آفاق تحسن علاقة إيران بملكيات الخليج العربية
مع تحول إيران لليمين.. تحسن العلاقات مع الخليج قد يتوقف على الاتفاق النووي: القاضي إبراهيم رئيسي المنتمي لغلاة المحافظين يفوز برئاسة إيران. وتوتر دائم للعلاقات بين العرب السنة وإيران الشيعية. والسعودية بدأت محادثات مباشرة مع إيران في أبريل / نيسان 2021. ودول الخليج قلقة من أهداف إيران العسكرية ووكلائها.
قال محللون إن دول الخليج العربية لن تتراجع على الأرجح عن الحوار لتحسين العلاقات مع إيران بعد فوز قاض من غلاة المحافظين بالرئاسة لكن محادثاتها مع طهران قد تصبح أكثر صعوبة.
وقالوا إن آفاق تحسن العلاقات بين إيران الشيعية والأنظمة الملكية العربية السنية في الخليج قد تتوقف في نهاية المطاف على إحراز تقدم في إحياء اتفاق طهران النووي المبرم عام 2015 مع الدول
الكبرى بعد فوز إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة التي جرت الجمعة 18 / 06 / 2021.
ويتولى القاضي ورجل الدين الإيراني، الخاضع لعقوبات أمريكية، منصبه في أغسطس آب 2021، في حين تستمر المحادثات النووية في فيينا في عهد الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، وهو رجل دين أكثر براغماتية.
وبدأت السعودية وإيران، الخصمان الإقليميان منذ أمد بعيد، محادثات مباشرة في أبريل / نيسان 2021 لاحتواء التوتر في نفس الوقت الذي انخرطت فيه القوى العالمية في المفاوضات النووية.
وقال عبد الخالق عبد الله المحلل السياسي الإماراتي "بعثت إيران الآن رسالة واضحة مفادها أنها تميل إلى موقف أكثر تطرفا وأكثر تحفظا". وأضاف أن انتخاب رئيسي قد يجعل تحسين العلاقات مع دول الخليج تحديا أصعب.
وتابع قائلا "لكن إيران ليست في وضع يمكنها من أن تصبح أكثر تطرفا... لأن المنطقة أصبحت صعبة للغاية وخطيرة للغاية".
وسارعت الإمارات وسلطنة عمان بتهنئة رئيسي. وتمثل دبي، المركز التجاري الإماراتي، بوابة تجارية لإيران، ولعبت عُمان دور الوساطة الإقليمية في كثير من الأحيان.
وباتت السعودية والبحرين البلدين الوحيدين بالخليج اللذين لم يعقبا فورا على النتيجة.
وقال خالد السليمان في صحيفة عكاظ السعودية "تعددت الوجوه والرئيس هو (آية الله علي ) خامنئي".
وعبر رئيسي، وهو من أشد المنتقدين للغرب وحليف الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي يتمتع بالسلطة المطلقة في إيران، عن دعمه لمواصلة المفاوضات النووية.
وقال عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث "إذا نجحت محادثات فيينا وكان الوضع أفضل مع أمريكا، فعندئذ قد يتحسن الوضع في ظل وجود غلاة المحافظين القريبين من الزعيم الأعلى في السلطة".
وقال جان مارك ريكلي المحلل في مركز جنيف للسياسات الأمنية إن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأمريكية عن إيران من شأنه أن يعزز موقف رئيسي ويخفف من حدة الأزمة الاقتصادية الإيرانية ويكون له تأثير في محادثات الخليج.
ولا ترغب إيران ولا دول الخليج العربية في العودة إلى حالة التوتر التي شهدها عامُ 2019 جراء سلسلة من الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط في مياه الخليج ومنشآت نفط سعودية، ثم إقدام واشنطن خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب على اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في العراق.
وقال محللون إن التصور بأن واشنطن تنفصل الآن عسكريا عن المنطقة تحت قيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن يدفع إلى اتباع نهج أكثر واقعية في منطقة الخليج.
ومع ذلك طالب بايدن إيران بالحد من برنامجها الصاروخي والتوقف عن دعم وكلائها في المنطقة مثل جماعة الحوثي في اليمن وهي مطالب تحظى بدعم قوي من دول الخليج العربية.
وقال ريكلي "لقد أدرك السعوديون أنه لم يعد بوسعهم الاعتماد على الأمريكيين من أجل أمنهم... ورأوا أن إيران تمتلك الوسائل لممارسة ضغط حقيقي على المملكة من خلال الهجمات المباشرة وأيضا من خلال مستنقع اليمن".
وتركز المحادثات السعودية الإيرانية بشكل أساسي على اليمن حيث لم تعد الحملة العسكرية التي تقودها الرياض منذ أكثر من ست سنوات ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران تحظى بدعم الولايات المتحدة.
وتحافظ الإمارات على اتصالاتها مع طهران منذ عام 2019 في حين تقيم علاقات أيضا مع إسرائيل عدو إيران اللدود في المنطقة.
وفي الأسبوع الماضي، كتبت سنام وكيل الباحثة في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية تقول إنه كان من المتوقع استمرار المحادثات الإقليمية لا سيما المتعلقة بالأمن البحري ولكن "لا يمكن أن تكتسب (المحادثات) الزخم إلا إذا أظهرت طهران حسن النية".
ردود فعل متباينة على انتخاب ابراهيم رئيسي رئيسا لإيران
وأثار إعلان فوز رجل الدين المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي السبت 19 / 06 / 2021 في الانتخابات الرئاسية الإيرانية ردود فعل متباينة، إذ أملت روسيا أن يكون مؤشرا إلى استقرار إقليمي أكبر، بينما انتقده أطراف آخرون بأشد العبارات.
أمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت بتعزيز العلاقات بين موسكو وطهران مع توجيهه رسالة تهنئة إلى نظيره الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
وقال بوتين في برقية نقل الكرملين مضمونها "آمل أن يساهم عملكم في هذا المنصب الرفيع في تطوير مقبل للتعاون الثنائي البناء في حقول مختلفة وفي شراكتنا في الشؤون الدولية". وذكر أيضا بأن العلاقات بين البلدين كانت "تقليديا (علاقات) ود وحسن جوار".
وقدم الرئيس السوري بشار الأسد "أحر التهاني" لإبراهيم رئيسي في برقية تمنى له فيها "النجاح والتوفيق في مسؤولياتكم الجديدة... لما فيه خير وصالح الشعب الإيراني المقاوم والصامد في وجه كل المخططات والضغوطات".
وقدمت حركة حماس "خالص التهنئة والتبريك" للرئيس الإيراني الجديد، وأضافت في بيان أنها تتمنى له "السداد والنجاح... ومواصلة وتعزيز مواقف إيران المشرّفة في التضامن مع فلسطين وقضيتها العادلة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني".
وهنأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الرئيس الإيراني الجديد، وأعرب عن أمله في أن يصب انتخابه في مصلحة الشعب الإيراني.
وأبدى إردوغان استعداده للعمل مع رئيسي من أجل "تعزيز التعاون بين بلدينا بشكل أكبر".
وأرسل قادة الكويت وسلطنة عمان وقطر والإمارات برقيات تهنئة لرئيسي، وفق ما أفادت وكالات أنباء تلك الدول.
كما هنأ المتمردون الحوثيون في اليمن رئيسي، وقال "رئيس المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين مهدي المشاط إن "نجاح العملية الانتخابية في إيران يعد انتصارا لمبادئ الثورة الإسلامية، وترسيخا لخيار مواجهة المشروع الصهيو-أميركي".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ليور هايات عبر تويتر إن إيران انتخبت "رئيسا هو الأكثر تطرفا حتى الآن".
ووصف هايات رئيسي بأنه "سفاح طهران" الذي "دانه المجتمع الدولي لدوره المباشر في إعدام أكثر من 30 ألف شخص خارج إطار القانون".
وأضاف أن الرئيس الإيراني الجديد "ملتزم بالبرنامج النووي العسكري الإيراني الذي يتطور سريعا، وانتخابه يكشف بوضوح النوايا الخبيئة لإيران وينبغي أن يثير قلقا كبيرا لدى المجتمع الدولي".
وأشادت مجموعات إيرانية معارضة في المنفى السبت بما اعتبرته "مقاطعة" غالبية الناخبين في إيران الاقتراع الرئاسي الذي شهد نسبة مشاركة بلغت 48,8 بالمئة.
وقالت زعيمة "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" مريم رجوي في بيان نشر موقع التنظيم نسخة منه بالعربية الجمعة إن "المقاطعة الشاملة" مثّلت "أكبر ضربة سياسية واجتماعية" للنظام الذي يقوده المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وأضاف "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" أن إبراهيم رئيسي كان عضوا في لجنة مسؤولة عن سجن وإعدام آلاف المعارضين في أشهر قليلة في صيف عام 1988، وهي اتهامات أوردها أيضا عدد من المنظمات الحقوقية البارزة.
من جانبها، ندّدت منظمة العفو الدولية السبت بانتخاب ابراهيم رئيسي، مؤكدةً أنه يجب أن يخضع لتحقيق في قضايا "جرائم ضد الإنسانية" و"قمع عنيف" لحقوق الإنسان.
واعتبرت المنظمة في بيان أن "واقعَ أنَّ إبراهيم رئيسي وصل إلى الرئاسة بدلاً من إخضاعه للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية وجرائم قتل وإخفاء قسري وتعذيب، هو تذكير قاتم بأن الإفلات من العقاب يسود في إيران".
واتّهمت المنظمة أيضاً رئيسي بأنه "ترأس حملة قمع وحشية ضد حقوق الإنسان"، حين كان رئيساً للسلطة القضائية في السنتين الأخيرتين، مضيفة أن حملة القمع طالت "مئات المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد أقليات مضطهدة اعتُقلوا بشكل تعسفي".
الولايات المتحدة تأسف لحرمان الإيرانيين من "عملية انتخابية حرة ونزيهة" بعد إعلان فوز رئيسي (الخارجية)
وأعربت الولايات المتحدة السبت عن أسفها لأن الإيرانيين لم يتمكنوا من المشاركة في "عملية انتخابية حرة ونزيهة" في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها ايران.
وفي أول تعليق يصدر عن واشنطن بشأن فوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، قال متحدث باسم الخارجية إن "الإيرانيين حرموا من حقهم في اختيار قادتهم في عملية انتخابية حرة ونزيهة".
وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة سوف تواصل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني والعمل إلى جانب حلفائها وشركائها في هذا الصدد.
إسرائيل: رئيس إيران الجديد متطرف وملتزم بالطموحات النووية للنظام
وشن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد هجوما حادا على الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي ووصفه بأنه "متطرف" و"ملتزم بالطموحات النووية للنظام".
وكتب لابيد على حسابه على موقع تويتر :"رئيس إيران الجديد، المعروف باسم
جزار طهران، متطرف مسؤول عن مقتل آلاف الإيرانيين. وهو ملتزم بطموحات النظام النووية وحملته للإرهاب العالمي".
وأضاف أن انتخاب رئيسي "يجب أن يؤدي إلى تجديد التصميم على الوقف الفوري لبرنامج إيران النووي ووضع حد لطموحاتها الإقليمية المدمرة".
الاتحاد الأوروبي يعلن استعداده للعمل مع إيران بعد إعلان فوز "رئيسي"
وأعلن الاتحاد الأوروبي يوم السبت 19 / 06 / 2021 أنه مستعد للعمل مع إيران بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية .
وقال المتحدث باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل: "من المهم أن تستمر الجهود الدبلوماسية المكثفة لإعادة (الاتفاق النووي) إلى مساره الصحيح".
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية يوم السبت فوز المرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد الجمعة.
ومن المقرر أن يخلف رئيسي -وهو رجل دين محافظ (عمره 60 عاما) ومقرب من المرشد الأعلى آية الله على خامنئى وتتهمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى بانتهاك حقوق الإنسان- الرئيسَ المعتدل حسن روحاني.
ويؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية في آب/اغسطس 2021.
ويشكل رئيسي تغييرا كبيرا في اتجاه الحكومة في إيران بعد ثماني سنوات في عهد روحاني الذي مُنع من الترشح مجددا بسبب تحديد فترة الولاية الرئاسية، وذلك بعد فترتين في منصبه.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية يوم السبت إن رئيسى حصل على ما لا يقل عن 8ر17 مليون صوت من إجمالى 6ر28 مليون صوت تم الإدلاء بها الجمعة.
ويعتقد خبراء أن رئيسي لن يستمر على المسار الإصلاحي للرئيس حسن روحاني، حيث ركز خلال حملته الانتخابية بشكل أكبر على القضايا الاقتصادية وتعهد بوضع نهاية سريعة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران. رويترز ، أ ف ب ، د ب أ
[embed:render:embedded:node:43766]