باسم يوسف بعد عودته .. لسان حال المصري أم ضميره المشاغب؟
عاد الإعلامي باسم يوسف يوم أمس الجمعة (السابع من فبراير/ شباط 2014) إلى جمهوره الكبير عبر شاشة قناة MBC مصر، التي قدم فيها برنامجه الساخر المثير للجدل "البرنامج"، بعد توقف دام عدة أشهر، محافظاً على النهج الساخر نفسه، ومخالفاً لكل التوقعات بإمكانية تغير سياسة وأسلوب أحد أشهر البرامج المصرية والعربية.
وقدم يوسف عدة مواقف ساخرة عبرت بذكاء وكوميديا عن حالة الجدل والترقب المحيطة بمستقبل برنامجه، إذا قام بالانسحاب بشكل مفاجئ من المسرح بعد دقائق من بداية الحلقة حتى لا يتورط في الكلام حول ما يحتمل أن يكون سبباً للغضب ومنع بث الحلقة، ليتبعه باستعراض غنائي مستوحى من عرض لثلاثي أضواء المسرح (سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد) من أحد الأفلام المصرية القديمة، يسخر فيه من الأزمة التي صنعها تعليق ساخر له أدى إلى وقف عرض برنامجه عندما كان يُبث على قناة "سي بي سي" المصرية.
كما ركز الإعلامي المصري في الحلقة العودة أيضاً على تظاهر البعض ضده أمام مكان تصوير "البرنامج" في مسرح راديو بوسط العاصمة المصرية، مشيراً إلى بعض التوصيفات اللامنطقية التي أطلقها بعضهم عليه.
"معادلة الجمهور المصري"
الحلقة أيضاً أشارت إلى وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي أكثر من 70 مرة وشهدت ردود فعل متنوعة وقت بثها وبعده، إذ قال محمد، أحد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي: "أتحدى باسم أن يعرض مقاطع فيديو لتسريبات السيسي"، فيما علق فهد على أن يوسف تكلم عن حالة يعيشها المجتمع تجاه السيسي، وأوضح آخر أن الحلقة الأولى سلطت الضوء على محبي السيسي بشكل كبير جداً، لكنه تساءل عما سيقدمه باسم بعد ذلك .
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر العديد من مستخدميها أن باسم يوسف عبر بشكل مميز عن فئة كبيرة من الجمهور المصري تنزعج من عدم مهنية الإعلام المصري ولا ترى أن ما تقدمه قنوات إخبارية كالجزيرة، مثلاً، يعبر عنها.
وتقول إحدى المستخدمات، ميسون عصام، إن الحلقة كشفت أن معادلة الجمهور المصري صارت هكذا : "لكم الجزيرة تعبر عنكم، ولهم سما المصري (فنانة استعراضية مصرية أسست قناة جديدة تحمل اسم "فلول") وحزب الكنبة يعبرون عنهم ولنا باسم يوسف يعبر عنّا".
من ناحية أخرى، تعامل "البرنامج" بطريقة ذكية مع المسألة الشائكة المتمثلة في وضعية السيسي، الذي ظهر باسم يوسف في الحلقة وكأنه يحاول ألا يأتي على ذكره، بينما كشفت كل مقاطع الفيديو المصاحبة للحلقة أن سيرته تأتي على ألسنة كافة الإعلاميين، بداية بالبرامج السياسية ومروراً ببرامج الطبخ والرياضة وانتهاء بالمنوعات والأغاني.
وحول ذلك، يرى الكاتب المصري محمد عبد الرحمن في حديثه معنا أن "باسم كالعادة خالف التوقعات، إذ أشيع أن هناك اتفاقات مع القناة الجديدة بعدم ذكر اسم السيسي. لكنه تناول هذه الفكرة بطريقة ذكية، ولا يمكن أن يقول أحد أنه انتقد وزير الدفاع المصري بشكل صريح، واكتفى بالتركيز على حالة الهوس به سواء في الشارع أو الإعلام المصري".
"حالة جديدة في الإعلام المصري"
ويعتبر عبد الرحمن أن باسم في حلقة الأمس تمسك بتناول هذا الموضوع "حتى لا يقال أنه تخلى عن مصداقيته، خاصة أنه صار متنفساً لضيق المشاهد المصري من انحياز وعدم مهنية الإعلام المصري، كأنه لسان حالهم أو يرد نيابةُ عنهم".
ويشير الكاتب المصري إلى أن أهمية باسم لا تكمن في جرأته وحسب، بل وفي تقديمه مختصراً جامعاً لأهم ما يجري على شاشات الإعلام المصري بشكل فني لا يخلو من سخرية.
وحول ردود الأفعال المصاحبة لعرض الحلقة، يقول محمد: "باسم أصبح يمثل حالة جديدة في الإعلام المصري، إذ يحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة وجاذبة لكل الفئات، حتى معارضيه. لكن ردود الأفعال تكشف أيضاً عن أن الجمهور المصري لا يزال يقيم البرنامج وفقاً لوجهة نظره، إذ واكب عرض الحلقة مثلاً حالة من الصراع بين مؤيدي حرية التعبير من ناحية والمطالبين بمنع باسم للمرة الثانية، الذين أعلنوا عن توقعاتهم أن القناة الجديدة ستمنع البرنامج مرة أخرى بعد عرض الحلقة".
ويعتقد محمد عبد الرحمن أن هذا يكشف عن "وجود أزمة لدى الجمهور المصري، إذ ينبغي التعامل مع ’البرنامج' بوصفه مجرد برنامج كوميدي".
كما يرجع الجدل حول حلقة "البرنامج الجديدة" أيضاً، بحسب عبد الرحمن، إلى"عدم قدرة معارضي البرنامج على إنتاج برنامج بديل لـ’البرنامج’ ولهذا يطالبون بمنع يوسف، خاصة أن معارضي البرنامج من المحسوبين على نظام مبارك هم أصحاب المواد التي يسخر منها باسم بالأساس".
ويشير عبد الرحمن، الذي حضر حلقة باسم يوسف الممنوعة شخصياً قبل عدة شهور، إلى أن "باسم قال (آنذاك) إن فريق الإعداد يختار القضايا التي يراها هامة ومعبرة عما يؤمنون به. وحلقة الجمعة كانت معبرة عن ذلك التوجه. لكن الحلقات القادمة ستكشف ما إذا كان باسم يوسف سيكمل في طريقه المعتاد أم لا".
يشار إلى أن DW عربية حصلت على حقوق إعادة بث حلقات برنامج "البرنامج" على قناتها التلفزيونية وعبر الإنترنت بدءاً من منتصف الشهر الحالي.
أحمد وائل
تحرير: ياسر أبو معيلق
حقوق النشر: دويتشه فيله 2014