هكذا تحدت طالبان الغرب عسكريا وفاجأته دبلوماسيا
الغرب يغادر أفغانستان - هل حقَّق الأمريكيون وحلفاؤهم أهدافهم في أفغانستان؟
أحمد رشيد: لقد حققوا هدفهم الرامي إلى دحر الإرهاب الدولي، ولكنهم لم يجلبوا إلى أفغانستان السلام أو الاستقرار. أفغانستان لم تكافئ المحتلين - وحتى منذ قرون. استفادت حركة طالبان من وجود ملاذ آمن لديها ساعدها في التسعينيات على الوصول إلى السلطة في كابول وسمح لها بعد سقوط نظامها في عام 2001 بأن تصبح قوية إلى هذا الحدّ.
أنت تشير هنا إلى البلد المجاور باكستان. بينما تؤكِّد الحكومة في إسلام أباد مرارًا وتكرارًا على أنَّ تأثيرها على طالبان ليس كبيرًا بحجم ما يدَّعيه الغرب.
أحمد رشيد: أود الاعتراض على ذلك. فقادة طالبان كلهم يعيشون هناك، وهم متزوِّجون من نساء من هناك وأطفالهم يذهبون إلى المدرسة هناك والكثير من أولادهم لديهم شهادات جامعية ويعملون هناك. وعندما يسافر أعضاء طالبان من أفغانستان إلى باكستان، يتوجَّهون مباشرة إلى مدينة كويتا من أجل التنسيق مع قادتهم.
طالبان حكموا أفغانستان بقبضة حديدية منذ عام 1996 حتى عام 2001. فهل تغيَّروا بالمقارنة مع تلك الفترة؟
أحمد رشيد: لقد قاموا بتحديث أنفسهم، ولكن هذا لا ينطبق على استراتيجيتهم الحربية. وما زالوا يراهنون مثل ذي قبل على إقامة نظام شرعي إسلامي، ولكن هذا ما لن يقبل به الأفغان الآخرون.
بقي الغرب عشرين عامًا في أفغانستان، التي لا تزال غير آمنة مثل ذي قبل. فما الذي سار بشكل غير صحيح؟
أحمد رشيد: الأمريكيون لم تكن لديهم أية استراتيجية. ولم يتَّبعوا أية خطة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية واضحة. ومن خلال الحرب في العراق [في عام 2003] تضاءل بعد ذلك الدور القيادي الأمريكي في أفغانستان وتم ترك التخطيطات لهيئة لأمم المتَّحدة.
ولكنني أعتقد أنَّ أخطاء الغرب تعود إلى أبعد من ذلك. فقد تجاهلوا حركة طالبان في التسعينيات ولم يروا فيها أي تهديد. ولم يسعوا في ذلك الوقت إلى أي تقارب. وبعد ذلك، عندما استولت حركة طالبان على كابول في عام 1996، كان المجتمع الدولي قد أدار ظهره تمامًا لأفغانستان.
وماذا كانت النتائج؟
أحمد رشيد: لقد سُمح للقوى الإقليمية بتسليح فصائلها المفضَّلة داخل أفغانستان وإمدادها بالمال. وظهرت العديد من الدول على الساحة - إيران وباكستان وروسيا ودول آسيا الوسطى -، ونشأ صراع حول أفغانستان. وبعد سقوط طالبان في عام 2001، ارتكب الغرب خطأ تجاهله طالبان وتهميشها بدلًا من التواصل معها. وهنا حدَّدت باكستان مصلحتها الاستراتيجية في إعادة إحياء حركة طالبان.
لقد تحدَّت حركة طالبان الغرب عسكريًا وفاجأته دبلوماسيًا باتفاقها مع الأمريكيين على الانسحاب.
أحمد رشيد: لقد تعلموا المزيد. قامت حركة طالبان - على سبيل المثال - بتحسين طريقة تعاملها مع وسائل الإعلام، التي كانت قد منعتها تمامًا في التسعينيات. وأصبحت تستخدم وسائل الإعلام من أجل أهدافها الخاصة. وأصبح أعضاؤها يظهرون أكثر ثقافةً بكثير. وأتيحت لهم فرصة السفر وزيارة بلدان أخرى وإقامة تحالفات.
الشيشة والمكياج والرقص.. أشياء يخشى الأفغان أن يُحرموا منها عند عودة طالبان إلى الحكم! #طالبان #الأفغان #أفغانستان pic.twitter.com/xS05jBHddd
— DW عربية (@dw_arabic) July 6, 2021
ولكن مع ذلك، فإنَّ جميع أعضاء المجتمع الدولي والقوى الإقليمية أيضًا لديهم موقف واضح يفيد بعدم قبول رؤية حركة طالبان الرامية إلى إعادة إقامة إمارة إسلامية بحسب قواعدها.
تؤكِّد حركةُ طالبان حتى بشكل أساسي على ما لا تريده، فهي لا تريد - على سبيل المثال - تقاسم السلطة مع حكومة كابول.
أحمد رشيد: هذا أحد أسباب انهيار المحادثات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية. نحن ما زلنا لا نعرف بالضبط ما تريده طالبان. وتعليقاتها حول مستقبل أفغانستان غامضة. وحتى الآن يعارض الطالبان الانتخابات بشدة ويقولون إنَّ الإسلام لا يسمح بها. وهم بذلك يدركون على الأرجح أنَّهم لا يحظون بشعبية كبيرة في أفغانستان.
حاوره: توبياس ماتِرن
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ / موقع قنطرة 2021
أحمد رشيد صحفي ومؤلف كتب بريطاني باكستاني، يعتبر من أفضل الخبراء في شؤون أفغانستان وباكستان. تم منحه العديد من الجوائز تقديرًا لتقاريره النقدية. وهو مؤلف كتاب "الوقوع في الفوضى: أفغانستان وباكستان وعودة طالبان".