برامج تدريبية لتعريف الأئمة بالحياة السياسية الألمانية

في ضوء حقيقة أن معظم أئمة المساجد في ألمانيا هم من الوافدين من تركيا أطلقت ولاية ألمانية برامج تدريبية وتأهيلية لهؤلاء الأئمة لتعريفهم بالنظام الاجتماعي والسياسي في ألمانيا وكذلك العمل على تحسين لغتهم الألمانية من أجل أن تكون المساجد منابر للاندماج الإيجابي. ميشائيل هولينباخ يعرفنا بهذه التجربة.

في خطوة تعد فريدة من نوعها في ألمانيا أعلنت ولاية سكسونيا السفلى نيتها إطلاق برنامج تدريبي لتأهيل رجال الدين المسلمين مهنيا خلال السنوات الثلاث القادمة. ويتيح هذا البرنامج الذي سيشرق عليه أكاديميا وتأهيليا المعهد الإسلامي في مدينة أوزنا بروك فرصةً للائمة من أجل التعرف على النظام الاجتماعي والسياسي في ألمانيا، كما يقدم دورات لتعلم اللغة الألمانية.

ويقول الباحث السياسي بسام طيبي السوري الأصل إن هذا البرنامج مستحق منذ فترة طويلة، مناديا بما يسميه "يورو إسلام" والذي يعني بالنسبة له أن يقبل المسلمون المقيمون في ألمانيا فكرة فصل الدين عن الدولة. ويقول الباحث طيبي "لدينا في ألمانيا 2600 مسجد، إلا أنني لا أعرف إماما واحدا حصل على تأهيل مهني أوروبي". لذا يتساءل كيف يمكن لهؤلاء الأئمة إذن أن يقدموا النصح للمسلمين المقيمين هنا ويساعدوهم على حل مشاكل حياتهم اليومية. مضيفا "في الغالب سيقول هؤلاء الأئمة إن الاندماج غير مسموح به."

فكرة البرنامج حازت كذلك على إعجاب بولينت أوكار أستاذ التربية الدينية الإسلامية في أوزنا بروك، الذي يرى أن فكرة تدريب الأئمة مهنيا في ألمانيا خطوة مهمة للإسلام في ألمانيا، ويضيف أوكار "من خلال ذلك سيكون لدينا زعماء دين على دراية بالمجتمع والثقافة الألمانية وقادرين على التعامل الملائم في المواقف المختلفة أثناء عملهم". يذكر أن 90 بالمائة من الأئمة في ألمانيا هم من الأتراك.

تعاون موسع مع الجمعيات الإسلامية

وحتى يومنا هذا يسير التدريب في مسار عكسي، فالأئمة الألمان ذوي الأصول التركية يسافرون إلى تركيا للحصول على تأهيل مهني. لذلك يعتزم شونيمان، وزير الشئون الداخلية لولاية سكسونيا السفلى، التعاون مع الجمعيات والمنظمات الإسلامية مثل المجلس الإسلامي في هامبورج والاتحاد التركي الإسلامي DITIB، وذلك من أجل وضع منهج البرنامج.

ومن المخطط توفير مناهج دراسية تكميلية لبرنامج التدريب، فالأئمة القادمين من تركيا بإمكانهم تسجيل أنفسهم في ثلاثة فصول دراسية لدراسة التربية الدينية، والتربية الاجتماعية وكذلك دورات اللغة الألمانية.
أئمة ومعلمون للتربية الدينية

ويرى شونيمان أن اهتمام الولايات الألمانية الأخرى تدريجيا ببرنامج التدريب ينبئ بإمكانية توفر هذا البرنامج في معاهد عليا أخرى في المستقبل. ويقول "نفكر أيضا في إضافة شهادة الماجستير إلى جانب البكالوريوس، بحيث يمكن أن نكلف الأئمة بتدريس التربية الدينية فيما بعد". وسيكون لذلك فائدة مزدوجة من وجهة نظر فشونيمان الذي أكد أن هناك حاجة إلى معلمين للتربية الإسلامية.

من ناحية أخرى تواجه المساجد صعوبة في تمويل الأئمة. فعادة يحصل الأئمة على أجورهم من تركيا، وتساهم المساجد بتمويل بسيط. وطبقا لما يخطط له وزير الشئون الداخلية لسكسونيا السفلى ستتوفر فرص عمل للأئمة كي يتمكنوا من تمويل أنفسهم.

مشوار طويل مليء بالصعوبات

غير أن الطريق إلى تطبيق هذا البرنامج ليست بالسهلة، فنسبة المعارضة لهذا المشروع كبيرة من قبل علماء الدين. فنحو خمس الأئمة الذين يخطبون في المساجد في ألمانيا، ينتمون إلى تيارات متطرفة أو محافظة، وذلك وفقا لنتائج دراسة حديثة قام بها رؤوف سيلان، عالم الاجتماع في مدينة دوسبورج الألمانية. فنسبة كبيرة من الأئمة المقيمين في ألمانيا يرون أن الإمام الحق هو الذي نشأ منذ الطفولة في مجتمع إسلامي وتأهل مهنيا في بلده لتقلد هذا المنصب في ألمانيا فيما بعد. ووفقا لهذه الدراسة لا تندرج قضية الاندماج ضمن أولويات عدد كبير من علماء الدين الإسلامي في ألمانيا.

ميشائيل هولينباخ
ترجمة: دينا جودة
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

مقابلة مع حسن كاراجه، المسؤول عن العلاقات مع ألمانيا لدى إدارة الشؤون الدينية في أنقرة:
اللغة الألمانية في المساجد
ترسل تركيا حوالي مائة إمام وواعظ سنويا إلى ألمانيا سنويا ليعملوا في المساجد المختلفة. أريانه ميرزا أجرت حواراً مع حسن كاراجه حول تأهيل الأئمة للعمل في الغربة.

المسجد الكبير في مدينة دويسبورغ:
لؤلؤة معمارية إسلامية في منطقة الرور الألمانية ...
سيتم في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري وفي ضاحية ماركسلوه في مدينة دويسبورغ الألمانية افتتاح أكبر مسجد في ألمانيا، وذلك بعد مضي أكثر من ثلاثة أعوام على بدء أعمال بنائه، الذي يبلغ ارتفاع قبته ثلاثة وعشرين مترًا ومئذنته أربعة وثلاثين مترًا، ما يشكِّل بناءً فخمًا في ضاحية متعدِّدة الثقافات. كارين يِيغَر تعرفنا بالمسجد.

الإسلام في ألمانيا:
تهويل في الرؤية القائمة تجاه هذا الدين
فيما يتواصل الجدل في ألمانيا حول "المسلمين" و"الإسلام" فإن ذلك يتزامن مع تهميش تام للنظرة القائمة إلى عدد كبير من المشاكل الراهنة كوضع المهاجرين سواء من الزاوية القانونية أو الاقتصادية. مقال بقلم مارك تيركيسيديس.