ألمانيا: ولدوا في بلدان عربية ووصلوا البرلمان الألماني
غالبا ما يصوت الألمان من أصول عربية ومسلمة وشرق أوسطية لأحزاب تؤمن بالتعددية الثقافية والأثنية في ألمانيا ولا تنتهج سياسة معادية للأجانب. وهو أمر منطقي بكل تأكيد، إلا أن المرحلة الجديدة في ألمانيا أظهرت تحولا إيجابيا، فهذه الجاليات تحولت من جاليات متفرجة فقط على المشهد السياسي إلى جاليات تصنع الرأي السياسي من خلال تقديم مرشحين للبرلمان الألماني، ألمان من أصول مهاجرة عربية وشرق أوسطية، رشحت نفسها للبوندستاغ، بعضها نجح فعلا في اكتساح النتائج في دوائرها الانتخابية والبعض الآخر فشل في ذلك، لكنه رغم ذلك حاول.
الخريطة السياسية في ألمانيا تغيرت أيضا، إذ فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بفارق ضئيل متفوقا على التحالف المسيحي (الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي)، الذي هيمن على المشهد السياسي في ألمانيا لمدة 16 عاما بقيادة المستشارة أنغيلا ميركل. بعض المرشحين للبوندستاغ من أصول عربية رشحوا أنفسهم ضمن قوائم مستقلة وآخرين كأعضاء في أحزاب كبيرة، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر. وهذه بعض من الأسماء التي نجحت في بلوغ البرلمان الألماني الجديد:
عراقية
ريم العبلي - رادوفان رشحت نفسها عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي وفازت بالانتخاب المباشر عن دائرة شفيرين – لودفغزلوست – بارخيم في شمال ألمانيا. إذ حصدت 44,107 أصوات في دائرتها، ما يشكل نسبة تبلغ 29,4 بالمئة، متقدمة على منافسها من الحزب المسيحي الديمقراطي ديتريش مونشتادت، الذي حصل على 20,7 بالمئة. أصولها عراقية وتتكلم الألمانية والعربية والآشورية، من مواليد عام 1990، درست العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة وتعمل منذ عام 2015 مفوضة لشؤون الاندماج في حكومة ولاية مكلنبورغ – فوربميرن. DW عربية اتصلت بها وسألتها عن السر في نجاحها، وهي الشابة من أصول مهاجرة في منطقة لا توجد فيها نسبة عالية من المهاجرين أو من أصول مهاجرة. قالت "أنا نفسي منبهرة في الحصول على مقعد مباشر في البرلمان الألماني، في منطقة ليس فيها الكثير من الأجانب أو ذوي أصول مهاجرة".
ورغم أنها مفوضة حكومة الولاية لشؤون الاندماج، لكن السر في نجاحها لم يكن مقتصرا على الانشغال بقضايا الاندماج وحسب "أعتقد أن السر يكمن في أنني كنت كثيرة التنقل واللقاء بالناس في دائرتي الانتخابية، موضوعات أخرى كنت أناقشها مع الناخبين، مثل قضايا البنية التحتية والرقمنة والنقل، وهي قضايا بحاجة إلى العناية أكثر والتطوير في منطقتنا"، تقول عضو البرلمان الألماني الجديد، التي تتوجه الثلاثاء إلى برلين، حيث تعقد أول جلسة للبرلمان الجديد. أضافت في الحوار مع DW عربية أنها بكل تأكيد تأخذ معها أصولها العراقية أينما ترحل. وتضيف "أصولي العراقية معي دائما، أعلم أن السياسة يمكن أن تفعل الكثير، ولأن والداي قدما من بلد عانى من الحروب، أفهم أن السياسة تعني تحمل المسؤولية".
ألمانية من أصول مغربية
عن نفس الحزب، الحزب الاشتراكي الديمقراطي تمكنت سناء عبدي المرشحة عن دائرة بورتس في مدينة كولونيا من استعادة المقعد المباشر لحزبها في المنطقة في البرلمان الألماني. سناء عبدي المولودة عام 1986 في تطوان بشمال المغرب، درست القانون وهي مديرة مشاريع، والدها ألماني ووالدتها مغربية. موقع صحيفة كولنر روندشاو نقلت عنها قولها بعد ظهور النتائج الأولية بعد إغلاق مراكز الاقتراع "أمر استثنائي، كان الحزب الاشتراكي قد حصل في استطلاعات الرأي على 13 إلى 14 بالمئة". في إشارة منها إلى فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية، مضيفة بالقول إن نجاح الحزب كان جهدا جماعيا.
شابة من أصول مهاجرة
رشا نصر ألمانية من أصول سورية تبلغ من العمر 29 عاما، وهي أول مرشحة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أصول مهاجرة في مدينة دريسدن. فازت بمقعد في البرلمان ضمن قائمة الحزب، في حوار سابق لها مع موقع إذاعة "دويتشلاندفونك كولوتور" قالت إن الدخول في معترك الحملة الانتخابية في دريسدن ليس بالأمر السهل، في الشارع خلال الحملة الانتخابية، واجهت قضايا مهمة جدا، وكذلك اتهامات "أكثر ما يتردد هو: مهاجرة، وشابة، يجب عليها العمل أولا بعض السنوات قبل الذهاب للعمل في المجال السياسي. أسمع ذلك بشكل متكرر".
عن حزب الخضر
كما نجحت الباحثة في العلوم الإسلامية من أصل سوري والمرشحة عن حزب الخضر عن المركز الانتخابي في دويسبورغ، لمياء قدور في الفوز بمقعد في البرلمان الألماني. إذ رغم عدم فوزها بمقعد مباشر في الانتخابات واحتلالها المركز الثالث في منطقتها الانتخابية بنسبة 14,3 بالمئة لكنها تمكنت من حجز مقعد لها، لأن الحزب وضعها ضمن قائمة الولاية في المركز 12، لمياء قدور انضمت إلى حزب الخضر هذا العام 2021.
مسقط رأسه في زاخو
قاسم طاهر صالح، فاز بمقعد في البرلمان الألماني عن قائمة حزب الخضر. من مواليد 1993 في مدينة زاخو في إقليم كردستان العراق، مهندس، القضايا التي تشكل محور اهتمامه هي الهجرة واللجوء والاندماج، كذلك قضايا مثل مشاكل العنصرية واليمين المتطرف، ومعاداة السامية.
إتقان اللغة والتعليم العالي والمبادرات المدنية والعمل السياسي الطموح لشغل مكان على الخارطة السياسية في ألمانيا، إلى جانب الاهتمام بقضايا الهجرة واللجوء والاندماج، وكذلك اعتبار المرشحين لأنفسهم جزءا من المجتمع الألماني قلبا وقالبا يرفع من أسهمهم لحجز مقعد لهم في البرلمان. كما يغلب على الفائزين من أصول عربية وشرق أوسطية أنهم من الجيل الشاب، الذي يعتبر ألمانيا وطنا له وينتمي إليه.
عباس الخشالي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2021