"هذا الفيلم لا يضع اصبع الاتهام على أحد"
ولدت الفنانة الفلسطينية هيام عباس في الناصرة وعملت في مسرح الحكواتي .انتقلت إلى لندن في أواخر الثمانينات ومنها إلى باريس حيث تعيش وتعمل. شاركت في عدد من الأفلام السينمائية نذكر منها: "ساتان أحمر" لرجاء عماري، "حيفا" لرشيد مشهراوي، "عروس سوريا" لإيران ركليس، "المنطقة الحرة" لعاموس غيتاي، "الجنة الآن" لهاني أبو أسعد، كما أخرجت فيلمين قصيرين هما:الخبز والرقصة الأبدية .
كيف تم اللقاء بينك وبين المخرج ستيفن سبلبيرغ، هل شاهد بعض الأفلام التي شاركت فيها؟
هيام عباس: بداية، يمكن القول أن سبب مشاركتي في الفيلم يعود إلى اعجاب المخرج ستيفن سبيلبيرغ بأحد أدواري التي قمت بها. فقد شاهد فيلم "عروس سوريا"، وأعجب بالدور الذي قمت به. بعد ذلك اتصلت بي المنتجة كاتلين كنيدي وقالت لي: إن المخرج ،حتى الآن، لم يحدد اذا ما كان سيضع بعض الحوارات داخل الفيلم باللغة العربية والعبرية .فإذا ما قرر ادخال اللغة العربية، فحتما ستكونين أنت الممثلة التي سيختارها، خصوصا وأنه علم أيضا أنك تعملين ملقنة للغة العربية والعبرية.
الممثلون سواء أكانوا عربا أم يهودا شاركوا في هذا الفيلم بناء على مقولة مفادها أن هذا الفيلم لا يضع اصبع الاتهام على أحد، وهو عرض حيادي انساني، لا ينحاز لا إلى اليهود ولا إلى الفلسطينيين. وبما أن سبيلبيرغ مخرج عالمي فالكل يحب أن يعمل معه. وأنا كنت بالطبع مستفيدة لعملي مع مخرج كبير، إضافة إلى كل شيء، فقد قرأت السيناريو، ولم يكن فيه أي شيء يمنعني من المشاركة في الفيلم.
عندما قرأت السيناريو، ألم تصدمك طريقة تناول السيناريو للفدائيين الفلسطينيين أو للشخصيات الفلسطينية الأخرى التي يزمع أعضاء الموساد الخمسة تصفيتهم جسديا؟
عباس: عندما قرأت السيناريو، أحسست سريعا أني لست أمام فيلم أمريكي عادي يحتقر العرب ويرسم لهم صورة غير حقيقية، مصورا اياهم كبشر متخلفين، قذرين يأكلون بأيديهم الطعام، ويلبسون العقال، ويعيشون في القرون الماضية وغير ذلك من الأفكار التي نجدها عادة في الأفلام الأميركية التي تتناول العرب أو تعبرها شخصيات عربية.
الفلسطيني في فيلم ميونخ انسان عادي يأكل ويشرب ويعيش ويلبس ويشعر كالآخرين داخل الفيلم، وهو أيضا يدافع عن حقه ولا يتهاون في ما يخص هذا الحق، أي أنه لم تكن هناك نظرة عنصرية استعلائية يتضمنها السيناريو.
من جهة أخرى الفيلم ليس عن فلسطين ولا عن عملية ميونخ في حد ذاتها. انه فيلم يتناول أعضاء الموساد الخمسة الذين عملوا على تصفية شخصيات فلسطينية متهمة من قبل الموساد بالتخطيط للعملية. وحتى الآن لا أحد أثبت أن هذه الشخصيات هي فعلا من خطط للعملية سوى ادعاء الموساد، رغم مرور ربع قرن، تقريبا، على الحادثة.
لقد سألت نفسي سؤالا: هل أنا كممثلة فلسطينية لي دور ومكان في هذا المشروع أم لا؟ الجواب كان بالايجاب. من الضروري أن يكون هناك حضور فني فلسطيني لاسياسي في الفيلم. لقد كانت لي علاقة طيبة مع كاتب السيناريو ومع المخرج وقد تحادثنا طويلا ولمرات عديدة. وجودي أعطى الفيلم مسارا واتجاها لم ليكن ليأخذه لولم أكن موجودة.
لقد قمت بدور زوجة أحد الشخصيات الفلسطينية، وهو الهمشري ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس. هل تحدثينا عن طبيعة هذا الدور؟
عباس: قمت بتمثيل دور زوجة الهمشري ماري كلود. وفي الفيلم تظهر كشخصية لها موقفها وحضورها القوي إلى جانب زوجها. لها حياتها الانسانية العادية .اننا أمام مشهد زوج وزوجة وطفلة يرافقانها إلى المدرسة. صورة تتضمن بعدا انسانيا واضحا.
أين يكمن ما هو خيالي في الفيلم .هل شخصية أفنر شخصية خيالية أم أنها حقيقية ؟
عباس: الشخص الذي اسمه أفنر شخص حقيقي يعيش في نيويورك. وقد تم شغل الفيلم بناء على وجهة نظره حول عملية ميونخ. ثمة صحفي كندي كتب كتابا عن حياة أفنر. وحدها اسرائيل تنكر وجود هذا الشخص، قائلة لا نعرفه ولا نعرف شيئا عن حياته .هو يعيش الآن في أمريكا كأمريكي وعنده عائلة، كما أنه يعمل في التجارة، وليس له أي علاقة باسرائيل الآن.
كاتب سيناريو الفيلم التقاه وتحدث معه لكي يتأكد من الحقائق التي يتناولها الفيلم. لقد قرأت كتابا مترجما إلى الفرنسية يحكي بالضبط عن أفنر والأشخاص الخمسة التي التقتهم غولدا مائير وطلبت منهم قتل الفلسطينيين، كما وعدت أرامل الفريق الرياضي الاسرائيلي علنا بأن دماء أزواجهم لن تذهب هدرا، وستنتقم الدولة الاسرائيلية لهم.
هل توقف حوارك مع المخرج عند حدود القضايا الفنية أم تجاوزها إلى قضايا تتعلق بالمضمون السياسي للفيلم ؟
عباس: لقد تحدثت مع المخرج حول عدد كبير من القضايا الفنية والسياسية. و تحاورت معه حول كل شيء تقريبا. كان الحوار يتم حتى على منصة التصوير. وإذاما كان هناك خلاف حول الرواية السياسية فإن البعد الانساني كان عاملا مشتركا. الانسان الذي هو أنت عبر طريقة تمثيلك للشخصية تعبر عنه. لا تستطيع أن ترفض انسانية الفلسطينيين وتمنحها للاسرائيليين.
هذا الحوار أثر على كافة مجالات الشغل. لذا يمكنني القول أن كل الشخصيات الفلسطينية أخذت طابعا إنسانيا .حتى مشهد الفدائي علي وحديثه مع أفنر في الفيلم يظهر لي كشخص يدافع عن وطنه وشعبه. وبرأيي هذا المشهد من أهم المشاهد السينمائية التي دافعت عن الحقوق الفلسطينية في الأفلام الغربية.
على العموم .أرغب أن أوضح، هنا، أمرا في غاية الأهمية، هو أن فيلم "ميونخ" ليس فيلما وثائقيا. لذلك، ككل عمل فني هناك دائما شيء خيالي يضاف إلى الرواية الأصلية، في سبيل تقديم دراما تصويرية. في الفيلم كان هناك شخص هو أفنر ينتقم باسم دولة من أشخاص غير مثبت إدانتهم إلا اتهام دولته لهم. شخص ليس في مستوى هذه المهمة التي كلف بها من قبل الموساد وغولدا مائيررئيسة الوزراء الاسرائيلية في تلك الفترة.
ما هو الفرق بين فيلم "ميونخ" والافلام الأميركية الأخرى التي تناولت العالم العربي، والصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟
عباس: العربي معروف في السينما الامريكية كشخص عاطل، سيء، متخلف، مكبوت جنسيا، علاقته مشوهة وغير انسانية مع المرأة إلخ. الشخصيات الفلسطينية التي قتلت تم تصويرها كشخصيات انسانية، ولم يثبت أحد ادانتهم وتخطيطهم لعملية ميونخ، أو حتى ضلوعهم بشكل أو بآخر فيها. حتى الآن ليس هناك سوى ادعاء اسرئيلي فحسب.
هل حصلت هناك توترات بين الممثلين أو مع المخرج أثناء التصوير بسبب مواقف سياسية معينة ؟
عباس: لم تحصل توترات اطلاقا بين الممثلين العرب الذين يمثلون الفدائيين والممثلين الذين يمثلون الاسرائيليين في الفيلم. الجميع كانوا لمدة ثلاثة شهور داخل فندق مشترك. بالطبع جرت نقاشات فيما بينهم، هذه النقاشات قربتهم من بعضهم البعض. مازلت أذكر أن المشهد الأول الذي يعرض لعملية حجز الفريق الاسرائيلي كان صعبا على الممثلين العرب الذين كان عليهم أن يبدوا خشونة في تعاملهم مع الممثلين الاسرائيليين الذين يفترض أن يكونوا أعداء في الفيلم.
ستيفن سبيلبيرغ مخرج ذو أصول يهودية يعمل فيلما عن الفلسطينين والاسرائيليين. كيف تنظرين إلى عمل فنانين من أصول يهودية على مواضيع فلسطينية؟
عباس: أريد أن أشير إلى شيء في غاية الأهمية. إذا لم يشتغل اليهود والفلسطينيون أحدهما على موضوع الآخر فلن نتقدم ابدا. لا يوجد عندي مشكلة مع مشاريع فنانين ينتمون إلى أصول يهودية. مشكلتي هي مع مضمون المشروع. حتى لو اختلفت معهم حول بعض المواقف السياسية، فأنا متفقة معهم حول مضمون عمل معين.
وأنا شخصيا لا أحكم على الانسان من خلال انتمائه الديني أو القومي. اليهودية دين وليست قومية. اذاما تقدم إلي مخرج اسرائيلي وعرض علي مشروع معين، فأنا أقبل أو أرفض المشروع بسبب المضمون وليس بسبب انتماء المخرج الديني أو القومي.
كأنما تريدين القول ان الصراع العربي الاسرائيلي هو صراع سياسي لا ديني؟
عباس: نعم .أرفض اليوم أن نختصر الصراع العربي الاسرائيلي إلى صراع ديني. الصراع ليس صراعا اثنيا. هو صراع يهدف من قبلهم إلى فرض رؤية ومشروع سياسي علينا. انني كإنسانة أتعامل مع البشر مهما كانت انتماءاتهم الدينية. لا أريد أن أسير على هدى السياسيين. أنا فنانة والفن برأيي طريقة في الاتصال بين البشر.انه دعوة مفتوحة للذهاب إلى الآخر. أحكي ما أفكر به.وما أفكر به أحكيه عن طريق الافلام. عندي حظ أنني اشتركت في الأفلام التي تعبر عن الانسانية الموجودة في داخلي.
أجرى الحوار صالح دياب
حقوق الطبع قنطرة 2006
قنطرة
فيلم " الجنة الآن" للمخرج هاني ابو اسعد
عرض في مهرجان برلين السينمائي 2005 فيلم" الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد، وهو أول فيلم يتحدث عن الإنتحار وفلسفته في العمل السياسي. إيغال أفيدان اجرى حوارا مع المخرج.
"النزاع الإسرائيلي – العربي كان يجذبني دائما" "
سيكون يوم عرس منى هو اليوم الأكثر حزناً في حياتها؛ إذ لن يسمح للشابة الدرزية بزيارة أهلها في إسرائيل ثانية، إذا انتقلت للعيش مع زوجها في سورية. ايغال افيدان أجرى هذا الحوار مع عيران ريكليس مخرج فيلم "عروس سوريا"
فيلم "عطش" للمخرج توفيق أبي وائل
لم يتجاوز المخرج الفلسطيني توفيق أبو وائل السادسة والعشرين من عمره عندما حقق فيلمه الطويل الأول "عطش" الذي يروي حكاية أبي شكري وعائلته التي يعيش معها، منذ عشر سنوات، منعزلاً في ثكنة عسكرية مهجورة.