نريد ثقافة الاعتراف وليس ثقافة الترحيب فقط"
السيد أيمن مزيك، لقد تم انتخابك رئيسا للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا وهو عبارة عن اتحاد لـ 19 جمعية ومنظمة إسلامية في ألمانيا. ما هي المحاور الأساسية التي تود التركيز عليها في منصبك الجديد؟
أيمن مزيك: نحن لا نسعى إلى تغيير سياسات المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا رأسا على عقب، غير أنه لدينا بعض المحاور التي نود التركيز عليها، أهمها العمل على تقوية أسس الروابط بين المسلمين في ألمانيا ثم العمل على توحيد هياكل تنظيماتهم وثالثا العمل على رفع نوعية مستوى الدراسات الإسلامية في ألمانيا من خلال مجلس الخبراء داخل المجلس الأعلى للمسلمين. وهذه هي العناصر التي أعتبرها مهمة.
من خلال الزوبعة التي أثارها كتاب تيلو زاراسين، عضو مجلس إدارة المصرف الاتحادي الألماني وتصريحاته حول المسلمين وعدم رغبتهم في الاندماج داخل المجتمع الألماني، طالب المجلس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الوقوف إلى جانب المسلمين في المناقشات الحادة في ألمانيا بهذا الشأن. هل تنتظر مواقف أو إشارات معينة من الحكومة الاتحادية؟
مزيك: نحن طبعا في حاجة إلى إشارات مثل تلك التي تحدث عنها أخيرا وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير عندما قال إننا في حاجة إلى" ثقافة الترحيب". نحن لا نريد الحديث فقط عن "ثقافة الترحيب" بل أيضا عن ثقافة الاعتراف، لأن المسلمين يعيشون هنا منذ أجيال كثيرة وعدد منهم ينحدر من أصل ألماني. نود الاعتراف بعملهم وبما يقومون به هنا من جهود.
مع الأسف يكون الحديث عن الاندماج هنا في ألمانيا فقط عندما تكون هناك مشاكل ما. وعندما تكون الأمور في وضع جيد فليس هناك من يتحدث عن الاندماج أو عن الجهود الهائلة التي يقوم بها الأتراك والعرب والمسلمين وعطاءاتهم مثلا في كرة القدم الوطنية لألمانيا أو في غيرها من المجالات الأخرى. من المهم أيضا الإشارة إلى ذلك بشكل واضح. كما أنه لمن الأهمية بمكان أن تشير الشخصيات المهمة من بين السياسيين إلى ذلك بشكل قوي لتوضيح بأن المسلمين يشكلون جزءا من هذا البلد. كما يجب على المسلمين من جهتهم أيضا أن يؤكدوا أن ألمانيا جزء لا يتجزأ من المواطنين المسلمين وأنها قابعة أيضا في وجداننا و تفكيرنا.
لقد قاطع المجلس الأعلى للمسلمين المشاركة في الدورة الثانية من مؤتمر الإسلام في ألمانيا و الذي دعا إليه وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير. كيف يمكن هذه الجمعية أن تؤثر في السياسات الخاصة بموضوع الاندماج وهي غائبة عن هذا التجمع الذي يشارك فيه عدد من الجمعيات إسلامية الأخرى؟
مزيك: التخطيط للسياسات الاندماج لا يتم في مؤتمر الإسلام في ألمانيا. كما إنه ليس من خصوصيات هذا المؤتمر اتخاذ القرارات الأساسية الخاصة بالإسلام والمسلمين لأن التخطيط لمثل هذه السياسات هو من صلاحيات الولايات الاتحادية حسب الدستور الألماني. فالتخطيط لتدريس الإسلام في الجامعات مثلا أو تكوين الأئمة أو تدريس مواد التربية الدينية في المدارس يتم دائما في الولايات. وكلما حصل ذلك في الولايات تم أيضا التوصل حقا إلى نتائج حسنة. فاعتراف ولاية شمال الراين وستفاليا مثلا بالوجود الإسلامي في الولاية ساهم في التوصل إلى توافق بين الأطراف في موضوع المراكز الإسلامية بما في ذلك تأهيل مدرسي التربية الإسلامية في جامعة مونستير.
نحن لم نقاطع مؤتمر الإسلام في ألمانيا ولكن نرى أن مثل هذه اللقاءات يجب أن تتناول القضايا التي تهم المسلمين وإلا فلا جدوى منها. ونحن نرفض حضور اللقاءات الفضفاضة. وقد أكدنا على أننا لن نشارك في مثل هذه التظاهرات ما لم تهتم بالحديث عن القضايا الأساسية مثل موضوع الاعتراف بالدين الإسلامي في ألمانيا وكيفية التعامل مع مظاهر العداء للإسلام في ألمانيا مع ضرورة أخذ البنية التحتية للمسلمين هنا بعين الاعتبار وليس الاكتفاء بالأفراد فقط. سنشارك في مثل تلك اللقاءات عندما يتم حل مثل هذه الإشكاليات.
كيف يمكن للمسلمين إن يساهموا أيضا في إنجاح العملية الاندماجية؟
مزيك: أرى أن المسلمين يتأثرون حاليا جدا بما يدور من مناقشات حولهم، مثلا في موضوع كتاب سارازين وما تضمنه من تصريحات. فتأخذهم عدم الثقة بالنفس. غير أن الثقة بالنفس والوعي بذلك أمر مهم. كما لا يوضح هؤلاء أنهم يشكلون جزءا من هذا المجتمع، بل إن هناك من يتقمص نفس المواقف التي لا تؤمن بجدوى الاندماج. أعتقد أن الثقة في النفس أمر مهم. ولذلك فإننا نتابع مثل هذه المواقف عن كثب وننتقدها. كما ندعو المسلمين للعمل على توضيح ذلك جليا وألا ينكمشوا على نفسهم.
كيف تقيم مستقبل النقاشات الجارية حاليا في ألمانيا ومواقف الأطراف السياسية المختلفة حول موضوع اندماج المسلمين؟
مزيك: أعتقد أن ألمانيا منشغلة حاليا بنفسها أكثر مما يجب. فالحديث في الواجهة يكون عن الأجانب والمسلمين أي عن الآخرين. هذه هي الواجهة فقط. إن الحديث أساسا هو عن مستقبل ألمانيا ومسارها وآفاقها في القرن الحادي والعشرين. ومن خلال ذلك يتضح أن النقاشات لا تتناول مواضيع الأجانب والمسلمين والإسلام، بل وضع ألمانيا المستقبلي. ومن خلال ذلك يتم استغلال موضوع المسلمين كعنصر للتفرقة بهدف خلق أجواء مفتعلة واستغلالها كورقة لاستقطاب عدد من المواطنين لسياسات معينة. إن ذلك أمر خطير وهو تطور غير إيجابي. يجب علينا العودة إلى المواضيع الأساسية والتفكير في كيفية بناء ألمانيا متعددة الثقافات مستقبلا وكيف يمكن وضع أسس جيدة لذلك اعتمادا على الدستور الألماني وما يقدمه في ذلك من إمكانيات جيدة.
أجرى الحوار: عبدالحي العلمي
مراجعة: طارق أنكاي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010
شغل أيمن مزيك، الذي ولد في مدينة آخن الألمانية ويبلغ من العمر 41 عاما، منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا على مدى أربعة أعوام قبل اختياره لمنصب رئاسة المجلس في 19 من شهر سبتمبر 2010. وقبلها كان مزيك متحدثا باسم المجلس الذي يضم 19 جمعية إسلامية في ألمانيا. وقد درس الفلسفة والاقتصاد و العلوم السياسية في مدينة آخن الألمانية.
قنطرة
الجدل المُثار حول أراء تيلو زاراتسين المتعلقة بالمسلمين في ألمانيا:
التلذذ باحتقار الآخرين!!
يرى روبرت ميزيك في هذا التعليق أن أطروحات السيد زاراتسين، عضو إدارة البنك المركزي الألماني والحزب الاشتراكي الديمقراطي، المتعلقة بالمهاجرين عامة، والعرب والمسلمين خاصة، في ألمانيا متعجرفة وجارحة وشاذة، كما أنها مطعّمة بالعبارات العنصرية والصياغات التي تنم عن احتقار غريب للمهاجرين.
من يمثل "المسلمين" في ألمانيا؟
بين الأقلية الملتزمة والأغلبية الصامتة
من يمثل الأقلية الملتزمة من المسلمين في ألمانيا؟ سؤال يطرحه السياسون الألمان مرارا. يطالب المسلمون المنظمون في اتحادات إسلامية في ألمانيا بالوضع القانوني نفسه الذي يتمتع به ممثلو الدينين اليهودي والمسيحي. ولكن يتحتم على الاتحادات الإسلامية أن تتسم بالمهنية والشفافية في صنع القرار وأن تكرس الوحدة في صفوفها، حسب رأي ريم شبيلهاوس.
اندماج المسلمين في ألمانيا
مؤتمر الإسلام في ألمانيا يبقى بدون بديل
النقاشات العلنية والصراعات خلف الكواليس حول قائمة المشاركين في الجولة الثانية لمؤتمر الإسلام الألماني لا يجوز أن تغطي على النجاحات التي حققها هذا المؤتمر فيما يتعلق بصيرورة وآليات دعم وتنظيم اندماج الإسلام في المجتمع الألماني وفي مؤسسات الدولة، كما يرى لؤي المدهون في تعليقه التالي.