محاولة للارتقاء بالذوق العام في الأماكن العامة

بعد إطلاق مبادرة "كلك ذوق" للارتقاء بالذوق العام في مصر، أطلقت مجموعة شبان مبادرة أخرى بعنوان "تعالوا نعيشها صح" لنفس الهدف، أما خلفية ذلك فتعود إلى انتشار ظواهر مثل الشتائم وإلقاء القمامة التحرش الجنسي في الأماكن العامة. نيللي يوسف تلقي الضوء على هذه المبادرة وتلقيها اجتماعياً.

​​الشتائم وإلقاء والقمامة والبصق والتحرش الجنسي، هذه بعض السلوكيات اليومية التي تحولت إلى ما يشبه ظاهرة في عدد كبير من الشوارع المصرية. وفي محاولة لمواجهة حالة غياب الذوق والسلوك الحضاري قررت ماجي الحكيم خبيرة الإتيكيت وفن التعامل مواجهتها بإطلاق مبادرة "كلك ذوق" التي تبدأ مرحلتها الأولى بسلسلة ندوات شهرية تقام بالمركز الثقافي المصري الشهير "ساقية الصاوي". وفي حوار مع دويتشه فيله تؤكد ماجي بأن عشوائية السلوك وصلت إلى مستويات تستدعي القيام بمحاولة لإحياء بعض السلوكيات المفتقدة كالشهامة والاعتذار والاستئذان والنظافة واحترام النظام وتعليم الناس كيفية التعامل مع بعضهم البعض.

وتضيف الحكيم أنها اختارت اسم المبادرة "كلك ذوق"، لأن الناس لا تحب النصح والتوجيه المباشر، مشيرة إلى أن الشعب المصري شعب ودود ويعرف الذوق ولا يمكن التعميم، ولكن هناك الكثير من العوامل التي أدت إلى اختفاء الذوق وتدهور السلوك لدى شريحة كبيرة من الناس، ومن أبرز العوامل الضغوط الحياتية والزحام الشديد والأنانية التي لا تراعي الغير. وتخصص ماجي موضوعا محددا لمناقشته كل شهر في الندوة. وقد بدأت بالحديث عن إتيكيت الشارع، ووصفت أبرز السلوكيات المشينة التي تتمثل في الإهانة العلنية وإلقاء المخلفات والبصق، مشيرة إلى أن الشارع ملكية عامة، وأن هذه الحقيقة لا تعنى السلبية أو الاستهتار، وأنه من الضروري مراعاة حق الطريق وحق الناس في الشعور بالأمان أثناء سيرهم فيه، وذلك من خلال أن يبدأ كل فرد بنفسه، وأن يوجه للآخر ملاحظاته دون إهانة.

وفي معرض حديثها عن إتيكيت السير تحدثت عن ضرورة الرجوع للمشي على الرصيف المخصص للناس وليس وسط السيارات. ومن السلوكيات المرفوضة تماما كما تصف ماجي، الوقوف في أي مكان حتى إذا كان الطريق خال لمتابعة حادث أو مشاجرة. وتؤكد لدويتشه فيله أن الكثيرين أصبحوا فضوليين لدرجة التطفل والتلصص، وهو أمر أدى إلى تراجع مساحات الخصوصية للأفراد، وفي نفس الوقت تراجعت المساندة وقت الحاجة، ومن الأمثلة على ذلك عدم الدفاع عن الفتاة التي تتعرض للتحرش الجنسي في الشارع حيث تظهر السلبية الشديدة في هذه الحالة. وتعزي ماجي أمور كهذه إلى أسباب عديدة منها وجود أوقات فراغ طويلة نظرا لضعف الإنتاج في ساعات العمل، وعدم استثمار هذه الأوقات في أمور إيجابية.

مظاهر خلل في السلوكيات العامة

​​وقالت ماجي بأنها ستناقش في الندوات المقبلة محاربة المزيد من السلوكيات الخاطئة، هدر المياه بصورة رهيبة والتعامل بين الزوجين وزملاء العمل بصور غير لائقة، إضافة إلى أساليب قيادة السيارات بصورة مزعجة وثقافة رفض الاختلاف مع الآخرين. وعن المرحلة التالية من المبادرة قالت بأنها ستشهد طبع كتيبات صغيرة عن الأساليب الأمثل للتعامل في المواقف الفردية والمجتمعية، والتي سيتم توزيعها مجانا عن طريق ساقية الصاوي، مما سيؤدي إلى انتشار أوسع للفكرة بشكل يساهم في تحقيق نتائج ملموسة.

وتعتقد ماجي أن غياب الذوق كان احد أهم الأسباب وراء حوداث الفتنة الطائفية التي اندلعت مؤخرا بين المسلمين والأقباط، لأن السلوك الراقي لابد أن يشمل الاعتراف بحرية الأخر طالما لا يضر غيره، كما أنه لا يحق لشخص أن يسأل الأخر الذي لا يعرفه عن أمور شخصية منها ديانته.

وتؤكد ماجي على ضرورة تدريس مادة الإتيكيت وفن التعامل في المدارس المصرية، لكن الأمر سيحتاج لمعاهد متخصصة لتدريب المعلمين على ذلك وهو الأمر الذي تفتقده مصر، مشيرة إلى أنه من المهم أيضا سد الفجوة الكبيرة في المكتبة العربية في هذا المجال حيث أن كتب الإتيكيت في المكتبات المصرية، أما بلغات أجنبية أو مترجمة عنها.

الإتيكيت ليست ثقافة رفاهية غربية

​​وتشدد على أنها تحاول عبر المبادرة تغيير مفهوم أن الإتيكيت ثقافة رفاهية غربية وتنحصر فقط في تناول الطعام بالشوكة والسكين، وترغب في توضيح أنه لا يتنافي مع الدين الإسلامي الذي يحض مثل بقية الأديان على السلوكيات الراقية.
وتشهد الندوات إقبالا كبيرا وتفاعل من الحضور بالتعليقات والاستفسارات المختلفة، وتعبر نهي عادل الطالبة بكلية حقوق في حوار مع دويتشه فيله عن دهشتها عندما علمت بمبادرة "كلك ذوق"، لأنها فكرة رائعة يحتاجها المجتمع المصري الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن اختفاء الذوق أصبح كالوباء الذي يتمدد في المجتمع بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة وضيق الناس من السياسات الحكومية وأحوال المعيشة، الأمر الذي يجعلهم يفرغون غضبهم في الشارع، وفي تعاملاتهم مع بعضهم البعض حسب رأيها.

وفي محاولة أخرى لإحياء السلوكيات الراقية أطلق حوالي 30 شابا وفتاة من أعضاء إذاعة "إحنا على شبكة الإنترنت" حملة بعنوان "تعالوا نعيشها صح للارتقاء بالذوق العام". وتقول منة صبري منسقة الحملة لدويتشه فيله أن الفكرة تعتمد على الشباب لرفع مستوى الذوق في الشارع، وستكون أول خطوات المبادرة نزول المتطوعين إلى محطات المترو لتوعية الجمهور وتنظيم سلوك الركاب وحثهم على الصعود والنزول من الأبواب المخصصة لذلك، والتوعية بضرورة عدم تشجيع المتسولين والباعة الجوالين وعدم تشغيل أية أغنيات، ومواجهة قضيه إلقاء الدروس الدينية داخل عربات السيدات.

وعن الصعوبات التي تواجه بدء الحملة تقول منة أنها تتمثل في انتظار التصاريح من إدارة المترو في ظل الإجراءات الروتينية، والبحث عن ممولين لملصقات الحملة، وتخصيص أماكن في المترو لعمل أكشاك صغيرة للحوار حول الحملة مع الركاب.
وتؤكد أن الخطوة الثانية من الحملة ستشمل المناطق الأثرية لحث الناس على الحفاظ على نظافتها وعمل مسيرات في الشوارع ضد التحرش الجنسي. وتشير إلى أنهم أسسوا جماعة على الفيس بوك لجلب المزيد من الأعضاء والأفكار للحملة، وترى أن اللوم الأكبر في غياب السلوكيات الحميدة يرجع لوسائل الإعلام التي تبث برامج تتضمن الكثير من الألفاظ الخارجة عن الذوق، بالإضافة لحالة اللامبالاة لدى الناس حيث أنهم عندما يرون شخص يتصرف بسلوك مشين في الشارع لا يكترثون حتى بالحوار معه بصورة بناءة ولينة. وتعتقد أن الناس سيتغيرون إذا ما عرفوا حقوقهم وواجباتهم عبر حملات التوعية والحوار.

الكاتبة: نيللي عزت- القاهرة
مراجعة: إبراهيم محمد
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

التحرش الجنسي في مصر:
ظاهرة اجتماعية بانتظار إجراءات سياسية ومعالجات تربوية

تحاول هذه المقالة إلقاء الضوء على ظاهرة التحرش الجنسي في مصر التي أخذت تنهش بأنيابها الفتيات المصريات والأجنبيات على حد سواء بوصفها قضية سياسية واجتماعية عامة، تتطلب معالجتها اتخاذ إجراءات سياسية وتربوية وقضائية فاعلة.

حوار مع الناشطة النسوية نهاد أبو القمصان:
"انتشار التحرش الجنسي نتاج تغليب الأمن السياسي على أمن البشر"

تعتبر نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، وإحدى أبرز ناشطات الدفاع عن حقوق المرأة، أن أهم تحدي يواجه المرأة المصرية حاليا يتمثل في سن قانون يجرم التحرش الجنسي ضدها، خاصة بعد أن تفشت هذه الظاهرة في الشوارع المصرية مؤخرا وصدور حكمين بسجن شبان شاركوا في أحداث تحرش جماعي. نيللي يوسف حاورت نهاد أبو القمصان حول خلفيات هذه الظاهرة وسبل مواجهتها اجتماعيا وقانونيا.

"وصلة": صحيفة للمدونيين بدون مدونات
نحو ترسيخ أعراف صحفية بين الأجيال

تزداد أهمية الدور الذي تلعبه المدونات في مجريات المجتمع المصري تدريجيا، لكنها تبقى بعيدة عن قارئ ينقصه الوقت والجهد اللازم لمتابعتها. هذا الوضع سيتغير الآن مع صدور العدد الأول من صحيفة "وصلة" المعنية بالمدونات. هيثم عبد العظيم في قراءة لمحتويات العدد الأول من "وصلة".