كتاب ''مشكلة صورة'' - فخ الأحكام المسبقة حول الإسلام
لا يوجد شك في أن هناك حاجة لتوضيح صورة الإسلام في الشارع الألماني، فالأحكام المسبقة لا تزال متجذرة وعلى مستوى واسع رغم كل محاولات التوضيح، مما يعيق التعامل مع هذا الموضوع دون تحيز. آخر مساهمة للتغلب على هذه "السمعة" تأتي من أنيا هيلشر، عبر كتابها الذي يحمل عنوان "مشكلة صورة"، والذي يحاول مقاربة الأحكام المسبقة حول الإسلام بطريقة مسلية وممتعة. مؤلفة الكتاب درست التربية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، وقضت نصف حياتها كمسلمة، وتعمل حالياً مسؤولة عن دورات الاندماج.
تتحدث هيلشر في كتابها المكون من 20 فصلاً حول الإسلام "الحقيقي"، وتعتبر أن جزءاً كبيراً من المسلمين، إضافة إلى غير المسلمين، لا يفهمون الإسلام ويطبقونه بشكل صحيح. كما تضع الكاتبة صورة "الإسلام الشرير" مقابل نمط حياتها اليومي المبهج.
"الجنة ولا متعة غير ذلك"
وتتعامل أنيا هيلشر أيضاً مع عدد من الأفكار النمطية، مثل الاثنين وسبعين حورية في الجنة والصورة العنيفة السائدة عن الشريعة والقوانين الإسلامية، والتي تنسبها الكاتبة إلى "علماء دين من العصور المظلمة يميلون إلى السفسطائية". لكن استخدام الكتاب هذه الأفكار النمطية كمحور مركزي وبناء الكتاب عليها يطلع القارئ على أحكام مسبقة لم يكن يعرفها سابقاً.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن القارئ يدرك، بعد أن يتخطى تحذيراً في الصفحة التاسعة عشر بعدم "رمي الكتاب في الزاوية"، أن الكثير من فلسفات الشرق الأدنى والغرب قريبة من الإسلام، وأن جميع الأديان في نهاية الأمر تقدس نفس الرب. كما يتضمن الكتاب اقتباسات كثيرة من القرآن والحديث، علاوة على استخدام الإنجيل للمقارنة، بجانب أعمال غوتة ولاو تسي ومايستر إيكهارت. إلا أنه ورغم حضور بديهة الكاتبة الممزوج بالسخرية، الذي يصبغ كل صفحة في الكتاب تقريباً، تغاضت أنيا هيلشر هنا وهناك عن كثير من النقاط المهمة، فيما بدت بعض هجماتها مبالغاً بها وغير مبررة.
سوء تفاهم؟
فكرة إلحاق مصادر للاقتباس في نهاية كل فصل قد تكون أمراً مفيداً، إلا أن التعامل مع هذه الاقتباسات لم يحصل دائماً بدقة. وربما كان من الأفضل اتباع التفسيرات السائدة، أو على الأقل توضيحها للقارئ. وبعد قراءة هذا الكتاب سيتساءل القارئ حتماً حول سبب ظهور أمور مثل الإرهاب أو التمييز ضد النساء في دين يحب السلام والانسجام. لكن الكاتبة تؤكد أن كل ذلك سوء تفاهم لا أكثر.
فالكتاب يتحدث، على شكل نوادر، عن تعامل النبي مع النساء بكل احترام ومثالية. هذا يبدو لطيفاً للغاية، لكن ألا يعتبر تجميلاً للواقع؟ فعلى سبيل المثال، ماذا عن السياق التاريخي الأبوي الذي أنزل فيه القرآن على الرسول محمد؟ حتى السؤال المطروح في بداية الكتاب عن علاقة الدين بالثقافة لا يتم توضيحه فعلاً، وإذا ما كانت كل الحقائق الدينية والفلسفية متقاربة، فلماذا يجب على المرء أن يختار الإسلام بالذات؟
في النهاية ترسم هيلشر من خلال "نبوءة" صورة مستقبلية غامضة للإسلام "غير المعاصر"، فهي تعتقد بأن المعتقدات الدينية المختلفة ستذوب يوماً ما، وأن "إسلاماً جديداً" سينشأ. إجمالاً يمكن القول أن كتاب "مشكلة صورة" قراءة مسلية لأولئك الذين يريدون التعرف على الجانب الودود من الإسلام ولا يخشون روح الدعابة الغريبة لمؤلفته.
آنيت هيلفيغ
ترجمة: ياسر أبو معيلق
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012
كتاب "مشكلة صورة: صورة الإسلام الشرير وعالمي المسلم البهيج" من تأليف أنيا هيلشر، صدر عن دار غوترزلوهر للنشر سنة 2012، ويقع في 160 صفحة.