الكوفية الفلسطينية تحتضر بسبب المنافسة الصينية

المصنع الوحيد من نوعه في الضفة الغربية لإنتاج الكوفية الفلسطينية التي أخذت تتسلل إلى عالم صناعة الأزياء والموضة العالمية هدأ ضجيجه وتوقف القسم الأكبر من آلاته عن العمل بسبب سيطرة الكوفيات المصنعة في الصين على السوق المحلية وأثر ذلك على هذه الحرفة التي تشكل رمزا للهوية والتراث الفلسطيني. مهند حامد زار مصنع الحرباوي في مدينة الخليل.

تحافظ عائلة الحرباوي في مدينة الخليل على المصنع الوحيد لخياطة الكوفية الفلسطينية منذ 50 سنة، الذي يعد رمزا للصناعات الوطنية التقليدية وتراثا محليا وعالميا بالرغم من تهديد الصين لكوفيتنا الوطنية بتصنيعها محليا، كما يقول جودة الحرباوي ابن صاحب المصنع. وأضاف في حديث لموقع قنطرة أنه وإخوته الثلاثة منذ نعومة أظافرهم وهم يعملون في خياطة الكوفية الفلسطينية، يقفون أمام ماكينات الخياطة التي أصبح ينخفض صوتها تدريجيا في ظل سيطرة البضائع المستوردة على صناعتهم، ينظمون الخيوط التي تحيك رمزا وهوية فلسطينية، آملين في استمرار حياكة خيوط الكوفية محليا.

ويرى القائمون على المصنع أن الأراضي الفلسطينية يجب أن تشكل الحاضنة الطبيعية للصناعات الحرفية، التي تشكل هوية تراثيه، حافظت عليها العائلات جيلا بعد جيل. "كنا نستورد "الحطات" من الخارج والوالد فكر بإنشاء مصنع للاستغناء عن الاستيراد وتصنيع كوفيتنا محليا، وأنشأ مشغلا صغيرا من ماكينتين فقط في عام 1961م وثم بدأ يتطور المصنع حتى وصل الى 15 آله لحياكة الكوفية ، ونحن تعلمنا هذه الحرفة التقليدية ومستمرين في إبقاء المصنع الوحيد في العمل حتى نحافظ على الصناعة الحرفية التراثية المهملة التي أصبحت على وشك الانقراض"، كما يقول الحرباوي. كما أوضح أن إنشاء المصنع يهدف، بالإضافة إلى تحقيق أهداف تجارية، إلى المحافظة على هذه الصناعة التقليدية وحمايتها من الضياع، حيث إن إنتاجها محليا يمنحها قيمة معنوية ونحن نفتخر بإنتاج رمز للهوية الفلسطينية.

الصناعات الصينية تهدد الصناعة الوطنية

وتواجه الصناعات الوطنية والحرفية في الأراضي الفلسطينية خطر الانقراض والانهيار، في ظل فتح باب الاستيراد بدون رقابة وتنظيم، وخصوصا من خلال منافسة البضائع الصينية التي أصبحت تهدد الصناعة الوطنية التي أدت إلى إغلاق العديد من المصانع وإنهاء بعض الحرف التراثية. كما أصبحت تهدد المصنع الوحيد من نوعه في الضفة الغربية الذي ينتج „الكوفية"، بسبب رخص ثمن الكوفية المصنعة بالصين مقارنة مع المنتج الوطني العالية الجودة، كما يقول أصحاب المصنع.

وبسبب غزو المنتجات المستوردة للأراضي الفلسطينية باتت الحرف والمشاغل الفلسطينية تخفض من طاقات إنتاجها بشكل ملحوظ وأغلقت بعض مصانع الأحذية التي تشتهر بها مدينة الخليل مصانعها. وتحدث الحرباوي عن تخفيض الطاقة الإنتاجية للمصنع في ظل وجود البضائع الصينية رخيصة الثمن، التي لا تليق بجودة رمزنا الوطني، حسب قوله .كما أضاف أن المصنع كان ينتج 800 كوفية يوميا وأصبح ينتج الآن فقط 70 كوفية؛ أي ما يقارب 10 في المائة من الطاقة الإنتاجية فقط، مضيفا أنه كان يعمل في المصنع 15 عاملا وما تبقى سوى إخوته وعاملين اثنين فقط .

هوية فلسطينية لكوفية عالمية

وتعد الكوفية كذلك رمزا للتراث الشعبي والأزياء الفلسطينية، كما كان الفلاحون يستخدمونها قديما للوقاية من أشعة الشمس. وكذلك أضحت الكوفية عبر تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية رمزا للتحرر الوطني، لاسيما بعد اتخاذ القائد التاريخي الفلسطيني ياسر عرفات للكوفية شعارا ورمزا تدل على الفلسطينيين أينما حلوا وارتحلوا. وباندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى أصبح يستخدمها الشبان لتغطية وجوههم خوفا من التعرف إلى هوياتهم في أثناء الاشتباكات مع الجنود الإسرائيليين.

وفي عصر العولمة أصبحت الكوفية الفلسطينية كذلك رمزا عالميا لمناهضة الاحتلال والظلم ، خاصة من قبل الناشطين في مجالات حقوق الإنسان ومقاومة أشكال التمييز العنصري. كما لم تغب الكوفية عن ساحة الأزياء والموضة العالمية، حيث أخذت خيوطها وألوانها المختلفة تتسلل إلى صناعة عالم الأزياء ودنيا المشاهير. وفي مشهد يدل على البعد العالمي للكوفية أصبح الكثير من الزوار الأجانب يضعون الكوفية على أكتافهم كدليل على تضامنهم مع الفلسطينيين، كما أشارت كريستنا من هولندا التي التقيت بها في البلدة القديمة لمدينة الخليل. وأضافت نحن نعتبر الكوفية الفلسطينية موضة للتحرر وأصبحنا نضعها في أثناء مشاركتنا في المظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي.

مثل هذا الأمر يتطلب من الفلسطينيين الاهتمام بتصنيعها وطنيا والحفاظ على طابعها الخاص، كما يقول الحرباوي، لاسيما في ظل إنتاج كوفيات حلت مكان الكوفية "الأصيلة". كما أشار في حديثه إلى موقع قنطرة إلى "عدم اهتمام وزارة الصناعة الفلسطينية بالمنتج الوطني وعدم توفير الحماية له للصمود أمام المنتجات الصينية".

مهند حامد
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2001

قنطرة

الشرق بعدسة المصورين العرب:
رحلة استكشافية لعالم الشرق
على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي تلقاها الصور التي تجسد المشرق، إلا أنها تُعرض بشكل متكرر. في مجموعتها على شبكة الإنترنت تعرض المؤسسة العربية للصورة المشرق من زاوية أخرى رحلة استكشافية إلى الأماكن التاريخية والمشرقيات بأزيائهن التقليدية وجوانب أخرى عن واقع الحياة اليومية في المشرق في مطلع القرن التاسع عشر. منى سركيس تستعرض أهم هذه الجوانب.

مهرجان الأفلام العربية في مدينة روتردام الهولندية:
الفيلم العربي ... نافذة للحوار مع أوروبا
تستمر فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الأفلام العربية التي تحتضنها مدينة روتردام الهولندية، ويشارك فيها عشرون دولة عربية وأوروبية بمجموعة متنوعة من الأفلام التي تعالج العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والشبابية. منى صالح تعرفنا بفعاليات هذا المهرجان.

كتاب
ضدّ التيار: تقرير من رام الله
أميرة هاس أميرة هاس، الصحافية الإسرائيلية الوحيدة التي تقيم في الأراضي الفلسطينية، تضع في كتابها الجديد الواقع في الضفة الغربية تحت المجهر وتعطي الكلمة للمواطنين وتجعل نزاع الشرق الأوسط المعقد قابلا للفهم. إيغال أفيدان قرأ الكتاب ويقدمه لنا