احتفال بالذكرى الـ70 للدستور وتجاهل إرهاب نازيين جدد ضد المهاجرين
يبلغ عُمر القانون الألماني الأساسي (الدستور الألماني) سبعين عامًا [في هذه السنة 2019] - ومع ذلك فلا أحد يعرف شارع كويب، إلَّا بطبيعة الحال الثلاثة ملايين تركي-ألماني في ألمانيا، بالإضافة إلى بعض الألمان من أصول مهاجرة. هم يعلمون إلى ماذا يرمز شارع كويب في مدينة كولونيا: ففي التاسع من شهر حزيران/يونيو 2004، انفجرت هنا وفي وضح النهار قنبلة مسمارية في شارع التسُّوق هذا المزدحم بالناس، وأسفرت عن إصابة اثنين وعشرين شخصًا بجروح خطيرة. وتم تدمير صالون حلاقة تركي بالكامل. ولكن حينها -بعد فترة قصيرة- تم استبعاد أية خلفية يمينية [متطرفة] إرهابية.
نحن نعلم اليوم أنَّ "الجماعة الوطنية الاشتراكية" [الألمانية النازية الجديدة] (إن إس يو) هي التي فجَّرت تلك القنبلة. ومع كشف هذه الجماعة عن ذاتها من خلال الانتحار نهاية عام 2011 وتجريمها لذاتها من خلال إرسال شريط اعتراف مصوَّر من قِبَل [الإرهابية] بيآته تشيبه، تم استئناف التحقيق في قضية شارع كويب. وها هي المحكمة الإقليمية العليا في مدينة ميونيخ قد أصدرت -قبل أقل من عام تقريبًا- الحكم في قضية الجماعة الوطنية الاشتراكية [النازية الجديدة].
أسباب تطرُّف الشباب
وصلتني الشهر الماضي -مع الصحيفة التي تأتيني أسبوعيًا- نشرةٌ اسمها "أسْوَد أحمر ذهبي - مجلة الحكومة الألمانية الاتِّحادية" [الألوان ترمز إلى العلم الألماني]. كان في المجلة تقريرٌ ميداني يدور حول أسباب تطرُّف الشباب ويتحدَّث بالإضافة إلى ذلك حول شارع كويب وحول مبادرة "التحوُّل مائة وثمانين درجة" [وهي جمعية لوقاية الشباب من التطرُّف].
تأسَّست هذه المبادرة في عام 2012 بهدف الدفاع عن قيم القانون الأساسي الألماني وقواعده. وتسعى الجمعية المسؤولة عن المبادرة إلى مخاطبة الشباب الذين من المحتمل أن يخرجوا من حالات الأزمات الشخصية ليتطرَّفوا في أوساط إسلاموية، أو الأشخاص الذين يعرفون شخصًا قد تطرَّف بالفعل ولا يريدون الاتِّصال فورًا بالسلطات.
تهدف مبادرة "التحوُّل مائة وثمانين درجة" إلى بدء الحديث مع هؤلاء الأشخاص بمساعدة أقران لهم من أصول مهاجرة ومن نفس الفئة العمرية مُقيمون في نفس المنطقة. لكن كثيرًا ما صدرت ولا تزال تصدر انتقادات تفيد بأنَّ المسلمين لا يعملون ضدَّ الإرهاب الإسلاموي. غير أنَّ المسلمين باتوا ينشطون في مبادرة التحوُّل 180 درجة، حيث تتم إدارة هذه المبادرة من قِبَل المغربي الألماني ميمون بريسون.
مطلوب مزيد من "المواطنين الشجعان بدل الغاضبين"
في مجلة الحكومة الألمانية الاتِّحادية، يتم التعريف بمرشد اجتماعي لطيف يعمل في جمعية التحوُّل مائة وثمانين درجة، يسعى من أجل استعادة الشباب المعرَّضين للخطر في منطقة كولونيا-مولهايم وكسبهم لصالح الديمقراطية الألمانية. يظهر في المجلة الصحفي مع هذا المدِّرب الاجتماعي وهما يمشيان معًا صعودًا ونزولًا في شارع كويب. تأمل المبادرة المزيد من "المواطنين الشجعان بدل الغاضبين"، حتى وإن كان المقصود بـ"المواطنين الغاضبين" -إلى الآن في الواقع- نقيضَ فئة الشباب المحرومة وغير المتعلِّمة.
ناقش تقرير النشرة الحكومية الميداني أسباب التطرُّف الديني المحتمل، ومنها: عدم تقدير الشباب وعدم احترامهم، والإدمان، وتجارب التهميش والإقصاء، وانفصال الوالدين - كلُّ هذا ورد ذكره في التقرير الميداني. ولكن لم تُذكَر أية كلمة عن هجوم خلية النازيين الجدد في مدينة كولونيا، أم أنَّ "عدم التقدير" هو صيغة مشفَّرة ترمز إلى ذلك؟
"شارع كويب مفعم بالحيوية والنشاط" - هو عنوان لفيلم دعائي قصير رائع. فلا يريد سكَّان هذا الشارع أن يكونوا ضحايا إلى الأبد. كما أنَّ شارع المحلات والدكاكين التركية المعروف لا يريد أن يتم ربطه فقط بهذا الهجوم الإرهابي عليه.
ولكن، يا حكومتنا الألمانية الاتِّحادية العزيزة، إنَّ مَنْ يتحدَّث حول موضوع التطرُّف يجب عليه ألَّا يلتف في الكتابة من حول السياق المؤلم. ماذا عن التطرُّف في شارع كويب؟ هل يمكن أن يكون هناك أيضًا سبب مهم آخر لهذا التطرف يتعيَّن علينا الحديث حوله؟
إنَّ مَنْ يتحدَّث حول شارع كويب والتطرُّف فليس بإمكانه أن يكون لبِقاً حين يتجاهل إرهاب خلية النازيين الجدد الإرهابية.
سونيا حجازي
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2019
[embed:render:embedded:node:31950]