أمل جديد لكرة القدم في الشرق الأوسط
يقول إحسان رحمان، أحد مشجعي نادي الاستقلال في طهران، لـ دي دبليو: "كرة القدم في إيران في حالة من الفوضى منذ فترة طويلة. ومن الصعوبة إيجاد حل للعديد من المشاكل، بسبب عدم توفر مال، فقط انظر إلى ماذا يحدث في فريقي".
في مارس/ آذار 2023 قدمت إدارة نادي الاستقلال، وهو تقليديا أحد أكبر الأندية في آسيا، للجماهير تفاصيل حسابه المصرفي حتى يتمكنوا من التبرع بالمال لتسوية ديون طويلة الأمد مستحقة للمدرب السابق أندريا ستراماتشيوني وتجنب عقوبات من الفيفا.
وتشكل العقوبات الأوسع المفروضة على البلاد من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة مشكلة كبيرة. على سبيل المثال، منع الوصول إلى نظام سويفت SWIFT، الدولي للتحويلات والدفع المالي، ما يعني أن الأندية الإيرانية ومنظماتها تجد صعوبة في تلقي الأموال من دول أخرى.
ويقول رحمان: "من الصعب على إيران أن تلعب مباريات ودية لأن العديد من الدول لا تريد أن تلعب معنا أو تعلم أن حكومتها لن تمنح تأشيرات للاعبينا". ويضيف: "من المرهق أن تكون مشجعا لكرة القدم في إيران".
لكن هناك بعض الأخبار الإيجابية: الإعلان المفاجئ، الذي صدر في بكين في 10 مارس/ آذار 2023 عن قرار إيران والسعودية إعادة العلاقات الدبلوماسية بعد فترة سبع سنوات من القطيعة، وهي مفاجئة لا يزال البعض محاولا استيعابها. وهي فرصة يمكن لها أن تقدم بعضا من الأمل لكرة القدم أيضا، ليس فقط في طهران والرياض ولكن في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما يرى رحمان: "كرة القدم الإيرانية بحاجة إلى كل مساعدة يمكن الحصول عليها".
الاستثمار في إيران
حول ذلك يقول سايمون جادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في مدرسة سكيما SKEMA للأعمال في فرنسا، لـ دويتشه فيله: "تحسن العلاقات السعودية الإيرانية يمكن أن يجمع بين قوتين رياضيتين في الشرق الأوسط". ويضيف أنه "بالنظر إلى برنامج الاستثمار الرياضي المهم في المملكة العربية السعودية، يمكننا أن نرى الأموال تضخ عبر البحر إلى إيران".
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد صرح في مقابلة تلفزيونية يوم 15 مارس/ آذار 2023 أن استثمارات كبيرة في إيران ستحدث "بسرعة كبيرة". وبالنسبة إلى جادويك، هناك إمكانات هائلة في بلد شغوف باللعبة، إذ يقول "كرة القدم الإيرانية تستحقق مكانة أعلى مما هي عليه الآن. في جميع أنحاء آسيا، هناك فرصة أمامنا لتعزيز مكانة وسمعة كرة القدم الإيرانية".
مجالات جديدة
الدوري السعودي حاليا، أكثر دوري إنفاقا في آسيا. ففي شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، صدم نادي النصر الرياضي العالم بالتعاقد مع كريستيانو رونالدو. ومع ذلك، فإن اللاعبين الإيرانيين غائبون عن الدوري السعودي.
حول ذلك يقول بلجيت ريحال، الوكيل المتخصص في آسيا، لـ دويتشه فيله: "يتمتع اللاعبون الإيرانيون بسمعة طيبة في الاتحاد الآسيوي، ومهاراتهم ومواهبهم تحظى بتقدير كبير". ويشرح بالقول: "الأندية السعودية تستثمر في الوقت الحالي بقوة في الرياضة، وهي دائما تبحث عن لاعبين موهوبين".
ويسمح لكل نادٍ بجلب ثمانية لاعبين أجانب ويشترط أن يكون أحدهم من دولة آسيوية، ولذا يرى ريحال وضعا قد يربح فيه الجميع. ويضيف: "أتوقع أن تكون الأندية السعودية مهتمة للغاية بالتعاقد مع المواهب الإيرانية المحترفة".
ويتابع: "سيكون الاهتمام من قبل الجانبين، فالقدرة على كسب المال بالعملة الصعبة في عقود مربحة بدول قريبة من الوطن ستثير اهتمام لاعبي كرة القدم الإيرانيين".
لكن محلل كرة القدم بهنام جعفر زاده يرى أن هناك ما هو أكثر من مجرد المال. ويشرح بالقول: "بسبب المشاكل الاقتصادية في إيران في الوقت الحالي ، فإن تلقي الأموال بالدولار سيكون أمرا رائعا للاعبين، لكنه ليس السبب الوحيد الذي يجذبهم إلى الأندية السعودية". إذ إن "الاستثمار الضخم في كرة القدم هناك أثار انتباه العالم ومع وجود لاعبين كبار يلعبون في الدوري السعودي سيكون مكانا رائعا للعب، ليس فقط رونالدو".
تغييرات أوسع
ليست إيران والسعودية وحدهما من يمكنهما الاستفادة من التقارب. إذ يمكن أن يؤدي هذا إلى حدوث تغيرات في أماكن أخرى، حيث دفعت التوترات السابقة إلى تأجيج عدم الاستقرار والعنف في الشرق الأوسط. فكرة القدم في لبنان في وضع أسوأ من إيران، مع مشاكل اقتصادية مزمنة، ومدفوعة إلى حد ما بالتوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية، القوتين الشيعية والسنية الرائدتين في المنطقة.
وائل شهيب، عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد كرة القدم اللبناني، قال لـ دي دبليو: "كلا البلدين لهما نفوذ سياسي هنا، وإذا تحسنت علاقتهما فإن ذلك سيساعد الوضع في لبنان وكرة القدم اللبنانية"، وأضاف شهيب أن "الاستقرار السياسي يؤثر على كل شيء بما في ذلك الاقتصاد، والقضايا الاقتصادية من أكبر مشاكل كرة القدم في لبنان". وأضاف: "قلة من الأندية مستقرة اقتصاديا. كما يمكن أن يتحسن الوضع في اليمن".
فقد بدأت الحرب الأهلية المدمرة في اليمن عام 2014 عندما ثار المتمردون الحوثيون، المدعومون من إيران، ضد الحكومة المدعومة من السعودية، فتوقفت كرة القدم تماما تقريبا مع مغادرة اللاعبين للبلاد أو الشروع في استخدام الملاعب لأغراض عسكرية.
كما أن الهدوء إذا عم المنطقة قد يدفع الفيفا بالسماح للعراق باستضافة مباريات كرة القدم التنافسية، مما يسهل على منتخبات العراق التأهل إلى البطولات الدولية الكبرى. فقد تسبب هجوم صاروخي من إيران على مدينة أربيل شمال العراق في مارس / آذار 2022 إلى تحويل الفيفا، أول مباراة تصفيات لكأس العالم تقام في بغداد منذ أكثر من 20 عاما إلى المملكة العربية السعودية.
ويرى جادويك أن: "الصراع وتدمير البنية التحتية والاضطراب الناجم عن عدم الاستقرار كان لكل هذا تأثير حتمي على كرة القدم في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
ويختم بالقول: "مع توفر ظروف سلام في جميع أنحاء المنطقة، نأمل أن يمكّن ذلك البلدين من التركيز على إعادة تنشيط بطولات كرة القدم المحلية، وينبغي أن يكون له آثار على الاستدامة الطويلة المدى، وربما حتى ازدهار كرة القدم في أماكن مثل لبنان واليمن والعراق".
جون دوردن
ترجمة: ع.خ
حقوق النشر: دويتشه فيله 2023