شعر الآي صلام...غوص في أفكار الشباب الألماني المسلم
السيد يوسف عدله، السيد يونس العمايرة، فن الصلام الشعري Poetry Slam ظهر في منتصف الثمانينات في الولايات المتحدة. وفي عام 2011 نظمتم أول مسابقة للشعراء المسلمين – كيف حدث ذلك؟
يونس العمايرة: آنذاك ظهر يوسف في مسابقة "الصلام" في حي كرويتسبرغ في برلين، وألقى نصاً ساخراً عن مجتمع الأغلبية. استمتع الجمهور بذلك، ووصلت الرسالة إليهم، وفاز يوسف بالمركز الثاني. وهكذا عرفنا أن بإمكاننا أن نعبر عن أي نقد، ولكن المهم هو كيفية تغليف هذا النقد. عندئذ سألنا أنفسنا: لماذا لا يستخدم هذه الوسيلة إلا عدد قليل من المسلمين، ثم خطر على بالنا أن السبب هو بالتأكيد تقديم معظم هذه الفعاليات في حانات، وهناك يسخر الجمهور من النصوص الدينية.
يوسف عدله: بالإضافة إلى ذلك فإن مسابقات "الصلام" الشعري يحتكرها الرجال. الفتيات لا يحببن الظهور على خشبة المسرح في الغالب ويجدن الأمر غير مريح، ويكون الأمر أصعب عندما يرتدين الحجاب. وهكذا حاولنا بحفلات الآي صلام i,Slam إيجاد إطار يستطيع المسلمون من خلاله أن يجربوا هذا الفن. وبعد ظهور هؤلاء عندنا مرة أو اثنين يمكنهم في كل وقت أن يقولوا: أوكي، لقد اكتسبت ما يكفي من الثقة بالذات، وسأجرب الأمر الآن على مسرح آخر. فكرة التمكين فكرة مهمة بالنسبة إلينا.
ما هو الفارق بين الآي صلام ومسابقات الصلام الأخرى؟
يونس العمايرة: حفلات "الصلام" عندنا لا تقام في الحانات، بل في أماكن محايدة، مثل أكاديمية الفنون في برلين أو مسرح طاليا في هامبورغ. غير مسموح بشرب الخمر في حفلاتنا، كما أن لدينا خمس قواعد، الأركان الخمسة لـ "أي صلام": "كل شاعر يُعامل باحترام، النصوص التي يلقيها الشاعر يجب أن يكون قد كتبها بنفسه، غير مسموح باستخدام ديكور أو ارتداء ملابس خاصة على خشبة المسرح، وكل شاعر لديه ست دقائق – هذه القواعد الأربع لا تختلف عن حفلات "البويتري صلام" الأخرى. أما القاعدة الخامسة فهي مختلفة، ونعتبرها ذات أهمية، وهي: لا تعديات لفظية، فنحن لا نريد أن يستخدم أحد عبارات فظة أو كلمات مهينة.
"يجب الحفاظ على الإطار الإسلامي"، هذا ما نقرأه على الصفحة الإليكترونية للآي صلام...
يونس العمايرة: أياً كان الموضوع المُتناول فيجب أن تظل الأديان موضع احترام – وأعني هنا كل الأديان.
يوسف عدله: ليست هناك موضوعات ممنوعة عندنا طالما يتم التعبير عنها بشكل معقول. من الممكن أن تقول "يموت"، ومن الممكن أن تستخدم كلمة مهينة – نحن نفضل الكلمات التي لا تحط من قيمة أحد. إننا نعتقد بأن علينا أن نتحدث إلى بعضنا البعض بهذه الطريقة – كما أن الإهانات لا تجعلك تصل إلى أي إنسان. ونحن نريد الوصول إلى الناس.
هل كانت هناك حالات أجبرتكم على التدخل؟
يوسف عدله: حتى الآن لم تنتهك هذه القواعد على خشبة المسرح إلا مرة واحدة، عندما طالب أحدهم بإطلاق صيحات الاستهجان ضد ميركل. هذا هجوم مباشر على شخص، ونحن لا نريد أن نسوّد وجه أحد. السخرية لا غبار عليها، ولكن عليها ألا تكون جارحة. فإذا حدث هذا فإننا نخصم من النقاط المحسوبة لصالح الفنان.
هل هناك استثناءات بخصوص المشاركين، أم لا يظهر بالفعل سوى مسلمين على خشبة المسرح؟
يونس العمايرة: الآي صلام ساحة للمسلمين، وكل الذين يظهرون على خشبة المسرح مسلمون. ولكن الجمهور هو بالطبع مختلط. ولكننا نريد أن نتواصل مع الأديان الأخرى أيضاً، ولذلك أسسنا فعالية "صلام" أخرى وهي: وي صلام we,Slam. في هذه الفعالية يمكن لغير المسلمين المشاركة. في الحفل الأول ظهر على خشبة المسرح يهود ومسيحيون وبهائيون، وفي الحفلة الثانية شارك مسلمون ويهود ومسيحيون. وفي الحفلة القادمة سوف يشارك ملحدون أيضاً.
وكيف تختارون فناني "الصلام"، أو كيف يأتي هؤلاء إليكم؟
يوسف عدله: يتقدمون لنا ويرسلون نصين من نصوصهم. نحن لا نقوم باختيار نصوص حسب جودتها، بل نفحص محتوى النصوص، أي أن تكون خالية من العبارات الفظة والمهينة.
ما هي الموضوعات التي تتناولونها على خشبة المسرح؟ هل هناك توجهات معينة واضحة؟
يونس العمايرة: في البداية كان الموضوع الغالب هو التمييز، وخاصة في نصوص الشاعرات اللاتي يرتدين الحجاب. كثير من النصوص تدور حول الأديان أيضاً. ولكن كان هناك أيضاً نصوص مرحة. في الوقت الراهن فإن النصوص متنوعة تنوعاً كبيراً: هناك قصائد حب، أحد الشعراء كتب عن حذائه الرياضي، أما إمام مسجدنا فقد شارك بنص يحمل عنواناً مستفزاً هو "خطبة كراهية" ساخراً من الجالية المسلمة.
هل يمكن اعتبار الآي صلام ساحة لتقديم الفن السياسي؟
يوسف عدله: الآي صلام هو ساحة فنية. ولكن الفن بالنسبة لي لا يكون مهماً إلا عندما يساهم في تشكيل المجتمع، وهو ما يعني من ناحية أن يكون فاعلاً من الناحية السياسية. أي أننا ساحة فنية تساهم بشكل فعال في الموضوعات المجتمعية.
يونس العمايرة: لم يتأسس الآي صلام ليكون فناً سياسياً – ولكنه من الممكن أن يتجه إلى السياسة على خشبة المسرح. من المهم لنا إرسال إشارات تحث الجمهور على التفكير والتأمل.
على صفحتكم على الإنترنت تصفون الآي صلام باعتباره "إمكانية للتغير عبر الكلمات". ماذا غيرتم منذ التأسيس في عام 2011؟
يوسف عدله: أعتقد أننا غيرنا بعض الأشياء. لقد نجحنا في جعل شعر الصلام معروفاً ومحبوباً في صفوف الجالية المسلمة – لقد ظهر على خشبة المسرح لدينا ما يزيد عن أربعين فناناً مسلماً من فناني الصلام، أكثر من نصفهم نساء. لقد أنشأنا حواراً بين الأديان عبر فعاليات "وي صلام"، ووصلنا عبر المسابقتين إلى الرأي العام في ألمانيا. أصبح بالإمكان الغوص في أفكار الشباب المسلم خلال وقوفه على خشبة المسرح والتحدث عن كل ما يشغله بكل حرية.
حاورتهما: باربارا تايشلمان
ترجمة: صفية مسعود
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: معهد غوته/ قنطرة 2013
ولد يوسف عدله عام 1989، وهو يدرس تكنولوجيا الملاحة الجوية والفضائية في جامعة برلين الحرة. يعيش يوسف عدله منذ عام 1999 في ألمانيا، وبدأ الكتابة منذ عام 2001، ويشارك في مسابقات الآي صلام i,Slam بانتظام. ويتناول الفنان السوري المولد في أحدث نصوصه الوضع في وطنه.
ولد يونس العمايرة عام 1986، ودرس العلوم الإسلامية والسياسية والقانون العام، وهو يعد في الوقت الحالي أطروحته لنيل درجة الدكتوراة. ويهتم العمايرة، الذي ولد وشبّ في شرق ألمانيا، بالسياسة على وجه الخصوص، ويدور نصه الجديد حول كون الإسلام جزءاً من ألمانيا.