التخلف الاجتماعي وسيكولوجية الإنسان المقهور
شرح مصطفى حجازي، في كتابه "التخلف الاجتماعي. سيكولوجية الإنسان المقهور، قهر المرأة من خلال إستلابها عقائدياً. ويتحقق هذا الإستلاب حين تتبنى المرأة اعتقادات الرجل تجاهها، بدونيتها وضرورة تبعيتها له بحكم تفوقه عليها وبأن جسدها عورة. فتتعايش مع هذا القهر وترضى به لردجة تطمس إمكانات الوعي لديها وتجعل من الرغبة في التغيير والتحرر صعبة التحقق. وهنا تصير المرأة عدوة نفسها والمتواطئة الأولى ضد نفسها. التغيير الإجتماعي الحقيقي لن يتحقق إلا بكسر هذا الرضوخ الكامل للرجل وكسر التابوهات والمسكوت عنه في ما يخص وضع المرأة وعلاقتها بالرجل.
الكاتب محمد جميل خضر قدم مراجعة نقدية للكتاب كتب فيها:
"في سياق إيضاحه لمبررات بحثه الذي جمعه في كتاب، يرى حجازي أن إنسان المجتمعات المتخلفة (أو ما أطلق عليه مجتمعات العالم الثالث)، لم ينظر إليه باعتباره عنصرا أساسيا ومحوريا في أي خطة تنموية. ويذهب إلى أن التنمية "مهما كان ميدانها"، تمس تغير الإنسان ونظرته إلى الأمور في المقام الأول. ويصل بناء على ما تقدم إلى نتيجة مفادها ضرورة وضع الأمور في إطارها البشري الصحيح، ودراسة خصائص الفئة السكانية التي يراد تطوير أنماط حياتها، ومعرفة بناها ودينامياتها، وهو ما "ندر الاهتمام به إلى الآن"، كما يؤكد حجازي.
ويخلص في إطار تقديمه لكتابه إلى القول: "لا بد من شمول النظرة من خلال الاهتمام في البعد الذاتي (الإنساني) إضافة إلى البعد الموضوعي (الاجتماعي والاقتصادي)، ومن خلال فهم العلاقة الجدلية بينهما، إذا أردنا السير على طريق يحالفها الحظ في إيصالنا إلى الهدف".
ويفرد حجازي في كتابه الذي شكّل علامة فاصلة في حقله، أدوات تشريحه السريري والتحليلي والنقدي على طاولة البحث والتناول الميداني التطبيقي المفصل، ويضع الشرائح المجتمعية، في لبنان على وجه الخصوص، والعالم العربي والنامي (الثالث) على وجه العموم، تحت مجهر الفحص الدقيق، فتنكشف له ثنايا وجود الإنسان المتخلف، وتكوينه النفسي، وتركيبه الذهني، وحياته اللاواعية، وهي التي تَبَيّن له أنها محكومة جميعها بالاعتباط والقهر وما يولدانه من قلق جذري، وانعدام شعور بالأمن، وإحساس بالعجز أمام المصير."