باسم يوسف مقدمًا لحفل جوائز إيمي الأمريكية...منبر عالمي كبير لنجم مصر الساخر
أحيانًا لا يعرف المرء على وجه التحديد أين تبدأ السخرية لدى باسم يوسف وأين تنتهي. هكذا أيضًا كانت الحال مع ردة فعل هذا الإعلامي الساخر - البالغ من العمر واحدًا وأربعين عامًا، عندما تم اختياره الآن في نيويورك مقدِّمًا لحفل جوائز إيمي القادم، الذي سيتم إحياؤه في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ويعتبر أهم حفل جوائز تلفزيوني في الولايات المتَّحدة الأمريكية.
وبما أنَّه سيكون أوَّل مُضيف من الشرق الأوسط في حفل توزيع جوائز إيمي، فإنَّ هذه مسؤولية كبيرة، يحملها على كاهله من أجل أداء هذه الوظيفة بأفضل ما يمكنه، مثلما ذكر وأضاف معلقًا: "آمل أن يُلقي ذلك المزيد من الضوء على صناعة الترفيه الحيوية في منطقتي".
هل هذا معقول؟ لا سيما وأنَّ باسم يوسف قد سخر طيلة ثلاثة أعوام في بلده مصر من كلِّ شيء ومن كلِّ شخص. لقد بدأ بأشرطة فيديو على موقع يوتيوب حول الدعاية السخيفة التي كان يروِّجها التلفزيون الرسمي، عندما كان لا يزال يحاول تشويه صورة الاحتجاجات ضدّ الرئيس حسني مبارك. وبعد فترة قصيرة أضحت شعبية هذا الإعلامي الحاصل على درجة الدكتوراه في جراحة القلب تزداد إلى مستوى كبير، بحيث صار يوجد لديه برنامجه التلفزيوني الخاص.
في برنامجه المعروف باسم "البرنامج" كان باسم يوسف يستهدف بسخريته المجلس العسكري. وثم صار يسخر من مظاهر التدين العنيدة لدى جماعة الإخوان المسلمين ومن تدني مستوى إنكليزية الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي جعله يُسجن ذات مرة. وكانت نصف مصر تتابع كلَّ ما ينطق به وتتعلق بشاشة التلفاز، عندما كان يتم بث برنامجه من راديو سينما في وسط القاهرة مرة واحدة في الأسبوع.
تزايد الضغط إلى حدّ كبير للغاية
ولكن بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من قبل العسكر ازداد الضعط - وعند نقطة معينة أصبح كبيرًا للغاية. ولم تعد سخرية باسم يوسف تستهدف تولي الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي منصب الرئيس. فبعد أن قام بتغيير عدة قنوات تلفزيونية وأخذ عدة استراحات، أوقف من تلقاء نفسه برنامجه بشكل نهائي في شهر أيَّار/مايو 2014 - وذلك بسبب خوفه على سلامته وسلامة أسرته، مثلما قال من دون أن يخوض في التفاصيل.
إنَّ "مَنْ يضحك لا يعود لديه خوف"، مثلما وصف ذات مرة باسم يوسف - الأب لابنة واحدة - تأثير السخرية والتهكم التنويري وقال إنَّ المصريين منفتحون كثيرًا على مثل هذا النوع من الفكاهة. ولكن مع ذلك بات الآن مضطرًا وعلى الرغم من شعبيته إلى الخوف من جعل الآخرين يضحكون.
وبعد ذلك أصبحت القناة التلفزيونية التي أوقفت برنامجه تطالبه وتطالب شركة الإنتاج الخاصة به بالتعويض عن الأضرار. ونتيجة لذلك حكمت عليه محكمة بدفع تعويض يعادل ما مجموعه أحد عشر مليون يورو. وهذه طريقة أيضًا من أجل إسكات الأصوات المزعجة.
لا عودة مؤقتًا إلى شاشات التلفزيون المصرية
وفي وقت لاحق منحته في شهر كانون الثاني/يناير 2015 جامعة النخبة الأمريكية هارفارد كرسي أستاذ زائر. وظهر في برنامج جون ستيوارت اليومي "ديلي شو"، الذي كان بالنسبة له في السابق قدوةً ومصدر إلهام. ثم قامت منتجة هذا البرنامج، سارة تاكسلر، بتصوير فيلم وثائقي حوله وحول قوة السخرية يحمل عنوان "عمالقة الضحك" Tickling Giants.
وفي مقابلة أجرتها معه مؤخرًا هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" استبعد عودته في المستقبل القريب إلى شاشات التلفزيون المصرية. ولكنه مع ذلك لن يُضيِّع على نفسه فرصة ظهوره في المسرح العالمي الذي يوفره له برنامج جوائز إيمي - وربما سوف يستغل هذه الفرصة ببعض التعليقات اللاذعة حول وضع صناعة الترفيه في منطقته.
باول-أنطون كروغر
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ/ موقع قنطرة 2015 ar.qantara.de