عبد الرزّاق قرنح عن "حيوات أخرى" والنفاق الاستعماريّ
يروي الكاتب عبد الرزّاق قرنح في حديثه مع BBC، ضمن برنامج «تاريخ العالم في مئة قطعة»، لحظة عثوره على قطع من الخزف الصينيّ في شبابه في زنجبار؛ "تدرك مع مرور الوقت، عندما تذهب إلى المتاحف أو تسمع قصصًا متواصلة عن أساطيل حربيّة صينيّة عظيمة وصلت إلى شرق أفريقيا، أنّ هذه القطعة تكتسب قيمة أكبر وتصبح علامة على شيء أكثر أهميّة: وهو الرابط. عندها تنظر إلى القطعة نفسها، وتراها مكتملة، وتحسّ وزنها وتدرك جمالها؛ وذلك ما يجعل إدراك الحضور أمرًا لا مفرّ منه، أي الحضور الدائم عبر قرون لثقافة بعيدة كلّ البعد عن شرق أفريقيا، لثقافة كالثقافة الصينيّة".
يمكن التفكير بقرنح بصفته كاتبًا زنجباريًّا، أو كاتبًا شرق أفريقيّ، أو كاتبًا أفريقيًّا، أو شخصًا يكتب عن عوالم المحيط الهنديّ، وكذلك كاتبًا بريطانيًّا يعالج قضايا ملحّة في عصرنا كالذاكرة، وصناعة المكان-الوطن، والاستقرار وإيجاد المساحة للذات. وكشظايا الخزف الصينيّ، كذلك هي عوالم شخصيّاته الروائية المتكسّرة، الّتي تصارع للئمِها مرّة أخرى وجعلها جميلة، مكتملة وذات قيمة.
تبدأ رواية قرنح الأخيرة بالبدايات الجديدة؛ ثمّة رجل يبدأ عملًا جديدًا سيغيّر حياته بالكامل، وثمّة آخر في مكان ثانٍ يعود إلى وطنه بعد أدائه الخدمة العسكريّة في صفوف جيش القوّة الاستعماريّة. هنا يشكّل الاقتلاع المكانيّ والهجرة ثيمة متكرّرة في روايات قرنح، فرواية «حيوات أخرى» (Afterlives)، تبدأ تمامًا مع بداية الحرب العالميّة الأولى في شرق أفريقيا الألمانيّة، الّتي تُعْرَف اليوم بتنزانيا. تتتبّع الرواية حيوات الشخصيّات المتأزّمة والعالقة في حلقات من الصراع والاضطرابات الشديدة؛ ثمّة هزيمة ألمانيا الإمبرياليّة، وثمّة الاستعمار البريطانيّ، ومن ثمّ الاستغلال. تركّز الرواية عملها على تتبّع آثار هذه الأحداث وكذلك آثار الوجود الاستعماريّ على الأفراد، من خلال الإجابة عن سؤال: كيف يمكن الناس أن يتجاوزوا الماضي، أن يتجمّعوا مرّة أخرى، وأن يبنوا حياة وعائلة بناءً على خياراتهم الشخصيّة.
https://www.arab48.com/%D9%81%D8%B3%D8%AD%D8%A9/%D9%88%D8%B1%D9%82/%D8%…