نساء كردستان......تزاوج الجمال والفلكلور
زي المرأة الكردية يسحر ناظره ببريقه ولمعانه وألوانه الزاهية المستوحاة من الطبيعة الخلابة التي تمتاز بها المناطق الجبلية والسهول في إقليم كردستان. وتحرص المرأة الكردية على ارتداء هذا الزي في الأعياد والمناسبات السعيدة والزيارات العائلية. ولم تغب تصاميم الحداثة عن هذا الزي، إذ عمد الكثير من المصممين والخياطين إلى إضفاء لمسات من الحداثة العصرية في تصاميمه، مع الاحتفاظ بالسمات الفلكلورية له "باستلهام جمالية الماضي".
في مشغل صغير متواضع وسط سوق "مولوي" بمحافظة السليمانية يقوم عبد الرحمن حمه أمين علي، والمعروف بــ "الأسطة عبدول الخياط"، بتصميم وخياطة الملابس الكردية التقليدية لزبوناته اللاتي اعتدن على ارتياد ورشته باعتباره أحد "أقدم المصممين والخياطين في هذه السوق الشعبية"، كما تقول إحداهن.
نتاج للطبيعة الخلابة
عن تاريخ الزي الكردي يقول الأسطة عبدول في حوار مع موقع DW عربية إن "الزي الكردي هو نتاج الطبيعة الخلابة وألوانها الزاهية فهو هويتنا التاريخية"، مبيناً أن تطور أزياء المجتمعات فرض على هذا الزي الكثير من التغيرات "لكي تواكب الموضة والحداثة". وبينما ينشغل الأسطة عبدول (56عاماً)، الذي ورث المهنة عن أبيه منذ الصغر، بتصميم أحد الأزياء لزبوناته التي طلبت منه انجازه بأسرع وقت مع اقتراب "عيد النوروز"، يضيف قائلاً: "هناك إقبال متزايد على شراء الأزياء الكردية تزامناً مع اقتراب رأس السنة الكردية".
ويحرص عبدول على تقديم الأزياء التقليدية "بشكل عصري يتلاءم مع الحداثة، كما نحاول التوليف والمزج بين النقوش والألوان المستخدمة في الزي القديم مع التصاميم الحديثة". ويحتفل الكرد في 21 من آذار/ مارس من كل عام بعيد نوروز الذي يعد عيداً قومياً وتاريخياً تعبيراً عن الحرية والتخلص من الظلم، إضافة إلى أنه يمثل رأس السنة الجديدة في التقويم الكردي المعتمد منذ نحو 27 قرناً.
ويشير عبدول في حديث مع DW عربية: إلى أن "الأزياء النسائية الكردية تختلف من منطقة إلى أخرى باختلاف البيئة والتقاليد كالبادينية والسورانية". أما عن أسعار الأزياء فيبين عبدول أنها تختلف باختلاف نوعية القماش المستخدم في تصميمه، إذ تتراوح ما بين 60 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولاراً أمريكيا) ومليون و800 ألف دينار عراقي (نحو1500 دولاراً أمريكيا). ويخاط الزي النسائي الكردي بالأقمشة المزركشة (المطعمة) بالحلي الذهبية أو الفضية والإكسسوارات، ويتألف من العصابة التي تغطي الرأس ودشداشة داخلية وأخرى خارجية تخطي أخمص القدمين وستره مفتوحة مطرزة بالزهور، مع سروال داخلي وحزام بلون ذهبي تلف به منطقة الخصر.
هوية "بفخر"
روزان عبد الستار صابر، وهي إحدى زبائن سوق "مولوي" وسط السليمانية، أتت لشراء بعض الأقمشة والحلي الذهبية من أجل تصميم فستان كردي قبيل عيد النوروز لغرض ارتدائه أيام الاحتفال. وتقول روزان: "افتخر بارتداء الزي الكردي الذي يميزني كامرأة كردية عن غيري من نساء القوميات الأخرى، فهو ارثنا الشعبي الذي ورثناه من أجدادنا".
وبينما تنشغل روزان بتقليب واختيار بعض الأقمشة التي تناسب تصميم زيها لهذا العام، تضيف في حوار مع DW عربية قائلة: "أفضل ارتداء زينا التقليدي لما له من جمالية ينفرد بها عن الأزياء الأخرى". وتنوه الشابة الكردية إلى أن التغييرات في تصاميم الزي الكردي النسائي "قد زادت من جماليته وجعلته يواكب الموضة"، مشيرة إلى أن هذه الإضافات من شأنها أن"تضيف جمالاً آخر للمرأة الكردية". وعن تفضيلها تصميم الزي القديم أو ذاك الذي يضم الإضافات العصرية والموديلات الحديثة، ذكرت روزان أنها تميل إلى ارتداء الزي التقليدي - الحديث "الذي يخرج المرأة كأنها لوحة فنية ممزوجة فيها جميع ألوان الطيف الزاهية".
رفض الحداثة والتمسك بالموروث الشعبي
أما منيرة عزيز كريم فتحرص على ارتداء زي قوميتها التقليدي منذ الصغر، وهي لا تزال تواظب على ارتداء زي قوميتها في الأعياد والمناسبات. وتقول في حوار مع موقع DW عربية: بأنها تفضل شراء الملابس الكردية "بدون أي تحديث في تصاميمها"، مبينة أن التغييرات وحتى البسيطة منها ستؤثر على هذا الفلكلور، "فالحداثة مطلوبة بشرط الحفاظ على هوية معالم مجتمعنا الكردي"،على حد وصفها. وتضيف منيرة (58عاماً)، والتي فضلت تصميم فستانين أحدهما لحفل زفاف ابنتها والآخر لأعياد الربيع: أن "الموضة ليست ضرورية للأزياء الشعبية"، منوهة إلى أن "اعتماد هذه التغييرات سيقضي على ملامح الزي النسوي الكردي الذي ينبغي ان نحرص على إبقائه". يذكر بان وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان العراق حددت يوم الثامن من آذار/ مارس المقبل المصادف عيد المرأة العالمي كمناسبة لارتداء الملابس الكردية في المدارس والدوائر الرسمية التابعة لها على سبيل التجربة من أجل "إحياء التراث الكردي".
مناف الساعدي ـ السليمانية
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012