صراع داخل الثقافة العربية ـ الإسلامية
يبيّن الباحث الألماني ومدير مؤسسة العلم والسياسة فولكر بيرتيس واقعًا متعدد الجوانب للشرق الأدنى والشرق الأوسط. ويأخذ القراءَ معه في كتابه الجديد "نزهات شرقية" ليشاركوه رحلاته. ويعرض بأسلوبٍ يقظٍ وظريفٍ مقابلاته مع الكوادر السياسية ووجهاء الدين، ومع الناشطين على الصعيد المجتمعي ومع أناس التقاهم في الشارع، من موقع الند للند دائمًا، وبلا أي تعالٍ. مرجعة بيآته هينريشس
يأخذنا الكاتب معه إلى اجتماعات الأحزاب والمجموعات الشبابية، إلى حلقات حوار خاصة ومجادلات سياسية، تطرح باستمرار مواضيع تُعنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبالدين. فيما تأتي الإجابات مفاجئةً في أغلب الأحيان.
آية الله يؤيد العلمانية
ففي إيران على سبيل المثال، نجد الكاتب يقابل أحد آيات الله رفيعي الشأن ممن يؤيدون العلمانية، لأنه لا يصلح على حد قوله أنْ يقوم حكمٌ على مجتمع ما باسم أيديولوجية ما. وفي حلقة نقاشٍ في جامعة إسلامية في المدينة المقدسة قُمّ يطرح مدرسون رفيعو المستوى مفاهيم مختلفةً تمامًا حول حقوق الإنسان، منها ما هو عقائدي جدًا، ولكنْ منها التنويري-الغربي أيضًا. ويبيّن بيرتيس عبر لقاءات كهذه أنّ: "إيران قد قطعت أشواطًاعلى طريق التعددية أكثر من كل البلدان الأخرى في الشرق الأوسط".
في مدينة التجارة يَزد في وسط إيران، يلتقي الكاتب مع الكثير من السكان الفخورين بأن إثنين من رؤساء الجمهورية قد ولِدا في هذه المدينة: الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي وموشيه كتساف رئيس إسرائيل.
حماس تحلل مصافحة شارون
كما ونعلم أنّ إسرائيل تتبوأ المركز الأول تكرارًا، عندما يُستفتى الفلسطينيون عن رأيهم حول "أفضل ديمقراطية في العالم"، إذ أنّ الفلسطينيين يتوقون لمحاسبة برلمانية ولمحاكم مستقلة على أراضي السلطة الفلسطينية. ويوضح أحد قادة حماس في غزة، أنّ بوسعه بالطبع المفاوضة مع إسرائيل، فهذا ليس "حرامًا" في نهاية الأمر بل أمرٌ جائز. وعلى فكرة حتى مصافحة آرييل شارون تجوز أيضًا.
يمتد تحطيم النظرات النمطية هذا عبر الكثير من اللقاءات. بيد أنّ فولكر بيرتيس يُدخل مرارًا فقرات اعتراضية تحليلية عميقة، لتصبح الصورة كاملة. ولا يُجمِّل التعصب والاضطهاد، بل يعطي ببساطة كل الأطراف فرصة للتعبير عن رأيها.
في إسرائيل وفلسطين على سبيل المثال يعبِّر مؤيدو ومنتقدو الجدار الذي يقام حول المناطق الفلسطينية عن وجهة نظرهم. يستعرض المتحدثون معه الحل الممكن: أهو السلام، أم هدنة تستغرق عشر سنوات أو الفصل المُحكم بين المجتمعين؟ يدور الأمر حول غياب الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحول استمرار وجود الحوار رغم كل شيء. ويثبت بيرتيس أنّ الفلسطينيين قد "عايشوا ما يشبه تفتت الدولة بدون دولة".
فشل الوحدة الكردية الداخلية
لا يملك الأكراد دولةً خاصةً بهم في شمال العراق. والسؤال الأساس بالنسبة لهم هو: هل يريدون أن يكونوا جزءًا من عراق فيدرالي أم أنهم يريدون الاستقلال. تأتي إجابات كثير من الأكراد على هذا السؤال متباينةً تمامًا. وتُظهر شبكات الهاتف الخليوي في المناطق العراقية الكردية عدم نجاح الوحدة الكردية على كافة الأصعدة، إذ تتوفر إمكانية الاتصال الهاتفي من المناطق المذكورة آنفًا بكافة أنحاء العالم وتنعدم إمكانية الاتصال ما بين المنطقتين التي يسود في كل منها أحد الحزبين الكرديين.
في المملكة العربية السعودية حيث الرؤية العقائدية المتطرفة للدين تجري نقاشات أكثر تعددية عما نعرفه عنها في ألمانيا. هناك على أية حال نقاش عن التغيير، لكن بالاستناد إلى إطار ديني دائمًا، وبحسب الفهم الوهابي بالتحديد.
ختامًا يناضل المعارضون المتدينيون والعلمانيون في مصر منذ فترة طويلة في سبيل الدمقرطة والتعددية. لكن أحد الأساتذة في كلية الزراعة من شمال مصر يقول: أنّ تخفيض نسبة الأمية والحد من نسبة الولادات وتأمين مياه الشرب وتحسين الوقاية الصحية أكثر أهميةً من الديمقراطية بالنسبة له.
هذا الكتاب ليس تحليلاً علميًا. ولو أراد الكتاب التعبير باختصار عن مكنون الرسالة التي يحملها، فستكون كالتالي: لا يسع المرء الحديث عن صراع الحضارات، بل سيكون القول أكثر دقة بالحديث عن "صراع داخل الثقافة أو عن خط صراع في داخل الحضارة العربية-الإسلامية". علاوة على ذلك يُشكّل كتاب "نزهات شرقية" قطع موزاييك من البشر ومن آرائهم ليجعل منها صورةً واقعيةً للشرق الأدنى. ويعود الفضل بتوفير إمكانية التعرف على هذه الصورة للجهود التي بذلها فولكر بيرتيس.
بيآته هينريشس
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2006
قنطرة
هل يمكن اقامة مجتمع مدني في العراق بعد الفوضى والدمار؟
هيمنة الدين والتقاليد العشائرية على السياسة العراقية الحالية هو نتاج نظام البعث العربي الاشتراكي الذي خرب أثناء فترة حكمه البنية التحتية لبناء مجتمع مدني ومشهد سياسي تعددي. تحليل سامي زبيدة.
غياب التجانس وهجرة العقول
كتاب صادر أخيرا عن "مجموعة بحوث الشرق الأوسط" في مؤسسة العلم والسياسة في برلين يتناول طبيعة النخب السياسية في العالم العربي والتغييرات التي شهدتها في العقود الماضية. تقرير فولفغانغ غ. شفانيتس.