تقويم رمضان الإسلامي على غرار تقويم عيد الميلاد المسيحي
تقول ناديا دوكالي: "كنت أفكِّرُ دائمًا: ’يا للعجب، كيف يستطيع الجميع الصيام من دون أن تتعكَّر أمزجتهم‘". وناديا دوكالي - التي يبلغ عمرها أربعة وأربعين عامًا وتعيش في مدينة فرانكفورت الألمانية - هي مخترعة التقويم المعروف باسم "إفطار ليندر"، الذي يرافق المسلمين خلال شهر رمضان حتى عيد الفطر المبارك. وفي هذا العام يمتد شهر رمضان طيلة شهر كامل وينتهي في الرابع من شهر تمُّوز/يوليو القادم.
وتقول ناديا دوكالي إنَّها كانت تواجه دائمًا صعوبات كبيرة في تحمُّل الصيام، أي الإقلاع عن تناول الطعام والشراب من الفجر وحتى غروب الشمس: "خاصة في البداية كنت أشغل نفسي دائمًا في التغلُّب على الساعات ولم أكن أجد الرجوع إلى الله بهذه السهولة"، مثلما تقول نادية دوكالي: "أردت أن تكون لديّ ركيزة، ترافقني طيلة شهر رمضان".
ومن هذه الضرورة نشأت لديها فكرة تقويم الإفطار "إفطار ليندَر". وقد استوحت اختراعها هذا من التقويم الألماني المعروف قبل أسابيع عيد الميلاد. لقد نقلت ناديا دوكالي هذا التقويم الخاص بالتحضير لأهم عيد مسيحي إلى فترة الصيام في شهر رمضان المبارك.
وهكذا يتم في كلِّ يوم من أيَّام شهر رمضان - عند الإفطار بعد غروب الشمس، فتح واحدة من الثلاثين نافذة في هذا التقويم. وعلى كلِّ نافذة توجد كلمة مطبوعة باللغة العربية. ويوجد خلف هذه النافذة لوح من الشوكولاته مع قطع من التمر. وهذا يُذكِّرنا بوصية الإفطار على كوب من الحليب وبعض حبات من التمر - مثلما هو شائع على الأقل في الدول العربية.
حافز يشجِّع على التأمُّل والتفكير
"الكثيرون من المسلمين يصومون، ولكن من دون أن يعرفوا بالضبط لماذا يصومون"، مثلما تقول ناديا دوكالي. وهي تقارنهم مع المواطنين المسيحيين: "الذين لا يعرفون جميعهم أيضًا، ماذا يعني عيد الفصح أو عيد العنصرة"، مثلما تقول مضيفة: أنَّ الغاية من شهر رمضان ليست فقط من أجل الحرمان المادي، بل أيضًا من أجل البحث والتفكير في الإسلام. وهي تريد هنا أن تبدأ.
وناديا دوكالي تجد أنَّ الكلمات المطبوعة باللغة العربية على النوافذ غير مهمة للمسلمين وحدهم، بل أيضًا لأتباع الديانات الأخرى، وترى أنَّ هذه الكلمات تلعب دورًا من وجهة النظر الأخلاقية. وحول ذلك تقول: "الكلمة تفيد في تعزيز الحوار مع الذات، ومع الله ومع أطفالي وشريكي ومع زملائي في العمل، وأيضًا مع أصدقائي غير المؤمنين أو ذوي المعتقدات الأخرى".
الكلمة المخصَّصة لليوم الرابع هي "كلام". تقول ناديا دوكالي: "أنا أريد التفكير في استخدام الكلمات الجميلة". وتضيف واصفةً الأسئلة الرئيسية لهذا اليوم: "ماذا تعني بالنسبة لي هذه الكلمة؟ وكيف يكون وقعها عند البعض؟ وكيف نتواصل في الواقع بعضنا مع بعض في يومنا هذا، وكيف يجب علينا أن نتواصل بعضنا مع بعض؟". وتقول إنَّها قد اختارت بشكل غريزي الثلاثين كلمة الموجودة على النوافذ المخصصة للأيَّام.
بعيدًا عن النماذج النمطية
من الصعب تصنيف نادية دوكالي، التي ولدت في عام 1971 في مدينة مراكش المغربية وجاءت إلى ألمانيا في سنِّ الخامسة أو السادسة. وهي أمٌّ وحيدة لثلاثة أطفال، درست في الأصل السكريتارية. واليوم تكتب كُتبًا للأطفال وتقوم بتنظيم فعاليَّات وتخترع أشياء. وتصف عملها بالقول: "بالنسبة لي يدور كلُّ شيء حول التواصل والإبداع".
وقبل عامين جاءتها فكرة تقويم الإفطار "إفطار ليندَر". ولكن لقد استغرق الأمر وقتًا - ليس للإنتاج، بل من أجل العثور على مشترين لهذه الفكرة. وفي هذا الصدد تقول: "كنت قد عرضتها على مُصَنِّعَي شوكولاته كبيرين، ولكنهما رفضا، وذلك لأنَّ الوضع كان سيئًا جدًا في ذلك الوقت بسبب انتشار الإسلاموفوبيا في ألمانيا. وفي هذه الأثناء هدأت الأمور واتَّخذ الناس موقفًا واضحًا، وحتى في دعم اللاجئين".
جميع النسخ تم بيعها
لقد ساعدها في تنفيذ فكرتها هذه صديقُها القديم سيباستيان فايغلت. وهو مُصمِّم إنتاج وجرافيك وكذلك الجزء الأيسر من دماغها، مثلما تقول ناديا دوكالي. تم إنتاج ألف نسخة من هذا التقويم. وقد اشترى عدد كبير من نسخ التقويم فندقٌ بخمس نجوم، ينزل فيه الكثير من المسلمين. وكذلك وضعت بعض محلات السوبرماركت في مدينة فرانكفورت تقويم الإفطار هذا ضمن تشكيلتها من الشوكولاته.
تقول ناديا دوكالي: "يوجد فضول، ولكن هذا التقويم واحد من المنتجات المصنَّعة بحسب الطلب. وهو شيء لا يزال غير معروف لدى المسلمين". أمَّا النسخ المتبقِّية من تقويهما "إفطار ليندر" فقد باعتها على الإنترنت، وقامت بتغليف كلِّ نسخة من التقويم بمفردها وأرسلتها إلى المشترين في جميع أنحاء ألمانيا، وأيضًا في دول مجاورة.
وجدت هذه الفكرة لدى المشترين ترحيبًا كبيرًا. ولا تزال تصلها في كلِّ يوم عشرات الاستفسارات حول توفُّر نسخ من هذا التقويم. وحتى أنَّ أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، معجبٌ بتقويم الإفطار "إفطار ليندر"، وحول ذلك يقول: "إنَّها فكرة لطيفة للغاية وجيِّدة، ننظر إليها باعتبارها مكافأة مفيدة للمسلمين في شهر رمضان المبارك". وهكذا يمكن - بحسب تعبيره - للأطفال والناشئين الحصول على المزيد من شهر الصيام.
ومن المخطط بالفعل إصدار طبعة جديدة من أجل شهر رمضان القادم - "إن شاء الله".
أوتا شتاينفير
ترجمة: رائد الباش