محجبات يلتقطن السيلفي على ألواح التزلج...من هم الميبستر؟
عصر يوم عادي في حي ميشين في سان فرانسيسكو، إذ يتجمع شباب ملتحي الذقون بسراويل ضيقة مولع بالتكنولوجيا الحديثة ، في متنزه الحي وفي والمقاهي المؤسسة حديثا حوله والتي تعج بزبائن معظمهم من الموظفين الأنيقين من المهاجرين الشباب.
ويمكن لمن يفتقر للدراية بطبيعية الأوضاع هنا، ألا يلتفت كثيرا لهذه المجموعة المكونة من خمسة شباب يجلسون على هذا المقهى القريب من متنزه دولورز، فهم من أصحاب اللحى المهذبة بدقة ويجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر الموضوعة على الطاولة ويتحدثون عن فريق الروك غراس روت إندي. جميع أفراد هذه المجموعة من المسلمين الذين يمارسون طقوس دينهم وإحدى الشابات ترتدي الحجاب، إذن هم ليسو "هيبستر" عاديين وإنما يمكن تسميتهم بـ"الميبستر"، الذي يدمج بين المسلمين والهيبستر.
عمار، شاب سوري أمريكي في السابعة والعشرين ويعمل في مجال البرمجيات يرفض في البداية مصطلح "ميبستر". ويرى عمار أن هذا المصطلح الجديد الذي يطلق على شباب أمريكيين مسلمين من أصحاب الوظائف وله معنى مشابه لمصطلح "هيبستر"، ليس مناسبا تماما. ويقول عمار: "لا أدري إن كان هذا التعبير يعجبني. لا يتوقع أحد أن يتم ربطه بشكل أو بآخر بالهيبستر، أليس كذلك؟..لكن لا مانع من أن يطلق علينا الناس لفظ ميبستر، فهذا يعني في النهاية أننا أمريكيون". ويواجه مسلمو الولايات المتحدة العديد من التحفظات منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2011، حتى رغم مرور 15 عاما عليها.
وترى هذه المجموعة وآلاف الشباب المسلمين الآخرين في مختلف أنحاء البلاد أن هويتهم كـ"ميبستر" تعني وصولهم للطبقة المتوسطة. وهو ما يعقب عليه عمار بقوله: "أعتقد أنه يمكن القول إننا حققنا هذا الأمر..على الأقل فهم يضحكون علينا لأننا هيبستر كما يقال، بالإضافة إلى كوننا مسلمين".
معنى مصطلح "ميبستر"
"هيبستر" هو لفظ يستخدم في اللغة الدارجة في سان فرانسيسكو ليعبر عن الشباب المولع بالتكنولوجيا عادة أو الشباب الذين يعملون في شركات التكنولوجيا ممن يرتدون الجينز الضيق ولهم لحى مهذبة بعناية ولديهم ما يطلق عليه سكان المدينة "مسحة من العنجهية".
وتسعرض مجموعة "ميبسترز" على الفيسبوك ما يمكن وصفه بدليل للمصطلحات إذ يتم فيه تعريف الميبستر كالتالي: "هو شخص فعال في المجتمع ويسعى لنظام اجتماعي أكثر عدالة واندماج دون الكليشيهات المعروفة، كا أنه يرفض أن يسبح كالأعمى مع التيار في عالم يسيطر عليه التفكير الطبقي ويتجاهل تبعات هذا التفكير. الـ"ميبستر" هو شخص شجاع لكنه متواضع، منفتح لأمور مختلفة ويتمتع بالشخصية القادرة على التصرف المناسب في الوقت المناسب وإبداء الرأي أو تنفيذ ما يريد.
وبالنسبة لهبة الأمريكية المنحدرة من أصول مصرية، فإن هذه الفكرة ليست سلبية بالضرورة، لكن الشابة البالغة من العمر 25 عاما، تأمل أن يؤدي هذا الجدل في أن يبدي غير المسلمين من الأمريكيين تفهما أكبر لحياة المسلمين الذين يعيشون معهم في نفس البلد.
وتقول هبة: "لست ضد مصطلح الـ"ميبستر"، لأنه يعني أننا جزء من الهوية الأمريكية..يمكنني أن أتعرف على غير المسلمين وأسعد بصحبتهم فنحن لدينا اهتمامات مشتركة إذ نحب نفس الفرق الموسيقية ونذهب لنفس الحفلات، فهذا أمر منطقي في النهاية".
وتقول هبة إن أصدقائها يرون أن حجابها بمثابة إكسسوار يساير الموضة، كما يعلقون كثيرا على التصميمات المختلفة التي تعج بها خزانة ملابسها. وترى هبة أن ثقافة الهيبستر من الممكن أن تسهل على الكثير من المسلمين التحرر من العادات والتقاليد القديمة والاستمتاع أكثر بالحياة، حتى مع ارتداء الحجاب.
وتضيف هبة: "أعتقد أن الكثير من الشابات المسلمات يرغبن في التماشي مع الموضة بشكل أكبر وإظهار الاختلاف عن غيرهن، وهنا يمكنني استخدام حجابي لتحقيق هذا الأمر إذ تساعدني لفات الحجاب المختلفة واستخدام ألوان متنوعة على إظهار هويتي" مؤكدة: "صرت شخصية أكثر انفتاحا منذ أن بدأت في عمل الأشياء التي تسعدني بالفعل، وإذا كان هذا معناه أن يطلق علي "هيبستر" أو "ميبستر"، فليس لدي مشكلة مع ذلك".
ظاهرة جديدة
أصبحت ثقافة الـ "هيبستر" ركنا من ثقافة مدن أمريكا الشمالية، وتطورت واتخذت طابعها المرتبط بعشق التقنيات الحديثة، في مدينة سان فرانسيسكو، لكن مشاركة المسلمين في هذه الثقافة هو الحديث نسبيا. ونشرت مجموعة "ميبسترز" على الفيسبوك، العام الماضي، فيديو لفتيات محجبات يركبن ألواح التزلج ويلتقطن "السيلفي". وتسبب هذا الفيديو في إلقاء الضوء على ثقافة الـ "ميبستر" ليحظى المصطلح باهتمام كبير.
وقوبل هذا الفيديو بتعليقات مرحبة، إذ علقت ياسمين حافظ على الفيديو على موقع صحيفة الهفنغتون بوست الإلكتروني قائلة: "أهنئ الميبسترز على مبادرتهم وإبداعهم. المجتمع المسلم بحاجة للمزيد من الإبداع والمخاطرة وتوسيع نطاق حدودهم. تذكر ردود الفعل على هذا الفيديو، بما ينقص الإسلام الأمريكي بالفعل وهو الروح المنفتحة".
وحتى داخل مجتمعات المسلمين الأمريكيين، الذين يرون أن فكرة الـ"ميبستر" كهوية ثقافية، في فكرة خيالية في المقام الأول، إلا أن هذا لا يمنع أنها صارت موجودة بقوة على الأرض. ويأمل المسلمون في الولايات المتحدة، أن تساعدهم هذه الهوية على إظهار عقيدتهم وإبراز خصوصيتهم في الوقت نفسه.
توافق هبة على هذا الأمر، في حين تلتقط مريم، الشابة غير المحجبة طرف الحوار وتقول إنها تأمل ألا يركز الناس على فهم الجانب الديني فقط للمسلمين الأمريكيين وإنما الاهتمام أيضا بشخصياتهم وصفاتهم كبشر.
وتختتم الشابة قولها: "حتى وإن كانت فكرة الميبستر كلها هي مسألة عابرة، إلا أني آمل في أن يتم النظر للمسلمين الأمريكيين في المستقبل بشكل أقوى كبشر. لا نرغب أن يتم الحكم علينا على خلفية حجابنا أولحيتنا، لكن على خلفية طبيعتنا كبشر وكأمريكيين".
جوزيف مايتون
ترجمة: ابتسام فوزي