هكذا هب أتراك ألمانيا لمساعدة منكوبي بلدهم الأم
رغم تأخر الوقت، إلا أن ياسين كيسجينليكيميل أوغلو يواصل عمله دون كلل ولا ملل لإنهاء تحميل الشاحنات بالملابس والبطانيات وأغذية الأطفال، وهي المساعدات التي سوف تُرسل لمن هم في أمس الحاجة إليها في المناطق المنكوبة من الزلازل في تركيا.
يعيش كيسجينليكيميل أوغلو، وهو من أصول تركية والبالغ من العمر 38 عاما، في مدينة شتوتغارت ويعد واحدا من مئات المتطوعين الذين قضوا ساعات طويلة منذ وقوع زلزال تركيا وسوريا يوم الإثنين 06 / 02 / 2023، في مرآب للسيارات داخل مركز للتسوق بألمانيا. وفي مقابلة مع دويتشه فيله، قال كيسجينليكيميل أوغلو إن جميع المتطوعين كانوا يفكرون في مصير العائلات والأطفال في المناطق التي ضربها الزلزال المدمر، مضيفا "الجميع جاء بما يستطيع حمله في سيارتهم ثم تجمعنا هنا في هذا المرآب".
وقال كيسجينليكيميل أوغلو إن ثماني شاحنات تحمل مساعدات تتجه من شتوتغارت صوب تركيا مع احتمال أن تنضم إليها شاحنات أخرى أثناء مرورها عبر المدن الألمانية الأخرى.
وأضاف "على الرغم من أننا نبعد 4 آلاف كيلومتر عن تركيا، إلا أننا يمكننا أن نفعل شيئا لمساعدة المتضررين من الزلزال"، مشيرا إلى أنه لا يعرف أي شخص في المناطق المتضررة، لكن الكثيرين لديهم أقارب في هذه المناطق.
وفي مقابلة مع دي دبليو، قال رئيس الجالية التركية في ألمانيا، جوكاي سوفوغلو، إنه واجه الكثير من الصعاب في الاتصال بشقيقته في مدينة قيصري التركية، مضيفا "على الرغم من أن المدينة لم تكن في مركز الزلزال، إلا أن الأمر كان صعبا، لذا علينا أن نتخيل كيف حال الذين يعيشون في المناطق التي ضربها الزلزال بقوة مثل قهرمان مرعش أو مالاطية".
وأشار إلى أن الكثير من أبناء الجالية التركية في ألمانيا يحاولون السفر إلى تركيا لتفقد ذويهم وأحبائهم، لكن جرى حجز كافة الرحلات الجوية، مشددا على أن قضية تقديم المساعدات للمتضررين تعد بالأمر بالغ الأهمية في هذا التوقيت.
وقال "هناك الكثير في المناطق المنكوبة في حاجة ماسة إلى مساعدات طبية وأغطية وغيرها من الأغراض التي تعينهم على تحمل الشتاء".
مطالبة ألمانيا بالمساعدة
وشدد على ضرورة الاستمرار في تقديم المساعدات لسكان المناطق المنكوبة خاصة مع توقعات بتضاؤل اهتمام وسائل الإعلام بمرور الوقت، مؤكدا أنه يعمل على تنظيم الجهود لتقديم مساعدات طويلة الأمد للأشخاص الذين "فقدوا كل شيء بسبب الزلزال".
يشار إلى أن الجالية التركية في ألمانيا ساعدت جهود الإغاثة بعد كارثة زلزال عام 1999 الذي ضرب شمال غرب تركيا حيث جرى تدشين برنامج لجمع التبرعات والربط بين أبناء الجالية في ألمانيا والمتضررين في حينه في تركيا مع تدفق الأموال والتبرعات كل شهر.
لكن منذ وقوع كارثة زلزال الإثنين بقي هاجس أبناء الجالية التركية في ألمانيا معرفة أخبار أحبائهم في تركيا وهو ما دفع الكثير منهم إلى الضغط على أعضاء البرلمان الألماني.
وفي مقابلة مع دويتشه فيله، قال النائب في البرلمان الألماني هاكان دمير إن "الكثيرين يتصلون بي لإبلاغي بأنهم فقدوا بالفعل أقاربهم في كارثة الزلزال أو أن أقاربهم ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض. إنهم في حالة فزع وهذا الأمر يعد مفهوما إنهم يطلبون من ألمانيا ومن البرلمان ومن الحكومة الفيدرالية التدخل بسرعة".
الجدير بالذكر أن المستشار الألماني أولاف شولتس كان تعهد في اتصال مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتقديم المزيد من الدعم لتركيا بعد كارثة الزلزال فيما توجه إلى فريق مكون من خمسين فردا من هيئة الإسناد التقني الألمانية للمساعدة في البحث عن الناجين.
وكانت وزيرة الداخلية نانسي فيزر قد ذكرت أن هيئة الحماية المدنية الاتحادية بألمانيا ستقدم مخيمات بها ملاجئ طوارئ ووحدات لمعالجة المياه وأنها تجهز بالفعل مؤن إغاثة تشمل مولدات كهرباء للطوارئ وخياماً وأغطية بالتنسيق مع السلطات التركية.
وفي سياق متصل، أعلنت شركة "دويتشه تليكوم" الألمانية للاتصالات تنازلها لفترة معينة عن تكاليف المكالمات الهاتفية بين ألمانيا وتركيا وسوريا.
من جانبه، أكد النائب في البرلمان الألماني هاكان دمير "على وجود اتصال وثيق بين تركيا وأبناء الجالية الكبيرة ذات الأصول التركية في ألمانيا ممن لديهم أقارب في تركيا".
ورغم أن جهود المتطوعين في ألمانيا لمساعدة المتضررين من زلزال تركيا قد تحمل في طياتها أمورا شخصية، إلأ أن كيسجينليكيميل أوغلو شدد على أن الأمر يأتي في إطار تلبية دعوات مساعدة المحتاجين.
وقال إنه تطوع مع أبناء من الجالية التركية في ألمانيا في جهود إغاثة سابقة مثل مساعدة المتضررين من الفيضانات العارمة التي اجتاحت غرب ألمانيا عام 2021 أو الفارين من الحرب في أوكرانيا.
وأكد أنه قرر هو والكثير من المتطوعين المضي قدما في العمل في التطوع لجمع المساعدات التي سوف تُرسل لمنكوبي زلزال تركيا خلال الأيام المقبلة.
بيتر هيل
ترجمة: م. ع
حقوق النشر: دويتشه فيله 2023