عقد كامل من التعايش والتقارب
من الخارج، بدى المركز متواضعاً بسيطاً؛ إلا أنه من الداخل بدى على العكس تماماً. فها هي الفصول الدراسية، وها هي قاعات السمينار للتفاعل الثقافي والحضاري، وها هي صالة كبيرة لحضانة الأطفال، وها هي حجرات الاستراحة والترفيه للفتيات والسيدات، وها هي الغرف المُغلقة للاستشارات الزوجية والتربوية والمالية. كل هذا نجده في مركز "اللقاء والتأهيل للنساء المُسلمات"، المتواجد حالياً في كولونيا.
تم تدشين المركز في عام 1996 من قبل نساء مُسلمات يعشن بألمانيا. ويتمثل الهدف الرئيسي لإنشاء مثل هذا المركز، في دعم المرأة والفتاة المُهاجرة، بغض النظر عن الديانة أو عن الجنسية التي تنتسب إليها. ويتحقق هذا الهدف – كما ترى إدارة المركز – عبر أربعة طرق أو وسائل، وهي: التعليم، التوعية، الحضانة، التفاعل.
ومن ثم، نجد المركز يوفر للمرأة والفتاة المُهاجرة عدداً – لا حصر له – من الخدمات التي تصب جميعها في ذلك الهدف. فمن دورات تعليم اللغة (ألماني، إنكليزي، عربي، تركي وفرنسي)، إلى "كورسات" تربية الأطفال، إلى جلسات التفاعل حول المرأة والاندماج، إلى جلسات الرعاية الصحية العامة، إلى دروس الكومبيوتر، إلى دروس التقوية للأطفال، إلى جلسات التوعية الإرشادية للأمهات والزوجات والفتيات، اللائي يعانين من مشاكل اجتماعية أو نفسية أو مالية. هذا بالإضافة إلى دورات التعليم للأمهات والفتيات اللائي لم يكملن تعليمهن.
الأهداف: رفع الكفاءة النسائية والتعارف
"نحن عاهدنا أنفسنا، على أن نتكاتف سوياً في سبيل جعل المرأة والفتاة المُهاجرة أكثر إحساساً وشعوراً بذاتها في داخل المجتمع الألماني؛ وذلك من خلال التعليم والتوعية. نحن نستهدف، من خلال عملنا هذا، دعم التعايش السلمي ودعم التسامح بين أطياف ذلك المجتمع. ومن ثم، نبذل كل ما لدينا من جهد، لمحاربة العنصرية والمشاعر الاضطهادية للأجانب." هذا ما نقرأه في الكتيب الذي تعرف فيه ناشطات المركز عن أنفسهن.
إن المركز يسعى جاهداً إلى رفع مستوى كفاءة المرأة، لتصير أكثر شعوراً بالثقة والاعتماد على الذات. إلى جانب ذلك، يسعى المركز إلى مساعدتها على تنمية معرفتها بطبيعة سوق العمل في ألمانيا من ناحية، وبطبيعة المتطلبات السياسية والبيروقراطية للدخول في مثل هذا السوق من ناحية أخرى.
وبما أن التعارف والتعايش – بين الثقافات المختلفة - يشكل أبرز أهداف المركز ومشروعاته، فقد أولى اهتماماً كبيراً بالاحتكاك بين المسلمين وغير المسلمين، كما أولى اهتماماً مماثلاً بأولئك المواطنين الألمان الراغبين في التعرف على دين الإسلام، وعلى الحياة الاعتيادية للفرد المسلم.
المشاريع للتفاعل والتثقيف
وأما على المستوى التفاعلي، فهناك الساحات الشبابية للفتيات، وهناك أيضاً نقاط الالتقاء بين الأمهات من مخلف الجنسيات والديانات. هذا بالإضافة إلى البرامج الترفيهية والأعياد الصيفية والأعياد الإسلامية وأنشطة المسرح التي تجمع الأطفال من مختلف الأسر والمعتقدات.
أما بالنسبة للحضانة، فتوجد أربعة أنواع: حضانة الأطفال الذين يحضرون مع أمهاتهم اللائي يتلقين الدروس التعليمية المعنية؛ وحضانة أطفال الأمهات اللائي يعملن في المركز؛ وحضانة البنات والفتيات (6-14 سنة) بعد انتهاء اليوم الدراسي؛ وأخيراً الحضانة التربوية والاجتماعية للتلميذات وللفتيات اللائي يشتركن في الكورسات المعنية.
وأخيراً، على المستوى الإرشادي، فهناك أربعة أنواع: الإرشاد الجتماعي، والإرشاد التعليمي، والإرشاد النفسي، والإرشاد المالي المتعلق بالديون. هذا إلى جانب إرشاد المهاجرات في كيفية التعامل مع الهيئات الحكومية الألمانية.
قام المركز بتوفير بعض المشاريع التي احتوت على ندوات وجلسات نقاشية، كان الهدف منها الجمع بين المواطنين المسلمين وغير المسلمين. كان من ضمن تلك الندوات ندوات التي مُولت من قبل وزارة الداخلية الألمانية، والتي أتاحت الفرصة لغير المسلمين التعرف على الإسلام والمسلمين.
كان أيضاً من ضمن المشروعات، التي نفذها المركز، مساعدة النساء الشابات – اللائي لم يتمكن من إنهاء تعليمهن – على إكمال دراستهن، والالتحاق تباعاً بالعمل المناسب لقدراتهن. وقد تم تمويل هذا المشروع من قبل وزارة العمل بولاية نوردراين فيستفالين.
وأخيراً، كان هناك مشروع ثالث لتثقيف المرأة سياسياً، وتعريفها بحقوقها السياسية في داخل الدولة الألمانية.
المركز: معاً سلمياً
تأتي العاملات في المركز من تسعة بلدان مختلفة، الأمر الذي جعله ساحةً واسعةً لامتزاج لغوي، يضم حوالي تسع لغات في آنٍ واحد: العربية والبوسنوية والألمانية والإنكليزية والفنلندية والفرنسية والكردية والفارسية والتركية.
وتتشكل نسبة العاملات والزائرات للمركز على الوجه التالي: 40% من التركيات، 20% من العربيات، 20% من الألمانيات، و20% من الجنسيات الأخرى. هذا التنوع اللغوي يمثل في النهاية مزيجاً ثقافياً وحضارياً. ومن ثم، يُقدم المركز "دلالةً واضحةً ضد العنصرية، في سبيل الوصول إلى تعايش سلمي لمختلف الشعوب والديانات."
وأكدت أمينة تايسين، مديرة المركز على اتساع المركز لجميع النساء في ألمانيا، موضحةً بأنه أُنشئ من قبل نساء مسلمات، ولم يُنشأ للنساء المسلمات فقط كما هو مُعتقد من قبل بعض الناس. وذلك بسبب معاناة المرأة في ألمانيا – بغض النظر عن هويتها وديانتها – من أزمات كثيرة، سواءً مع زوجها أو مع أطفالها.
على الرغم من كل هذه الأنشطة – التي يتمتع بها المركز – إلا أنه يعاني من ضائقة مالية شديدة. فأولاً، لا يتم تمويله من قبل الدولة الألمانية إلا فيما يخص المشاريع. وثانياً، فهو لا يتلقى مساعدات مالية كافية من قبل المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا؛ وذلك بسبب اتجاه معظم أموالهم – الصدقات والزكاة – إلى المساجد.
ومن ثم، فإن تايسين تدعو الدولة الألمانية ومسلمي ألمانيا – سواء – إلى تمويل المركز، خاصةً وأنه مركز مستقل.
شيرين فهمي
حقوق الطبع قنطرة 2006
قنطرة
حول الزواج القسري وجرائم الشرف
يعاني الأتراك في ألمانيا من مشاكل ومصاعب عديدة أهم من جرائم الشرف والزواج القسري التي تروج لها وسائل الإعلام في هذه الأيام. هم يعانون من البطالة ومن النبذ الاجتماعي. فلماذا التركيز على جرائم الشرف والزواج القسري؟ هذا ما تحاول الباحثة في شؤون الهجرة أولغير بولات الإجابة عنه في تعليقها.
الإسلام النسوي
تستعين نساء مسلمات في كفاحهن من أجل التحرر والمساواة ومن أجل التخلص من النظرة التقليدية النمطية بالقرآن وبالتاريخ الإسلامي، ويعارضن جزئياً التفسير المتوارث للقرآن
www