ناشط فلسطيني: غزة على قيد الحياة ولكن بلا أي حياة
ما الذي يجب فعله في المقام الأوَّل من أجل تهدئة الوضع في غزة؟ محمود أبو رحمة: يطالب المتظاهرون بمطالب منها إنهاءُ سياسة الحصار والإغلاق المفروضة على قطاع غزة. لا يوجد أي دليل يثبت أنَّ هذه السياسة تساهم في حفظ أمن إسرائيل. فإسرائيل لديها دائمًا الحقّ في تفحُّص البضائع وتفتيش كلِّ شخص يدخل ويخرج. هذا الحصار وضع قطاع غزة في وضع خطير للغاية. إذ إنَّ تسعة وستين في المائة من أهالي القطاع يُعتبرون دون سنِّ التاسعة والعشرين، وقد نشؤوا في ظلّ ثلاث حروب وبؤس وفقر. وستون في المائة منهم عاطلون عن العمل. لقد تم إطلاق العديد من المبادرات من أجل تحسين الوضع من خلال المساعدات الإنسانية. ولكن جميعها فشلت، لأن سياسة الإغلاق لا تسمح باتِّخاذ أية إجراءات فعَّالة. حتى أنَّ هذه السياسة تؤدِّي إلى نتائج عكسية، لأنَّها تدفع الناس نحو التطرُّف. هل صحيح أنَّ معظم الناشئين والشباب هناك لم يغادروا قطاع غزة؟ محمود أبو رحمة: نعم هذا صحيح. وهم يقولون نحن موجودون ولكن لا توجد لدينا حياة، ولا آفاق مستقبلية ولا أمل. وعلى الأرجح أنَّ ما سيخرج منهم لن يكون مفيدًا للمجتمع الفلسطيني ولا لأي طرف آخر في المنطقة.
من المفترض أنَّ إغلاق قطاع غزة يهدف في الأصل إلى معاقبة حماس… محمود أبو رحمة: لكن الهدف الرئيسي لسياسة الإغلاق هذه هو فصل غزة عن الضفة الغربية، وتفتيت المجتمع الفلسطيني وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية. ما هي آثار هذه السياسة على أهالي غزة؟ محمود أبو رحمة: مثلًا، عدم تمكُّن مرضى القلب والسرطان، الذين لا يوجد لهم علاج في غزة، من السفر خارج القطاع. ولكن توجد على بعد ساعة بالسيارة مستشفياتٌ فلسطينية في الضفة الغربية. كلَّ شهر لدينا نحو ألفي مريض مثل هؤلاء المرضى، وتقريبًا نصفهم يُحرَمون من الحصول على العلاج الطبي. في العام الماضي 2017 توفي أكثر من خمسين مريضًا في غزة أثناء انتظارهم الحصول على تصريح خروج. وهذا يُولـِّد الكثير من الغضب والإحباط لدى الأُسر المتضرِّرة، ولدى الجيران وجميع مَنْ يعرفون هذه الحالات. الكثير من الفلسطينيين غاضبون من رئيسهم محمود عباس، الذي ساهم من خلال عقوباته في زيادة تفاقم الوضع البائس أصلًا في قطاع غزة. لقد شهدت رام الله احتجاجات ضدَّ هذا الواقع، على الرغم من جميع محاولات محمود عباس منع الاحتجاجات. فكيف ترى دوره؟
محمود أبو رحمة: لم يخرج الفلسطينيون إلى الشوارع في غزة أيضًا ضدَّ حماس وحدها، بل وحتى ضدَّ محمد عباس. نحن لا نقبل السياسة غير المناسبة من قِبَل أية قيادة فلسطينية. في عام 2017، بعد عشر سنوات من الحصار الإسرائيلي، اتَّخذ محمود عباس إجراءات إضافية صارمة، مثل خفض رواتب الموظفين إلى النصف وتأخير المساعدات المالية للواردات الداخلة إلى قطاع غزة. لا بدّ من النظر إلى ذلك باعتباره جزءًا من الصراع الفلسطيني الداخلي. لماذا انهارت من جديد عملية المصالحة بين حركتي فتح وحماس، والتي أُعلن عنها بشكل كبير في خريف العام الماضي (2017)؟ محمود أبو رحمة: هذه العملية كانت قد بدأت بوعد، ولكن عند تحقيقه واجه المعنيون بطبيعة الحال عقبات. فبعد أن قامت حركة حماس بتسليم بعض الوزارات ونقاط الحدود إلى السلطة الوطنية (في رام الله)، وقعت محاولة اغتيال لرئيس الوزراء رامي الحمد الله. ونتيجة لذلك فَقَدَ محمود عباس صبره، وأصرَّ على البدء الفوري بنزع سلاح حماس. ومع هذا الموقف لم يعد بالإمكان تحقيق أي تقدُّم. هل أدَّت احتجاجات غزة إلى إجبار عباس على التحرُّك؟ محمود أبو رحمة: نحن واثقون في الوقت الحالي من أنَّ قيادة السلطة ستسحب إجراءاتها العقابية المفروضة على غزة. بَيْدَ أنَّنا بحاجة إلى حركة اجتماعية، حتى تعود جميع الأطراف الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، من أجل التغلـُّب على الانقسامات السياسية الضارة في الواقع. من دون الوحدة الوطنية، نحن نضعف أنفسنا فقط. لقد فتحت مصر معبر رفح الحدودي خلال شهر رمضان من أجل تهدئة الوضع في غزة. فهل يوجد يا ترى أمل في أن يحدث ذلك بشكل دائم؟ [embed:render:embedded:node:23972]محمود أبو رحمة: أعتقد أنَّ ذلك لن يحدث. مصر لن تفتح معبر رفح إلَّا للاحتياجات الإنسانية. القيادة في القاهرة لن توافق على فتح المعبر بشكل منتظم إلَّا عندما تفرض السلطة الوطنية سيطرتها على الحدود. المصريون يخشون من أن تقوم إسرائيل بنقل المسؤولية عن غزة إليهم. أنت تمارس أعمال ضغط من أجل حقوق الفلسطينيين وخاصة في بروكسل. ما الذي يمكن أن تفعله أوروبا؟ محمود أبو رحمة: يمكن لأوروبا أن تلعب دورًا إيجابيًا من خلال الضغط على جميع الأطراف المعنية، بما فيها حماس ومحمود عباس، من أجل تهدئة الوضع في غزة. حاورته: إنغه غونترترجمة: رائد الباشحقوق النشر: موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de