مكتبة ومقهى فيروز في البصرة.. تعبير ناعم عن الحنين إلى الشام
سقطت مدينة البصرة، وهي موطن والد الشاب العراقي محمد عبد الأمير في جنوب العراق، في صراع واضطرابات وتشدد ديني إضافة إلى نقص حاد في فرص العمل والخدمات وذلك منذ الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003.
ويأمل عبد الأمير في أن يتسنى لزبائنه، ومعظمهم من الشباب، أن ينسوا تلك المساوئ مؤقتا ويغوصوا في دُرر الأدب العربي من خلال كتب مكدسة في "مكتبة ومقهى فيروز" وهم يتناولون القهوة بأقداح مطبوع عليها صورة وجه فيروز المطربة اللبنانية ذائعة الصيت.
وقال محمد عبد الأمير، صاحب المقهى الذي يقع في وسط البصرة "حاولت أدمج فكرة المقهى باسم فيروز، أول شيء لأن فيروز بترتبط بالدراسة، بترتبط بالأيام الحلوة، بترتبط بكل ذكرى حلوة، فبتخلي العالم ممكن تكّون ذكرياتها بهذا المكان".
وأضاف عبد الأمير: "الديكور اللي ضمن فيروز قابل للبيع، بحيث يكون دائما فيروز متجدد، ما يصير روتيني ممل، يظل الديكور يتغير باستمرار، الديكور مرتبط نوعا ما -90 في المئة- بفيروز كمان من شتى النواحي".
وتُباع في المقهى أيضا أقداح عليها صور فيروز. ونشأ عبد الأمير (29 عاما) وترعرع في بلد أمه، سوريا، لكنه انتقل إلى البصرة في 2012 مع بداية اشتداد الحرب الأهلية الوحشية في سوريا.
وتسبب الصراع، الذي نشأ قبل أكثر من سبع سنوات، في مقتل مئات الألوف وتشريد ملايين آخرين من بيوتهم في سوريا.
وبعد فراره من سوريا كان عبد الأمير، الذي درس الاقتصاد في الجامعة، يحلم بفتح مقهى ثقافي يحاكي ثقافة المقاهي في دمشق وحقق حلمه الذي أسعد كثيرا من السكان المحليين بالبصرة.
من هؤلاء سمانا سجاد (23 عاما)، التي تعمل مذيعة في راديو البصرة ومن زبائن المقهى والتي قالت: "إحنا الشباب، فئة الشباب اللي نقرأ، ما نلقى ها الشيء موجود، أو حتى وإن كانت كافيهات موجودة بها مكتبة حتلقى بعض الشباب يجون يأرجلون (يدخنون الشيشة) ما يجون فقط علمود المكتبة، أو تلقى فئات مثقفة موجودة هنا. أكثر شيء عجبي المكتبة الموجودة، التعامل الموجود، الأسلوب، يعني مكان جدا هادئ وما يرتادونه الشباب الطايشين اللي إحنا نقدر ما ناخد راحتنا وياهم (معهم)".
وأضاف حسين مكي، وهو طالب في الثانوية وأحد زبائن المقهى: "إحنا أول مرة ندخل هيك مقهى نلقى صور فيروز وكتب فيروز وأغاني فيروز بالمكان، وأغلب الكتب متوفرة بهذا المقهى".
وكانت مدينة البصرة، التي تقع عند ملتقى نهري دجلة والفرات بالقرب من الخليج، على مدى قرون بوتقة تدمج العرب والفرس والأتراك والهنود واليونانيين الذين تركوا فيها بصمات ثقافية.
وعقب الإطاحة بصدام هيمنت أحزاب محافظة يقودها شيعة على السلطة في البصرة، جالبة معها نمطا مقيدا دينيا للحياة.
وشارك شباب في البصرة في موجة احتجاجات في سبتمبر / أيلول 2018، تحولت إلى أعمال عنف تشكو من البطالة ونقص الخدمات وزيادة الفساد.
وتعتبر حقول النفط في البصرة المصدر الأهم لمعظم ثروة العراق النفطية، ومع ذلك تعاني المدينة من نقص في الكهرباء والمياه مثل كثير من أرجاء البلاد.
ويغلب الشيعة على سكان العراق، ومعظم المجتمعات في الجنوب من المحافظين دينيا حيث ترتدي كثيرات العباءة السوداء، التي تغطي المرأة من الرأس إلى أخمص القدمين. وغالبا ما يواجه أي اختلاط بين الجنسين في أماكن عامة بالاستياء. رويترز
[embed:render:embedded:node:30956]