فوز ميركل...هل "أفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة"؟
كما كان متوقعا تصدر حزب المستشارة أنغيلا ميركل نتائج الانتخابات التي أجريت الأحد (24 سبتمبر/ أيلول 2017) ، لكن فوز حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي بحوالي 13 بالمائة من الأصوات شكل مفاجأة وصفتها بعض الصحف الألمانية بالزلزال السياسي، رغم أن استطلاعات الرأي توقعت أن يحل الحزب ثالثا في الانتخابات. هذا "الاختراق التاريخي" كما وصفته وسائل إعلام ألمانية نغص على المستشارة ميركل فوزها بولاية رابعة، أما على مستوى الجالية العربية والمسلمة داخل ألمانيا فينصب التركيز عن ماذا سيعنيه دخول حزب البديل للبرلمان الألماني لأول مرة، بالنسبة للمسلمين والمهاجرين.
لكن ماذا عن تفاعل العرب من خارج ألمانيا مع فوز ميركل بولاية رابعة ودخول اليمينيين الشعبويين إلى البرلمان الألماني؟
باستعمال هاشتاغ "ميركل"، تفاعل الكثيرون على تويتر مع نتائج الانتخابات الألمانية وجاء التركيز بشكل كبير على فوز ميركل أكثر من صعود حزب البديل من أجل ألمانيا. وبينما هنأ الكثير من المغردين ميركل بفوزها وأشادوا بسياسة اللاجئين التي اتبعتها، استغل آخرون الموضوع لمقارنة المشهد في ألمانيا بما شهدته بعض الدول العربية بعد الانتخابات. مغرد باسم "التونسي الحر" علق على فوز ميركل قائلا: "ميركل فازت وهي على رأس حزب ديني. لم يقع اتهامها باستغلال الدين وخلطه مع السياسة...".
بينما علق مغرد باسم محمود رفعت على فوز ميركل قائلا: "ميركل التي منحها شعب ألمانيا اليوم عرش أعظم اقتصاديات العالم مرة رابعة لا تملك قصورا وتعيش كموظف، ليست ناقصة عقل بل من هدم أوطانا وفتك بشعوب".
وعلى الجانب الآخر فضل البعض التركيز على الجانب الإيجابي في النتائج أو بعبارة أخرى الجزء الممتلئ من الكأس. فقد علقت مغردة باسم هلا على نتيجة الانتخابات بالقول: "على الجانب الإيجابي، 87 المائة من الألمان تعلموا من تاريخهم... ولم يستسلموا للخوف من "الآخر" ولم يعطوا للنازيين الجدد حرية مطلقة.
وفي نفس الاتجاه علقت البرلمانية المغربية إيمان اليعقوبي في تدوينة مطولة على فيسبوك قائلة: "الشعب الألماني صوت للمرة الرابعة ضد الخوف الذي به بنى سياسيون آخرون مجدهم. صوتوا ضد الخوف من الدين وضد الخوف من الإيديولوجيا، وضد الخوف من الهجرة، وضد الخوف من الآخر، وضد الخوف من الانفتاح ... أخيرا، الشعب الألماني شعب يضمن استقراره من خلال براغماتيته العالية. فلا حزب ميركل تخلى عن المرأة القوية التي ضمنت له الفوز لمراحل عديدة ولا شعبها تخلى عنها أو أعفاها من مسؤولياتها التي قامت بها على أكمل وجه. كما نقول بالفرنسية، فنحن لا نغير فريقا يفوز ولا قيادة تؤدي للفوز ولا سياسيين يقومون بدورهم على أكمل وجه. هم لا يعقدون الأمور على أنفسهم وهذا سر تقدمهم".
التركيز على موضوع حكم النساء كان واضحا في تعليقات بعض المعلقين سواء على تويتر أو فيسبوك، فبينما أشاد البعض باستمرار امراة في قيادة ألمانيا ووصول النساء عموما إلى الحكم ربط آخرون بين فوز ميركل وبين نصوص دينية عن حكم النساء بطريقة ساخرة. في هذا الإطار علق مغرد باسم Dr.House على تويتر قائلا: "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة للمرة الرابعة".
الشيخ المغربي عبد الوهاب رفيقي المعروف بأبو حفص ذهب أبعد من ذلك، فقد خصص تدوينة له على فيسبوك لتحليل حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" على ضوء استمرار ميركل في الحكم، وتساءل أبو حفص: "هل نصدق ما يراد لنا أن نفهم من هذا الحديث... أم نصدق الواقع الذي نراه مع ميركل وما حققته لوطنها خلال ثلاث ولايات واستحقت معه الرابعة؟".
قبل أن يضيف: "متى نصالح بين الفكرة والواقع؟ متى نعترف أن كثيرا من النصوص حتى وإن صحت فهي ليست لنا ولا لواقعنا ولا حلا لمشكلاتنا؟ متى نتأكد من ان كثيرا من النصوص لها سياقاتها الخاصة وظروفها وأسباب نزولها التي تجعلها قاصرة عليها فلا تصلح لأن تكون حكما فوقيا على طول الزمان والمكان؟....عموما هنيئا للألمان بميركل.. المرأة التي أفلح قومها حين ولوا عليهم امرأة...".
من جانبه تساءل مغرد باسم أجلح وأملح ساخرا: "لكن كيف ستقود ألمانيا وهي بربع عقل!!؟
غياب المواقف الرسمية الفورية لزعماء الدول العربية بخصوص نتائج الانتخابات، وهو ما يمكن تفسيره بعدم الإعلان الرسمي الفوري لنتائج في ألمانيا، إلا أن بعض الصحف تفاعلت مع الموضوع ومعظمها ركز على أسباب نجاح ميركل وصعود حزب البديل من أجل ألمانيا. صحيفة "ألجيريا تايمز" الإلكترونية الجزائرية نشرت في مقال على صحفتها أن "أنغيلا ميركل تجسد بشخصها البرنامج الانتخابي لحزبها. فهي تقود البلاد نحو المستقبل بنهج براغماتي وبقوة الابتكار في المجتمع ويشمل ذلك حتى قضايا العولمة. لكنها كانت تحت ضغط أزمة اللاجئين في عام 2015 ونجحت في الخروج منها". ثم تضيف الصحيفة أنه "لا توجد رغبة في تجربة جديدة. فبنتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2017؛ والتي جرت الأحد، تبقى ألمانيا كما هي، منطقة هادئة: سياسياً واجتماعياً واقتصادياً".
صحيفة الحياة اللندنية كتبت في مقال عنونته بـ"عودة النازيين إلى البرلمان الألماني تهدد اللاجئين" بأن حزب البديل من أجل ألمانيا بعدما فشل في دخول البرلمان عام 2013، خلط الأوراق إذ قضم أجزاء من أصوات الأحزاب الأخرى، لا سيّما الحزب المسيحي الديموقراطي، على رغم تطرّف بعض قياديّيه ودعوتهم الألمان إلى أن يكونوا فخورين بممارسات جنودهم خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية". من جهته اعتبر موقع بديل المغربي أن "النتيجة التاريخية التي حققها حزب البديل اليميني الشعبوي وفوزه بالمركز الثالث، عكرت كثيرا على ميركل وعلى المحافظين فرحتهم بالبقاء في السلطة".
موقع le360 المغربي اعتبر أن ميركل "أثبتت أنها فعلا المستشارة التي لا تهزم عندما تمكنت من انتزاع ولاية رابعة سيرا على خطى أبيها الروحي الراحل هلموت كول، الذي تولى منصب المستشارية لمدة 16 سنة، بالرغم من الضغوط والتحديات الكبيرة التي تواجهها داخل ألمانيا وفي أوروبا والولايات المتحدة... ويظل استمرار ميركل الظاهرة، في تسيير دواليب الحكم في ألمانيا لغزا محيرا، لكن خصومها قبل أنصارها يشهدون لها بالنجاح في عملها، فهي تقود بلدا يعتبر معجزة اقتصادية يسجل انخفاضا قياسيا في معدل البطالة".
بينما ركز موقع العربي الجديد في مقال على المعركة التي بدأتها ميركل لتشكيل الائتلاف الحاكم والصعوبات التي تواجهها بعد ما وصفه المقال بـ"زلزال الانتخابات". واعتبر موقع القدس العربي أن ميركل خرجت منتصرة من انتخابات تشريعية مخيبة للآمال، وتباشر من موقع ضعيف مفاوضات صعبة لتشكيل غالبية حكومية في مشهد سياسي مشرذم بعد الاختراق التاريخي الذي حققه اليمين القومي.
سهام أشطو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2017