تعدد الزوجات في ألمانيا
يريد اللاجئ المعترف به خضر س.مشاركة كلا زوجتيه في المائدة والمضجع، لكن القضاء الألماني لم يراع حتى الآن مسألة ضمان حق الإقامة سوى لزوجة واحدة فقط. الأمر الذي سوف يتغير الآن. فقد قررت المحكمة الإدارية العليا لولاية رينانيا بلاتينا بأن الزوجة الثانية لها الحق أيضا في طلب أذن الإقامة المبدئية ـ إنها حالة استثنائية في القضاء الألمانية. إذا تمكن خضر س. من حل مشكلة زوجته الثانية.
يشير هذا القرار إلى مشكلة جوهرية: الزوجة الثانية المسلمة تبقى بسبب الثغرة القانونية في القانون الألماني دون مراعاة، وخاصة فيما يتعلق بالقانون العام. لأن القانون الألماني يرتكز على أحادية الزوجية. رجل واحد، زوجة واحدة، هذا الارتباط وحده يحمي "ميزة الزوجية". لو كانت ألمانيا منطقة مغلقة لما كانت هنالك إشكالية، لكن تعدد الزوجات في هذا البلد أمر ممنوع ويعاقب عليه قانونيا. لكن هنالك أناس يعيشون منذ فترة بدون عقد زواج مستند إلى القانون الغربي وبدون جواز سفر ألماني.
وعلى سبيل المثال خضر س.العراقي الذي يعيش منذ سنة 1996 في جمهورية ألمانيا الاتحادية حيث حصل على حق اللجوء السياسي. وترك في بلده الأم زوجتان: الأولى تزوجها سنة 1977، والثانية تزوجها سنة 1990. كلتا الزوجتين قدمتا إلى ألمانيا بصفة غير قانونية.
وكان ذلك نهاية للعشرة الشرعية: حصلت الزوجة الأولى على حق الإقامة، فيما حصلت الزوجة الثانية فقط على السماح بالإقامة قيد الدرس. ورفعت هذه الأخيرة دعوى ضد وضعيتها غير المضمونة. فلم تحظى القضية في المرافعة الأولى بالنجاح.
الا أن القضاة أعطوا الحق للزوجة خلال جلسة الاستئناف. ووصفوا الأمر مؤكدين بأنه حالة استثنائية، لأن السيدة العراقية تعيش منذ سنوات في مدينة لودفيغسهافن حيث اندمجت في المجتمع وزيادة على هذا فوجودها في بلدها الأم أمر غير آمن، ولذلك من حقها الحصول على الإقامة الشرعية. فالحالة هنا لا تستند إلى ميزة الأزواج وإنما إلى التفاتة إنسانية.
يعد هذا القرار ظاهرة تحول لتعامل القضاء الألماني مع تعدد الزوجات. ويقاوم القانون الألماني مسألة تعدد الزوجات. أما حل الوسط: في حالة ما إذا تزوج أجنبي في بلاده عدد من الزوجات طبقا للقانون المحلي، فإنه لا يلاحق قانونيا إذا كان عاش في ألمانيا لاحقا.
القضاء يفرق بدقة: الزواج المتعدد غير معترف به من جهة القانون العام. ولذلك يحق فقط للزوجة الأولى بالالتحاق بزوجها، إذا ما حصل هذا الأخير على حق اللجوء السياسي في ألمانيا. السبب في ذلك هو الخوف من سوء المعاملة. وإلا فإنه سوف يكون بإمكان الزوج المسلم تزوج كل نساء بلاده بغرض ضمان حصولهن على حق الإقامة في أوربا.
أما فيما يخص القانون المدني فهو بالعكس يعترف بالتعددية الزوجية. إذا افترق الزوجان، فبإمكان الزوجة الثانية والثالثة المطالبة بالنفقة. يقول ماتياس روهه، أستاذ القانون في إيرلنغن والخبير في الخلافات بين الإسلام والقانون الألماني: "حينما تمت صياغة القانون لم يؤخذ في حسبان أي أحد أنه في يوم ما سوف تطرح إشكالية تعدد الزوجات في ألمانيا. ولذا فالمحاولة تكمن في أن لا تظل الزوجة الثانية دون حماية ودون حقوق".
وقد قررت المحكمة الاتحادية للشؤون الاجتماعية في مدينة كاسل عام 2003 في القضية الآتية كالتالي: يتعلق الأمر بمغربية تعيش في منطقة رينانيا رفعت دعوى إلى المحكمة. لقد ظلت متزوجة مدة 37 سنة حتى توفي زوجها الذي هو كذلك مغربي الجنسية. والآن وبعد وفاة زوجها يجب أن تتقاسم مبلغ معاش التقاعد مع الزوجة الثانية، التي هي أصغر منها سنا بأربعين عاما. فهي تبرر ذلك مدعية أنها الوحيدة التي لها الحق في هذا المبلغ، أو على الأقل لها الحق في القسط الأوفر من التقاعد. وعلى أي حال فزوجها تزوج المرأة الثانية فقط ثلاث سنوات قبل وفاته. لكن القضاء حكم بما يلي: إن مدة الزواج ليست بالمعيار المهم، كل زوجة لها الحق في نفس حصة المعاش وبالتساوي.
أما فيما يتعلق ببيان دافع الضريبة، فقد أقرت محكمة الضرائب بمدينة مونستر بأن الزوجة الثانية لا يجب أن تذكر في البيان. فقد أراد مغربي أن يطالب بحقه الضريبي للزوجتين. لكن كل من إدارة الضرائب والقضاء رفضا مطلبه، حيث صرح القضاة بأنه لا يخول للرجل سوى الحق بالمطالبة الضريبية فقط بالزوجة الأولى.
بقلم كوزيما شميد
ترجمة مصطفى السليمان
صدر المقال في صحيفة تاغستسايتوغ البرلينية