السعودية: لا حقوق إنسان في مملكة القمع الوهابية
يمكن للمؤمنين في مدينة جدة السعودية أن يشاهدوا بأعينهم ما يحدث لمن يخرج عن خط الإيمان "الصحيح". فبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع في مسجد الجفالي، يمكن لهم أن يقفوا في الساحة أمام المسجد ويشاهدوا مراسم بشعة، حيث سيجلس رجل القرفصاء، مقيد اليدين في انتظار تلقي 50 جلدة. هذا الرجل هو الناشط والمدون رائف بدوي، الذي حكم عليه بالجلد ألف جلدة. الناشط والمدون رائف بدوي سيجلد في عشرين جمعة، في كل مرة خمسين جلدة.
عقوبة بدوي مبررة في رأي المحاكم السعودية، لأنه تجرأ على انتقاد المراجع الدينية السعودية على صفحته الإلكترونية على الموقع الذي أنشأه" الليبراليون السعوديون الأحرار". ويبدو أن ألف جلدة وحدها لم تكف القضاة الوهابيون، فبعد الطعن في حكم سابق، حُكِم على بدوي بسبب "إهانة الإسلام" بالسجن لمدة سبع سنوات ودفع غرامة بقيمة حوالي 200 ألف يورو، بالإضافة إلى الجلد.
اعتبار التقد عملا إرهابيا
وصف علي اليامي، الذي يترأس مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية والذي يتخذ من واشنطن مقرا له، الحكم على المدون الشاب بدوي بأنه "صارم للغاية"، مشيرا إلى أن بدوي لم يرتكب أي جريمة، فكل الذي فعله هو إنشاء صفحة على الإنترنت لصالح "جيل من الشباب السعوديين الذين يريدون التعبير عن أنفسهم بحرية ومواجهة سلطة رجال الدين".
وبالنظر إلى مثل هذه الأحكام الصادمة يصف اليامي وجهة النظر السعودية الرسمية في العالم بأنها "متطرفة"، إذ يبدو أن كل من ينتقد سلوكيات الأسرة المالكة أو رجال الدين يعارض بموجب الرأي السعودي الرسمي "الإسلام". "هذا مضحك بطبيعة الحال، فهذا الانتقاد ليس موجها على الإطلاق ضد الإسلام بذاته"، كما يقول اليامي.
تغير ملحوظ في الثقافة السياسية
لكن هناك شكوك مبررة في قدرة النظام السعودي من الاستمرار في ممارسة ضغوطه على المدى الطويل. فمنذ سنين يواجه النظام تطورا سريعا ديمغرافيا وتكنولوجيا. هذا التطور يتمثل في وصول شريحة كبيرة من المجتمع السعودي بلا حدود إلى المعلومات ومشاركتهم في النقاشات العامة حول الديمقراطية والمشاركة السياسية وضرورة الاصلاح .
وينتمي رائف بدوي الذي ولد عام 1984، إلى أول جيل ترعرع في ظل القنوات التلفزيونية الفضائية والإنترنت. وعليه فإن السعوديين الشباب على علم بالأحداث الدولية ويعرفون ما يحدث في أنحاء أخرى من العالم. وبالفعل بدأ الشباب السعودي بمقارنة النظام الذي يحكمه بالأنظمة الحاكمة حول العالم.
كل هذه التغيرات أدت الى شعورالنظام السعودي الحاكم نفسه بالقلق. ولا يشعر النظام بأنه مهدد إيديولوجيا فقط، وإنما من قبل الجماعات الإرهابية أيضا. وبهدف مكافحة الإرهاب، الذي أعلن صراحة استهدافه المملكة، أصدر النظام قوانين صارمةـ بيد أن هذه القوانين لاتستخدم في مكافحة الإرهابيين المسلحين فقط، وإنما أيضا لمواجهة ليبراليين مطالبين باصلاحات مثل بدوي، يسعون إلى تحقيق أهداف تختلف عن أهداف الإرهابيين جذريا، ويعتمدون في ذلك على استخدام وسائل سلمية بحتة.
وهكذا، فإن طموح الشباب الليبرالي السعودي يصطدم برفض السلطة للحوار معهم ويعرضهم إلى عقوبة الجلد.
كيرستين كنيب
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014