هجوم هاله الإرهابي: نظرية "الذئاب المنفردة" مضللة
وثّق شتيفان ب. (27 عاما)، المتهم في حادث إطلاق النار في مدينة هاله الواقعة في شرق ألمانيا، هجومه الإرهابي بواسطة كاميرا كانت مثبتة على خوذة كان يرتديها. كان شتيفان كمنفذ وحيد يبث أطوار جريمته بشكل مباشر لمدة نحو 35 دقيقة على منصة 'Twitch' للألعاب التابعة لشركة أمازون.
حصلت على نسخة من هذا الشريط الذي تم مسحه فيما بعد. ومن خلال هذا الفيديو يظهر أن الجاني كان يريد تنفيذ جرائم قتل دون أدنى شك. كان يسعى إلى قتل يهود وأجانب ونساء، وهو ما يظهر جليا من خلال التسجيل المصور الذي أنكر في بداياته جرائم النازيين بحق اليهود المعروفة باسم الهولوكوست.
كان شتيفان ب. يتحدث تارة باللغة الألمانية وتارة أخرى باللغة الإنجليزية. لغته يغلب عليها طابع كراهية الأجانب ومعاداة السامية، وعندما كان يتحدث الألمانية كان يستخدم عبارات قدحية يستخدمها النازيون الجدد.
إرهابي يتصرف بشكل منفرد؟
هل الألماني نفذ شتيفان ب. جريمته بشكل منفرد فعلا؟ متى ومع من كان على اتصال؟ وهل كان يعلم أحد بمخططاته؟
كل هذه الأسئلة ستسعى التحقيقات للإجابة عنها مستقبلا. لكن تجارب سابقة أظهرت أن السلطات الألمانية وجدت صعوبات بالغة في إلقاء الضوء على كل الإشكالات التي تتعلق بخلفيات جرائم شبكات الإرهاب اليميني المتطرف، كما هو الشأن بالنسبة لما يعرف بخلية "إن إس يو".
هذه الخلية الإرهابية التي تمكنت بين عامي 2000 و2007 من قتل 10 أشخاص وتنفيذ 43 محاولة قتل، بدأت محاكمة عناصرها في عام 2013، حيث تم الحكم على السيدة بيآت تشيبه، وهي متهمة رئيسية، بالسجن مدى الحياة في عام 2018.
في عام 2013، قام المركز الدولي لأبحاث الإرهاب التابع لجامعة بينسيلفانيا الأمريكية بتحليل بيانات 119 إرهابيا كانوا كلهم تقريبا من الرجال. في حوالي ثلثي الحالات كان أقاربهم أو أصدقاؤهم ومعارفهم يعلمون بتورط الجناة في أيديولوجيات متطرفة معينة. وفي 64 في المائة من الحالات كان أقارب وأصدقاء لهم على علم "بنية الجناة في تنفيذ أو المشاركة في نشاط إرهابي بعدما أخبروهم شفهيا بذلك".
للمزيد: بعد نجاح حزب "البديل من أجل ألمانيا" في الانتخابات
صعود اليمين الشعبوي: الصرخة العنصرية لضحايا العولمة؟
لا بديل لمجتمع ألماني تعددي رغم الصعود الشعبوي
شبكة اليمين المتطرف...تمجيد للفكر النازي
تزخر شبكة الإنترنت بالعديد من التجمعات المتطرفة، حيث يلتقي افتراضيا أشخاص معزولين بآخرين يتقاسمون معهم العزلة. هذه الشبكات الافتراضية هي في الواقع حقيقية وفي غاية الخطورة. ففي مثل هذه التجمعات يقوم المتطرفون وأصحاب نظريات المؤامرة بتشجيع بعضهم البعض وهنا يتم تبادل الأفكار العنيفة وممارستها، كما أنه هنا يمجد المؤيدون "الذئاب المنفردة" المزعومة.
وتحظى بشعبية كبيرة بينهم بالخصوص منتديات مثل "8Chan" الذي يتم فيه تبادل الصور والتعليقات في غياب تدخل حقيقي من أصحاب الموقع.
بعض "الذئاب المنفردة" مثل الإرهابي أنديرس برايفيك في النرويج ومنفذ هجوم كريستشورش في نيوزيلاندا كانوا جزءا من هذه التجمعات المتشابكة في العالم الافتراضي. فهل ذلك ينطبق أيضا على شتيفان ب.؟ التحقيقات الجارية الآن كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
[embed:render:embedded:node:31950]
تحول "حزب البديل من أجل ألمانيا" إلى ذراع سياسي لليمين المتطرف ولأيدولوجية تفوق الجنس الأبيض العابرة للحدود
بحسب بيانات المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا، فإن عدد أعمال العنف ذات الدوافع اليمينية المتطرفة وكراهية الأجانب ارتفعت في المانيا من 774 في عام 2017 إلى 821 في العام الماضي.
كما ارتفعت نسبة أعمال العنف المرتكبة بدوافع معادية للسامية بأكثر من 70 في المائة في نفس الفترة، بعدما ارتفع عددها من 28 في عام 2017 إلى 48 خلال العام الماضي.
وتعتبر ولاية سكسونيا أنهالت الواقعة في شرق ألمانيا والتي ينحدر منها منفذ هجوم هاله شتيفان ب. أكثر الولايات الألمانية التي تعرف ارتكاب جرائم بدوافع يمينية متطرفة بواقع 101 جريمة في عام 2017 و91 جريمة في العام الماضي.
ولا غرو أن صعود "حزب البديل من أجل ألمانيا" في هذه الولايات الواقعة في شرق ألمانيا ساهم في توفير مناخ وحاضنة اجتماعية مهدت الطريق لانتشار الفكر اليمين المتطرف.
هذا الحزب حصل في الانتخابات الأخيرة في ولاية سكسونيا أنهالت على 24.3 في المائة من الاصوات، وأصبح يحتل المركز الثاني بعد الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم. وهو يحدد ملامح الخطاب السياسي الألماني وهو ما أدى إلى تشدد الوسط السياسي وتبنيه لأطروحات يمينية قائمة على مفاهيم قومية استقصائية ترفض واقع ألمانيا متعدد الأعراق والثقاقات.
ويتمثل مركز الخطورة هنا في حقيقة تحول "حزب البديل من أجل ألمانيا" إلى ذراع سياسي لليمين المتطرف ولأيدولوجية تفوق الجنس الأبيض العابرة للحدود. هذه هي البيئة الاجتماعية التي عاش فيها، لذلك فإن اعتباره "مجرد ذئب منفرد" بعيد عن الواقع.
زاندرا بيترسمان/ ناعومي كونراد/ع.ش
حقوق النشر: دويتشه فيله 2019