاشدة ضده.
تركيا ومصر تغلّبان المصالح على الخلافات (محللون)
يرى محللون أن عودة العلاقات بين تركيا ومصر إلى سابق عهدها مسألة تحتاج بعض الوقت في ظل أجواء عدم الثقة على الرغم من بدء ذوبان جليد التواصل بين البلدين المركزيين في المنطقة بعد عقد من الربيع العربي.
وانعكس هذا التقارب في زيارة بدأها وفد تركي الأربعاء 05 / 05 / 2021 إلى العاصمة المصرية لأول مرة منذ ما يقرب من عشر سنوات لعقد "مشاورات استكشافية" بين الطرفين لبحث تطبيع العلاقات، بحسب ما نقل صحافيون في فرانس برس.
وأكد بيان مصري رسمي استئناف المشاورات في اليوم التالي الخميس.
ومهدت تركيا لهذه الزيارة قبل شهرين عن طريق إجرائها أول اتصال دبلوماسي مع المصريين منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي المنتخَب محمد مرسي في العام 2013، كجزء من خطة أوسع لتحسين علاقاتها مع دول عدة في الشرق الأوسط.
وفي وقت تواجه كل من أنقرة والقاهرة المزيد من الضغط الأميركي في ظل الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن، مدّت العاصمتان أغصان الزيتون إلى جيرانهما.
وتوترت العلاقات بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان منذ قيام الأول، عندما كان قائدا لجيش بلاده عام 2013، بالإطاحة بمرسي من الحكم بعد تظاهرات شعبية حاشدة ضده.
وعززت إعادة العلاقات بين مصر وقطر في كانون الثاني/يناير 2021، بعد أربع سنوات من الحصار الخليجي للدوحة الذي شاركت فيه القاهرة إلى جانب الإمارات والسعودية والبحرين، الجهود المبذولة نحو المزيد من الدبلوماسية الإقليمية.
وقال عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية في الإمارات لوكالة فرانس برس "ما أصبح واضحا لمصر.. هو أنه من الصعب على أي قوة إقليمية الفوز عبر ضربة قاضية"، مشيرا إلى أن الأسلم هو الاكتفاء بـ"تسجيل نقاط".
وأضاف "الالتقاء في منتصف الطريق كاف في هذه الحالة.. لكن الوضع متقلّب ويمكن أن يشتعل مرة أخرى".
لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري لم يبدِ الحماس نفسه في القاهرة لتقارب البلدين، وقال في تصريحات أمام البرلمان المصري في آذار/ مارس الماضي "الأقوال وحدها لا تكفي لا بدّ أن تكون الأقوال مقرونة بأفعال".
ويرى الباحث المقيم في القاهرة نائل شما والذي ألّف كتابا عن السياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيسين المصريين المخلوعين مبارك ومرسي أن "هناك قدرا كبيرا من عدم الثقة كانت تغذّيها ثمانية أعوام من العداء العلني، لذا تشعر مصر بالتردد".
بعد الربيع العربي، أصبحت إسطنبول ملاذا لبعض منافذ الإعلام العربية التي تنتقد حكوماتها من الخارج، وخصوصا للمصريين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين التي كان مرسي ينتمي إليها، وحظرتها السلطات المصرية وصنّفتها "إرهابية" منذ نهاية 2013.
في آذار/مارس 2021، طالب مستشارو إردوغان مضيفي البرامج الحوارية المصريين مثل معتز مطر ومحمد ناصر، المحكوم عليهما غيابيا بواسطة القضاء المصري بالسجن لمدة عشر سنوات، بتخفيف حدة انتقاداتهم للرئيس المصري.
واضطر هؤلاء لإنهاء برامجهم وتوديع جمهورهم، علما بأنهم يحظون بملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما في وسائل الإعلام المصرية وخصوصا الموالية للسيسي فإنه لا يزال يتم وصف هؤلاء الإعلاميين التابعين للإخوان المسلمين بأنهم "خونة" و"إرهابيون".
ويقول أستاذ السياسة العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة إبراهيم عوض لفرانس برس إن "مطالبة تركيا للمعارضة المصرية بوقف حملتها (الإعلامية) ضد الحكومة المصرية هو أمر هام للغاية بالنسبة لمصر".
إلا أنه شكّك في مسألة تسليم بعض الشخصيات مثل مطر وناصر إلى مصر وقال "الوصول إلى ذلك الحد قد يقوض مصداقية النظام التركي وإردوغان بشكل كامل".
وكثيرا ما صرّح إردوغان بدعمه وتضامنه مع رموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وظهر ذلك عن طريق التلويح بيده بعلامة الأربعة أصابع خلال المسيرات الشعبية وسط أنصاره في الأعوام الماضية، كنوع من التحية لمئات من أنصار مرسي الذين قتلوا أثناء قيام السلطات الأمنية المصرية بفض اعتصامهم في القاهرة في آب/أغسطس 2013.
لكن عوض أشار إلى أنه إذا استمر التطبيع بسلاسة، فإنه على المدى الطويل "يعزز مكانة مصر.. في الشرق الأوسط".
واستعرض مقدم البرامج الحوارية المصري الشهير عمرو أديب ليل الإثنين خبر زيارة الوفد التركي إلى مصر.
وطالب أديب المصريين في برنامجه الذي يعرض على قناة "إم بي سي مصر" الفضائية بمتابعة وجود الوفد التركي في البلاد وقال "انظر كيف تتغير الدنيا.. إذا توصلنا إلى تفاهم كان بها".
ويقول عبد الله "سيستفيد الجميع من نزع فتيل التوترات الحادة في المنطقة، بما في ذلك فك الارتباط في المناطق الساخنة وعلى رأسها ليبيا".
وأضاف "الإمارات ليست مجرد داعم لمصر، إنها تشجع على تهدئة أي اشتعال" للتوتر.
وكان الصراع قد امتد بين مصر وتركيا إلى ليبيا الغنية بالنفط، والتي انزلقت إلى الفوضى في أعقاب انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي.
لكن منذ اختيار عبد الحميد الدبيبة كرئيس وزراء مؤقت هذا العام 2021 في عملية انتخابية برعاية الأمم المتحدة، أبدت القاهرة وأنقرة مزيدا من الانفتاح باتجاه حل النزاع.
ويرى بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية التابع للدولة، أن تعاون القاهرة وأنقرة في ملف ليبيا "سيكون له تأثير غير مباشر وستكون العلاقات أفضل مع السعودية وإسرائيل والإمارات واليونان".
وقال "من السهل جدا في السياسة أن تهاجم دولة في يوم ما وأن تجلس وتحد من خلافاتك معها في اليوم التالي.. هذا ما يحدث الآن".
زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التركي إلى السعودية الأسبوع التالي
ويخطط وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو للتوجّه إلى السعودية الأسبوع التالي، في أول زيارة من نوعها منذ قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، وفق ما أفاد مسؤول فرانس برس الخميس 06 / 05 / 2021.
ولم يتم بعد تحديد موعد الزيارة الرسمية التي ستكون الأولى لوزير الخارجية التركي إلى المملكة منذ العام 2017، بحسب المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
وتأتي الزيارة في وقت تحاول تركيا ردم الهوة مع خصومها الإقليميين بما في ذلك مصر، التي بدأ سادات أونال، نائب تشاوش أوغلو، زيارة إليها الأربعاء 05 / 05 / 2021 تستمر يومين.
وتدهورت علاقات أنقرة والرياض بدرجة كبيرة على خلفية مقتل خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وقُطّعت أوصال الصحافي الذي كان يكتب مقالات تنتقد الحكومة السعودية في "واشنطن بوست"، داخل قنصلية المملكة في إسطنبول حيث توجّه للحصول على وثائق لإتمام زواجه من خطيبته التركية.
ولطّخ قتله واختفاء جثته سمعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزجّ بالرياض في أزمة دبلوماسية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حينذاك إن الأوامر بقتل خاشقجي صدرت عن كبار المسؤولين السعوديين.
كما حاكمت تركيا غيابيا مساعدَين مقرَّبين من ولي العهد السعودي إضافة إلى 24 مشتبها آخر.
لكن تركيا تتخذ خطوات لإصلاح علاقتها مع السعودية التي تعد شريكا تجاريا مهما.
وتحدّث إردوغان الثلاثاء 04 / 05 / 2021 هاتفيا مع الملك سلمان، لكن لم تنشر تفاصيل المكالمة. أ ف ب
[embed:render:embedded:node:43637]