"لست ناشطا سياسيا لكني رسام مشغول بقضايا وطنه"
السيد عبد الرزاق شبلوط، نبدأ بأخر مشروعاتك الفنية. . ما الذي تعمل عليه الآن؟
عبد الرزاق شبلوط: أعمل حالياً على مشروع يمزج جماليات الخط العربي مع الجسد الإنساني بأسلوب الواقعية المفرطة، رغبةً مني بتغيير الصورة النمطية للخط العربي الذي لطالما ربطه الأوروبيون على سبيل المثال بالقرآن أو النصوص المقدسة عامةً، لهذا فالمشروع يهدف لرفع غطاء القدسية عن الخط أو اللغة العربية كما كانت قبل الإسلام تاريخياً، وهنا استخدم "العريّ" ليس فقط لإبراز جماليات الجسد البشري بل لإزالة هذه القداسة. لا أعرف متى سأنتهي من هذا المشروع، ربما سنة أو سنتين لا أدري فاللوحة تتطلب مني شهوراً لإنجازها.
لطالما عُرف عن الرسم كهواية مصحوبة بالسخرية أحيانا في المجتمعات العربية وليس مهنة. كيف كانت الظروف مشابهة معك؟
عبدالرزاق شبلوط: بالطبع، في مجتمعاتنا غالبية الأسر تريد لأبنائها النجاح المتمثل في الالتحاق بمجالات مثل الهندسة أو الطب، وكان والداي أيضاً يريدان لي ذلك. في طفولتي كنت أعتبر الرسم أجمل لُعبة لي، حتى أن المعلمين بالمدرسة استغلوا شغفي بالرسم واستعانوا بي في مهمات كثيرة مثل رسم مجلة الحائط، أو تخطيط الشعارات على حائط المدرسة أو حتى رسم صورة، لـ (حافظ الأسد الرئيس السوري السابق) وطبعاً لم أعرف السياسة وقتها، لكني كنت سعيداً كطفل بفرح أساتذتي وزملائي بتفوقي في الرسم. وبعد نجاحي في الصف السادس التحقت لأول مرة بمركز فنون لتعلم الرسم ومنذ ذلك الحين تغيرت حياتي. لكن يجب القول إن هناك تطوراً عاماً في تعاطي المجتمعات العربية مع الفنون في ظل التقدم التكنولوجي والانفتاح على العالم، وبات الرسم يحظى باحترام كبير ولم يعد من المحرمات.
وجدتَ نفسك بين أسلوب الواقعية المفرطة والانطباعية على الألوان التشكيلية الأخرى . لماذا؟
عبد الرزاق شبلوط: الواقعية المفرطة هو أسلوبي الفني الذي أتميز به عن زملائي الفنانين العرب، ومحترفو هذا الأسلوب قليلون للغاية في العالم ككل، لأنه يحتاج إلى تقنية عالية وصبر هائل. لهذا يُنتقد هذا الأسلوب بأنه غير مفيد في ظل وجود الكاميرات وآلات التصوير. لكني أرفض ذلك الطرح؛ فأنا لا أعتقد أن القدرة البشرية هنا في موقع التنافس مع التكنولوجيا، لأن فكرة أن يذهب الإنسان بمقدراته إلى حدودها القصوى هو بشكلٍ من الأشكال كشفٌ للذات، وعمل إبداعي بدايةً من اختيار الفكرة ثم تصميم الموضوع وحتى تنفيذه. أما أسلوب الانطباعية فيمنحني الكثير من الحرية والمشاعر عند ضرب الريشة على اللوحة أو عند لمسة من سكين الرسم أو المسح والتوشيح بالقماشة، بعكس الواقعية المفرطة التي تقيدني بقواعدها الصارمة.
مع رحيلك الإجباري عن الوطن، واللجوء مثل ملايين السوريين إلى الوطن البديل. . كيف عايشت الوضع؟ وهل تعاطي الفنان مع مسألة اللجوء مختلفة عن البقية؟
عبد الرزاق شبلوط: بدايةً لم أكن أرغب في مغادرة سوريا، حتى لو كان الثمن موتي أو استشهادي، لكن زوجتي كانت أكثر عقلانية مني وأقنعتني بالخروج إلى لبنان، وهناك ساءت حالتي النفسية كآبةً وحنيناً بعد أن فقدت شقيقين لي وأبي وابن عمي والكثير من معارفي في الحرب، وبالطبع لم يكن خيار الثقة بالنظام والعودة إلى سوريا متاحاً. عندها نصحني صديقي الطبيب بأن علاجي الوحيد هو ما تبقى لي من عائلة، واللحاق بابنتي الوحيدة آنذاك والتي كانت قد سافرت إلى ألمانيا مع أمها.
وبالفعل سافرتُ مع زوجتي إلى ألمانيا في العام 2015. وصلت إلى مدينة كولْن [كولونيا] الألمانية، وكان بانتظارنا ابنتي لين ووالدتها رؤيا عيسى وهي أيضاً فنانة تشكيلة كانت قد حصلت على منحة فنية من مؤسسىة هاينريش بول Heinrich Böll Stiftung والتي حصلت عليها أنا لاحقاً أيضاً، هذه المؤسسة احتضنتنا كفنانين أو ككتاب سوريين بشكل رائع حقاً في ذاك الوقت. تعاملت المؤسسة معي كفنان وليس كلاجئ وكان رد فعل الجمهور الألماني آنذاك مفاجئاً لي، وحظيت لوحاتي بالتقدير والاحترام الكبيرين، ونُظم معرضان لي في ذلك الوقت بين عامي 2015 وَ2016.
كلاجئ شعرت بأنني عاجز ومهان، عندما وجدت نفسي أقف في الصف لأخذ المعونة والمساعدة، رغم أن الكلمة كبيرة لكنها حقيقية، إنه الذل. لكن بمضي بعض الوقت، فهمت أكثر أن تجربة اللجوء هي حق إنساني والمساعدة هي واجب إنساني أيضاً، وتفهمت الوضع في نهاية المطاف وإلا ماكنت لأستمر.
لهذا لم أجد نفسي مصنفاً كـ "فنان لاجئ"، ورفضت المشاركة في معارض تخص اللاجئين، لأن طريقة تقديمها من المؤسسات الألمانية لم يكن احترافياً إذ لا يجب تقديم شاعر أو فنان على أنه لاجئ أولاً، رغم أن هذا التقديم والدعم كان بحسن نية قطعاً.
كيف ساهمت الغربة عن الوطن في تكوينك الفني؟
عبد الرزاق شبلوط: ساعدني التواجد هنا على إضافة بُعد فني واحترافي آخر لعملي، مثل الالتحاق بدورة في أكاديمية الفنون الألمانية للفنانين المهاجرين المحترفين، وكانت مفيدة جداً كمدخل لسوق العمل بالفن التشكيلي في أوروبا، سواء لمعرفة تسعير اللوحات أو تسويقها لصالات العرض أو شرحها والحديث عنها لا تركها فقط لخيال ورؤية المشاهد. إذ أن المنافسة التشكيلية شديدة للغاية في برلين هذه العاصمة الثقافية العالمية، كغيرها من المجالات الثقافية والفنية والعلمية الأخرى، وحتى تجد لوحاتك مكانها بين صالات العرض والبيع عليك أن تجتهد كثيراً.
كيف تفاعل النقاد الألمان مع لوحاتك ذات الواقعية المفرطة؟
عبد الرزاق شبلوط: كان التفاعل جميلاً جداً ومفيداً جداً لي، سواء ما كتبته الصحافة عني، أوما قاله أصحاب دور العرض في بداية استقراري بألمانيا، مثل مدير إحدى الصالات بمدينة (ديورن) بألمانيا والذي ساعدني على المعرفة والإلمام بكافة المواد والأدوات الفنية والتقنية اللازمة لعملي، وما قاله على سبيل المثال بافتتاح أول معرض لي بالمدينة فقد قال: "كنا نظن أننا وحدنا الأساتذة "الماسترز" Masters بالفن التشكيلي ولكن ها قد أتى إلينا الآن ماستر من الشرق الأوسط" وهذا لقب كبير جداً، وأعتبره نجاحاً معنوياً حقيقياً.
"سوريا بلد بلا حرب" كتاب مصور يوثق سورية مثلما كنا نعرفها
من أجل مواجهة تصورات الكثيرين الرابطة سوريا بالحرب فقط، أعَدَّ ونشر المصور والمستشرق الألماني لوتس ييكل والكاتبة الألمانية ذات الأصول السورية لمياء قدور كتابا مصورا يضم صورا من سوريا قبل الحرب. ماريان بريمَر يستعرض كتاب الصور هذا لموقع قنطرة.
رغم مرور 13 عاما على الثورة في سوريا، تبدو لوحاتك مشغولة بالثورة والنضال إلى الآن، كيف أثرت على الصعيد الشخصي والفني؟
عبدالرزاق شبلوط: كي أكون صادقاً، لا أعتبر نفسي مشغولاً بالثورة والنضال. وأرفض أن أكون بطلاً على حساب هذه الثورة وهؤلاء الشهداء. نعم، رسمت معظم شهداء منطقة ريف حمص الشمالي، ولوحات مثل "قبر جماعي"، و"باقة زنبق"، و"مخيمات"، لكني لست ناشطاً سياسياً ولا أدعي ذلك.
بالنسبة لتأثير الثورة عليّ شخصياً، فأنا كأي سوري آخر فقد عائلته وأحبته في الثورة، ولكن هذا أمر شخصي ومؤلم للغاية، أحاول تجاوزه دائماً حتى أكمل حياتي. بالمناسبة تمر هذا الأسبوع ذكرى وفاة أخي الأول (نديم) الذي استشهد في 23 يونيو/حزيران، لهذا واجبي ألا أنساهم وأن أذكِّر العالم بهم، لأنهم قدموا أرواحهم فداءً للثورة بينما نحن لم نقدم سوى الخسارة والهروب. أتذكر حين وصلنا أوروبا أن الكثيرين أرادونا أن نقول أننا هاربون من الإسلاميين أو داعش، ولكنني في كل مرة أؤكد أننا أُجبرنا كسوريين على الهروب خشية على حياتنا من النظام الديكتاتوري الحاكم، وليس الإرهاب لأن المجتمع السوري ليس معروفاً عنه الإرهاب والتطرف وداعش في النهاية ليست سوى صنيعة للغرب.
فنياً، ألهمتني الثورة بعدم الخوف من نقد أسلوبي في الواقعية المفرطة من قبل زملائي الفنانين أو النقاد. فقد أحيت هذه الثورة الرغبة الدفينة بالواقعية المفرطة. لهذا بدأت برسم لوحة (أَسْر) كتجربة أولى خاصة بعد اعتقالي مع مجموعة من الفنانين والمثقفين ليوم واحد فقط، لكنه كان كافياً لأعرف من خلاله رعب الأجهزة الأمنية.
تفاعلك مع السياسة ومشاركتك في مشروعات فنية سورية مثل "المغيبون قسراً" و"ناجون" يطرح تساؤل حول دور الفنانين في قضايا النضال السياسية وتأثيرهم. فكيف هي تجربتك؟
عبد الرزاق شبلوط: أكرر القول إنني لست ناشطاً سياسياً بل رسام مشغول بقضايا وطنه وأهله. وألبي كل دعوة ترتبط بالثورة السورية. شاركت بمشروع "المغيبون قسراً" للفنان والصديق فارس الحلو وكان دوري هو رسم هؤلاء الأبطال المغيبين ومجهولي المصير إلى الآن، و"ناجون" وهم الذين نجوا من هذا القتل أو الاعتقال، رسمتهم قرب مقالاتهم الأدبية.
الفنان التشكيلي السوري زياد دلول قال في ندوة ببرلين العام الماضي 2023، إن " السياسة لها محل آخر بعيدا عن الرسم"، وإن الفنانين الكبار لم يتمكنوا من فعل شيء لوقف الأزمات والحروب في أوروبا مثل الفنان الإسباني بابلو بيكاسو.. هل تتفق مع هذا الطرح؟
عبد الرزاق شبلوط: أعتقد أن الحياة كلها سياسة، والفن كذلك، ولهذا نحضر الندوات ولقاءات الفنانين ولا نكتفي برؤية لوحاتهم فنحن نريد أن نسمع ونرى ما وراء العمل الفني، أي المواقف. شخصياً حضرت هذه الندوة لأنني معجب جداً بأعمال الفنان دلول، وكنت أنتظر منه موقفاً واضحاً تجاه النظام السوري أو الأوضاع التي نعيشها، وقد آلمني في الحقيقة أنه تجنب الإجابات المباشرة.
وبالطبع الفنان لا يملك سوى التعبير عن المشاعر البسيطة والتفاعل في لوحاته مع البشر الآخرين مثل التأثر بالمجازر الجماعية أو الحالة العامة للبلد. لكن أعتقد أنه على الفنان أيضاً أن يعطي رأيا واضحاً وصريحاً في القضايا السياسية، وأن يكون صادقاً في موقفه السياسي من أحداث بلده باعتباره جزءاً من النخبة الثقافية التي تقود التغيير وتؤثر بالمجتمع. سلفادور دالي مثلاً كان فناناً مبدعاً و رائداً في السريالية، لكنه كان صديقاً للديكتاتور فرانكو. إلى أي حد نستطيع أن نفصل بين شخصية الفنان وعمله؟ بالنسبة لي لا يمكن فصلهما. منهجي هو الواقعية المفرطة سواء في عملي الفني أو في حياتي الخاصة. وأعتقد أن الفنان يجب أن يكون كذلك.
خمسة عقود من حكم آل الأسد العائلي بالحديد والنار في سوريا - بشار على نهج أبيه حافظ
تبدو الأزمة السورية عصية على الحل مع التداخل الإقليمي-الدولي.. كيف ترى الوضع بعد 13 عاما، وهناك الآن حراك السويداء؟
عبد الرزاق شبلوط: قبل حراك السويداء، كنت قد فقدت الأمل.. وبالنسبة لي فإن الثورة فشلت مع الأسف ولم تعد موجودة، وهذا رأي شخصي، وزاد الطين بلِة أننا ابتلينا بمعارضة سياسية رسمية أساءت للقضية السورية برمتها. وللأسف لا توجد قوى أو جهات تمثل الثورة السورية الآن في الداخل، هل هم جماعة الجولاني أم الفصائل المتقاتلة في الشمال السوري، أم قسد (قوات سوريا الديمقراطية) الذين وجدوا في الثورة فرصة لتحقيق حلمهم الوجودي بعد كل ما تعرض له الكرد من تهميش وتنكيل على يد النظام الحاكم (العربي) في سوريا.
لقد أخرجت سنوات الثورة والحرب كل المشاكل السورية النائمة إلى السطح، وأصبحنا نرى العلوي علوي والسني سني والمسيحي مسيحي والكردي كردي، والمعارضة للأسف فشلت ونجح النظام، بمساعدة كل قوى الشر، الجيوش المتصارعة في سوريا أمريكا وروسيا وتركيا وإيران، تبني تفاهماتها وتتقاسم حصصها. وثورات الربيع العربي في مصر وتونس لم تنجح في النهاية، وترى الآن أيضاً ما يحدث في ليبيا واليمن.
وبالنسبة لحراك السويداء هو أمل كبير ومثالي ولكن هل سينجح؟ وإذا نجح. هل سيُفضي إلى حل داخلي فقط بتلبية مطالب مدينة السويداء، أم ينجح بمطالب الثورة السورية العامة والموحدة؟ هذا الأمر صعب ومعقد.
هل يحدوك الأمل للعودة إلى سوريا يوما ما؟
عبد الرزاق شبلوط: لم أعد إلى سوريا منذ مغادرتها عام 2012، ما الذي يضمن لي أنني لن أتعرض للتنكيل عند العودة لبلد تحكمها مافيا نظام الأسد؟ من حيث المبدأ لا مشكلة لدي إن عدت واعتقلت وحوكمت محاكمة عادلة، لكن لا قانون في سوريا ولا عدالة. ولن تكون هناك مصالحة بين أطياف الشعب السوري ما لم تتحقق العدالة الانتقالية. الشعب السوري لم يعد واحداً أبداً والشعار الأول للثورة (واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد) مات مع الثورة. وأصبحنا شعوباً متعددة داخل سوريا وفي المهجر. لا أستطيع أن أجلس على سبيل المثال مع مؤيد للنظام السوري هنا في ألمانيا. كيف أستطيع أن أجلس مع شخص يعتبرني إرهابياً وأن للنظام السوري الحق في قتلي؟
ربما يمكنني أن أسامح قتلة أشقائي مقابل اعتذار واعتراف، وهذا تعبير مجازي عن المصالحة بين أبناء الوطن الواحد، شريطة الاعتذار أي الاعتراف بالحقيقة وإقامة العدل. لكن في الوقت نفسه لا تصالح مع النظام أبداً، يجب محاسبة النظام وقادة المعارضة السياسية أيضاً. هناك القرار الأممي من مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن سوريا القاضي بضرورة ايجاد حكومة انتقالية للحل في سوريا لكنه غير مُنَفَّذ، لأننا نعيش في غابة حقيقية يأكل فيها القوى الضعيف.
لا يزال الجدل دائرا حول الوضع الثقافي في ألمانيا بعد حرب غزة، من إلغاء معارض وندوات لفنانين بسبب مواقفهم.. كيف ترى هذا الجدل؟
عبد الرزاق شبلوط: لقد تضررت بالتأكيد سمعة ألمانيا كداعمة للثقافة والفنون، الآن ألمانيا تدعم الثقافة والفنون ولكن بشروط. هذا لم يكن موجوداً أو يبدو أنه كان موجوداً ولكن لم نكن نراه، وظهر الآن بشكل صادم.
في الحقيقة الموقف الرسمي الألماني مخجل، لم يخذلني النظام السوري ولا الأمريكي، لأني أعرفه لكني خُذلِت من السياسيين الألمان بل ومن نسبة كبيرة من الفنانين والفلاسفة والأسماء الكبيرة التي لم تحرك ساكناً. كان بديهياً أن يكون الفنان حراً في رأيه أكثر من الآخرين، وأن يقدم آراء جدلية بالسياسة أو الدين أو الجنس، فلماذا يتم منعي كفنان من التعبير عن رأيي؟ لماذا؟
كيف رأيت موقف الفنان التشكيلي المصري محمد عبلة ورده لوسام غوته؟
عبدالرزاق شبلوط: كان موقفاً شجاعاً جداً. في الظروف الحالية أصبح اتخاذ موقف علني أمام الصحافة الألمانية مشوباً بالخطر، ويستدعي الكثير من الحذر عند الحديث حول الصراع العربي-الإسرائيلي.
يمكن في ألمانيا انتقاد حماس وتسميتها كما يريد الغرب منظمة إرهابية، ويمكن انتقاد جيش النظام الأسدي لأنه يقتل شعبه على مدى أعوام، وانتقاد بوتين وروسيا والصين وكوريا الشمالية، ولكن لا يُنتقد أبداً الجيش الإسرائيلي على قتله الممنهج للمدنيين الأبرياء، ولا حتى بعد قرارات محكمة العدل الدولية. هناك ليس فقط ازدواجية معايير، بل فقدان للنزاهة رسمياً وإعلامياً أيضاً.
يجب على الدولة الألمانية أن تفعل شيئا، ربما يجب إعادة تعريف معاداة السامية، وإعادة شرح هذه المصطلحات، فهو أمر خطير جداً للمستقبل أن يتم اعتبار أي منتقد للحكومة أو الدولة الإسرائيلية عدواً للدولة الألمانية حتى لو كان المنتقد يهودياً أو ألمانياً، فما بالك لو كان عربياً. إدانة الحكومة الإسرائيلية، ليست معاداة للسامية وليست بكل تأكيد إدانة لليهود أو الدين اليهودي، بل هي رأي أخلاقي وموقف سياسي.
محمد مجدي
حقوق النشر: موقع قنطرة 2024