بيت لحم......رسائل المحبة والسلام من مدينة السلام
"كل شيء جميل هنا نشعر بأرض السلام والمحبة، أرى وجوها وجنسيات مختلفة. الكل جاء يحتفل وما أدهشني وجود المسلمين بأعداد كبيرة جاؤوا ليحتفلوا معنا في أعيادنا فهذا شيء جميل"، بهذه الكلمات والمشاعر وصف الزائر البريطاني كرستيان دغلاس المحاضر في العلوم السياسية اللحظات التي انتابته في مدينة المهد. ويؤكد الزائر البريطاني أن هذا هو النموذج الإنساني الديني الذي يجب أن يظهر للجميع بعيدا عن التجاذب الديني، فهنا المسجد وعلى بعد أمتار الكنيسة.
وسياسيا استغل الرئيس الفلسطيني الذي شارك في قداس الميلاد هذه المناسبة للتأكيد على حرصه على عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي، قائلا "إننا نؤمن بالسلام ونعمل لأجل تحقيقه ولن نحيد عن طريق السلام، لأنه مصلحة حيوية للشعب الفلسطيني والأمة العربية والعالم وكذلك للشعب الإسرائيلي". كما عبّر الرئيس الفلسطيني في "عشاء عيد الميلاد" للطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الغربي في مدينة بيت لحم عن أمله بأن يفهم القادة الإسرائيليون أن السلام مصلحة حقيقية لهم وألاّ يضعوا العراقيل أمام تحقيق السلام.
وشدد الرئيس الفلسطيني على أن المسجد والكنيسة والكنيس يتعانقون في هذه الأرض المقدسة، ولا أحد ينكر حق أحد والكل يريد العيش بأمن وسلام. وأضاف قائلا: "نحن مؤمنون بحل الدولتين؛ دولة إسرائيل الموجودة ودولة فلسطين التي تنتظر الوجود لتعيشا جنبا إلى جنب بأمن واستقرار، آمل أن يعودوا إلى رشدهم وأن يفهموا أننا طلاب سلام ولسنا طلاب حرب وإرهاب، نحن نريد أن نعيش معهم، ولكن إذا لم يريدوا ذلك فالأمر يعود لهم، وإذا أرادوا أن يتعنتوا في مواقفهم فالخاسر هم ونحن أيضا، ولا نريد أن نخسر هذه المعركة لنصل إلى السلام العادل والشامل".
باب نويل يحمل هدايا سياسية
وحرص بابا نويل على توزيع الهدايا على زوار المدينة من مختلف دول العالم على شكل كتيبات تثقيفية وسياسية، كالإشارة مثلا إلى مساحات الأراضي التي استولت عليها إسرائيل من محافظة بيت لحم والمستوطنات التي تحيط بالمدينة. ولعل ما يميز هذه الاحتفالات أجواء التسامح والمحبة التي تجمع كل المحتفلين من مسيحيين ومسلمين، فالطالبة الجامعية المسلمة وجدان صقور تلبس قبعة باب نويل وتشارك صديقتها في أعياد الميلاد، إذ حضرت لساحة الكنيسة لتشاركهم الفرحة، كما تقول" نحن اعتدنا أن نتشارك الأعياد، ففي أعيادنا يبعث لنا جيراننا المسحيون الحلوى ويقدموا لنا التهاني ونحن نفعل ذلك أيضا. وأنا هنا في ساحة المهد لأقول لهم كل عام وأنتم بخير". وتضيف قائلة "نحن اعتدنا أن نعيش جنيا إلى جنب ولا نشعر بأننا نحن مسلمون وهم مسحيون لا أحد يلتفت لهذا الموضوع فكلنا أبناء بلد واحد".
أما السائحة الأوكرانية ميرنا التي تحدثت عن دهشتها وسعادتها بالحضور إلى الأراضي المقدسة فتقول "هنا شجرة ميلاد لا توجد بحجمها في بلدي. هذا يدل على مدى الاهتمام وحب الفلسطينيين للحياة. الكل هنا يلقي عليك التحيه. يريدون التحدث معنا. يريدون أن يعرفوا من أي بلد أنت، وأنا سعيدة للقدوم هنا للتعرف على الثقافة العربية التي تمتزج بالبساطة وحب التعارف على عكس ما كنت أتصور أنهم منغلقون ويكرهون الغرباء".
نشاط الحركة السياحية
وتزهو محلات المدينة وشوارعها بالأضواء الميلادية وملابس باب نويل في مشهد يبعث على الأمل ورغبة سكان المدينة في الحياة والفرح، كما تقام الحفلات والمهرجانات للترفيه. كما تستعد المدينة لتسجيل نفسها على قائمة التراث العالمي بعدما حصلت فلسطين على عضوية منظمة اليونسكو، إذ يعلق الأهالي والمسؤولون آمالا كبيره على انضمام المدينة للتراث العالمي من أجل تشجيع السياحة وتوفير الحماية للمدينة. وابتهاجا بهذه المناسبة احتضنت مدينة بيت لحم شجرة عيد ميلاد ضخمة، كما يوضح القائمون على احتفالات المدينة، حيث بلغ طول الشجرة خمسة عشر مترا بقاعدة قطرها ثمانية أمتار، في مشهد يخطف الناظرين.
كما قامت الشرطة الفلسطيينة بنشر 500 عنصر من أفرادها في بيت لحم، وفق ما أكدته في بيان لها، وذلك لتأمين الاحتفالات والمحتفلين والحفاظ على الأمن العام. كما شهدت المدينة نشاطا مميزا في حجوزات الفنادق، إذ أكد رئيس جمعية الفنادق العربية إلياس العرجا في تصريح صحافي أن جميع الغرف الفندقية في المدينة تم حجزها خلال فترة الأعياد، حيث يوجد في مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور 38 فندقا، تضم 2400 غرفة فندقية وبسعة 5000 سرير. يشار إلى أن وزارة السياحة والآثار الفلسطينية تتوقع حضور أكثر من 100 ألف سائح إلى مدينة بيت لحم مع نهاية الشهر الجاري لحضور احتفالات أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية.
مهند حامد- بيت لحم
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011