مهرجان كراتشي الأدبي.....ازدحام بالفعاليات والمشارَكات
تحظى المهرجانات الأدبية بشعبية واسعة سواء في ألمانيا أو في أوروبا أو حتى في جميع أنحاء العالم. ويحدث أحيانًا أن نشاهد نفس الكتَّاب والأدباء خلال أسابيع قليلة في كلِّ من برلين وفي مدينة جايبور الهندية وفي أربيل في شمال العراق وفي مدينة أصيلة في المغرب وكذلك في مدينة ميديلين الكولومبية المعروفة ليس فقط بتجارة المخدرات بل كذلك أيضًا بمهرجانها الأدبي الكبير. وكثيرًا ما تبدو هذه المهرجانات في الواقع مثل سفن فضاء تهبط في محيط معيَّن وتفرِّغ حمولتها من الكتَّاب والكتب والثقافة العالمية للأهالي المندهشين عندما يكون لديهم اهتمام بهذا الحدث الغريب. ولكن إذا كانت مثل هذه السفينة الفضائية تستطيع الهبوط في مدينة ميديلين فلماذا لا تستطيع فعل ذلك في مدينة كراتشي أيضًا؟
كثير من المعجبين
وكانت هذه السفينة قد هبطت هنا في كراتشي في شهر شباط/فبراير 2011 للمرة الثالثة وكان لديها الآن الكثير من المعجبين المحليين وجمهور كبير من المهتمين والمثقفين كثيرًا - الكثير من المهتمين والمثقفين كثيرًا إلى حدّ يجعلنا نعتقد للحظة أنَّ هذا الجمهور قد هبط أيضًا مع هذه السفينة هنا في هذه المدينة. وقد تم تنظيم هذا المهرجان الأدبي برعاية المجلس الثقافي البريطاني وكذلك أيضًا برعاية كلّ من معهد غوته والسفارة الأمريكية ومؤسَّسات أخرى في واحدة من الضواحي الهادئة في كراتشي، في منطقة "ديفنس" الراقية وفي فندق كارلتون المطل على مياه البحر وبحماية شديدة من رجال الأمن المدجَّجين بالسلاح. ولكن على الرغم من أنَّ هذا المهرجان كان يبدو معزولاً لكن لقد كان مسموحا للجميع حضوره كما لم يتم فرض أي رسوم للدخول. ولم يكن يجب على الراغبين في حضور هذا المهرجان سوى معرفة أنَّ هناك مهرجانًا أدبيًا يقام في كراتشي ومعرفة ما يكفيهم من اللغة الإنجليزية للتمكّن من متابعة فعالياته، فنادرًا ما تحدَّث الخطباء باللغة الأردية.
وكان معظم المشاركين في المهرجان رفيعي المستوى وقد حضرته بعض الأصوات الكبيرة العالمية من الأدباء الباكستانيين الذين يكتبون باللغة الإنجليزية من الكاتب حنيف قريشي إلى الكاتب محسن حميد والكاتب محمد حنيف وحتى الروائية كاميلا شمسي. ولكن كان يوجد في المهرجان الكثير من الأسماء الشابة وغير المعروفة كثيرًا مثل الكاتبتان الشابتان منيزا نقوي وبينا شاه. عالمي وإنجليزي اللغة ولكن كان هذا المهرجان مهرجانًا عالميًا بجدارة؛ إذ حضرته من الهند مؤلفة الكتب الأكثر مبيعًا شوبها دي التي دافعت بشدة عن أهمية تحرّر الأدب الذي يطلق عليه اسم "Chick Lit" - أي أدب الفتيات. وبطبيعة الحال لقد وجد الجمهور الذي كان معظمه من الشابات أنَّها على حق في حين أنَّ أحد الحضور القليلين من الرجال كبار السن أشار إلى أن القرَّاء الناطقين باللغة الإنجليزية يعتبرون على أية حال متحرّرين وإلى أنَّ هناك كاتبات يكتبن باللغة الأردية ساهمن ويساهمن كثيرًا في تحرّر المرأة وأثبتن في ذلك الكثير من الشجاعة.
وكذلك حضر المهرجان من الهند الكاتب الإنجليزي وليام دالريمبل الذي يعيش منذ فترة طويلة في مدينة دلهي وتجد كتب رحلاته ومؤلفاته التاريخية السلسة حول التاريخ الإسلامي الهندي أيضًا في باكستان الكثير من القرَّاء المعجبين. وفي المقابل كان يبدو المشاركون الأوروبيون القلائل كأنهم خبراء مختصون على الرعم من أنَّهم قد عرضوا مثل نويد كرماني أو يورغن فريمبغن من ألمانيا وروبين ياسين كساب من بريطانيا بعض الكتب المرتبطة بالعالم الإسلامي التي تعد مناسبة جدًا في هذا المهرجان. ولكن كان ينقص المهرجان وجود كتب "طبيعية" جدًا من مناطق لغوية أخرى مثل القصص والقصائد التي تتحدَّث عن عالم غريب - عن عالم غريب من وجهة النظر الباكستانية والإسلامية!
منتدى للنقاش
ولكن ربما كان أهم ما في هذا المهرجان ليس الأدب بحدِّ ذاته، بل النقاشات التي كثيرًا ما كانت سياسية للغاية، مثل النقاشات التي دارت حول حرب الانفصال بين باكستان وبنغلاديش وكذلك النقاش حول وضع الأقليات الدينية والعرقية المهدَّدة في باكستان. وقد كان من الواضح مدى الاهتمام الكبير لدى الجمهور بعدم وجود حتى الآن ومع الأسف في هذا البلد سوى القليل من الفعاليات العامة التي من الممكن فيها مناقشة مثل هذه القضايا بشكل علني.
وكان من المؤسف كثيرًا أنَّ هذا المهرجان لم يستمر سوى يومين فقط في حين أنَّ عدد المشاركن فيه كان كبيرًا جدًا، بحيث أنَّنا لم نكد نجد الوقت والفرصة للقاء والحديث خارج نطاق الفعاليات الكثيرة، إذ كانت تقام في كلِّ مرة أربع فعاليات في الوقت نفسه. وببساطة كان الحضور وكذلك أيضًا الكتَّاب بحاجة إلى المزيد من الوقت للتعارف. وهنا نأمل أن يعمل القائمون على تنظيم هذا المهرجان الذين قاموا بعمل عظيم على مراعاة هذه الرغبة الصغيرة في تحسن توقيت الفعاليات في الدورة الرابعة من هذا المهرجان في العام القادم!
شتيفان فايدنر
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012