الآخر في القراءة الإثنوشعرية
يناقش كتاب "الحرب والرقص" للكاتب الألماني ميشائيل روس مواضيع متنوعة على غرار المثلية الجنسية، واللباس، واللعب، والاستعمار والحرب والرقص وقضايا أخرى، لكنه يمثل في جملته تفكيكا للثقافة العالمة والسائدة، لأقانيمها وأساطيرها. ينتقل الكاتب من منطقة لأخرى ومن تاريخ إلى تاريخ، لكن السؤال المركزي يظل واحدا: لماذا هذا الإصرار على رفض الآخر والسيطرة عليه وتدجينه داخل الثقافة الغربية؟. العداء للمرأة... كان الأسبان يبررون حقهم في فرض سيطرتهم على أمريكا اللاتينية باسم الدين، مدعين بأن الهنود يمارسون اللواط الذي كانوا يعتبرونه ضد الطبيعة. وطبعا فإن الاسبان لم يكونوا ليعاملوا من يتصرف ضد الطبيعة على أنه انسان. ويذكر روس رأي رجل الدين الفرنسي جوزيف فرنسوا لافيتان، الذي انتقد البرداخ (هنود حمر مخنثين كانوا يتمتعون بقداسة) بسبب سلوكهم الأنثوي.في كتابه الصادر سنة 1724 بسبب سلوكهم الأنثوي. يقول روس، إن رجل الدين هذا انطلق في رفضه للبرداخ من وجهة نظر أوروبية حول الأنوثة، نظرة تنظر إلى الأنثوية كشيء منحط مقابل قيمة الرجولة التي تجترح البطولات، أو بلغة روس التي تجترح الحرب في مقابل الأنوثة التي لا تستطيع أن تحارب والتي يتوجب طبقا لذلك السيطرة عليها. لكن الهنود الحمر نظروا إلى أبناء جلدتهم المخنثين كأشخاص مقدسين يحظون باحترام كبير ويشاركون في كل الطقوس الدينية. الآخر نقيض نظام الأنا إن الآخر يظل وفق النظرة الأوروبية المركزية موضوعا للسيطرة ويستحق الحط من قيمته، لأنه مختلف أو لأننا لا نستطيع إقحامه بنظام الأنا. وطبعا، وفقا لروس، إن ثقافة لا تعرف إلا جنسين: المؤنث والمذكر، لا يمكنها أن تنظر إلى جنس ثالث كأمر طبيعي، بل لا يمكنها إلا أن تدينه وتعاقبه. كما أن البرداخه ليس بامرأة ولا رجل داخل ثقافة الهنود الحمر بل هو يعني خصوصا "المتحول". وبحسب رؤية روس لم تكن له صورة سيئة البتة داخل هذه الثقافة التي كانت تعرف تساويا بين الرجل والمرأة، ولم يكن معيبا داخل هذه الثقافة أن يضيف الرجل إلى خصاله بعضا من الخصال الأنثوية أو العكس. كما يرى روس بأن عجز الأوروبيين عن فهم هذا البناء الجنساني يعود إلى مرض متأصل بالثقافة الغربية ويتمثل في "الميزوجينيا" أو بغض النساء. . المركزية الذكورية والحرب إن الاختلاف بين "السيطرة الذكورية" و"الدونية الأنثوية" الذي يؤسس لنظام القيم الغربي، حاضر وبقوة في التاريخ السياسي للغرب وفي كل المجالات الثقافية من دين وعلوم وفن. فكيفما كان العدو في أحد هذه المجالات تجري محاولة نفي صفة الرجولة عنه، بل وحتى القتلى ينتقم منهم عبر خصيهم أو اغتصابهم. إن الحرب نزع لصفة الذكورة عن الخصم، وأحد أكبر ضحاياها المرأة، وبعدها يأتي الرجل الذي انتزعت ذكورته. وإيتيمولوجيا، فإن مصطلح "الأنثوية" في اللغة الألمانية يعني في أصله "الضعف" كما أن كلمة "باد" (سيء) في الإنجليزية القديمة كانت تعني "المؤنث". نقطة تلاقي الأصوليات أما الحرب، فهي وفق قراءة روس تقديس للأنا، احتفاء بها وجهل بالآخر، إن المعرفة الحقيقية بالآخر ستجعلنا ندرك بأنه شبيه بنا وأن أشياء ضئيلة تفرق بينه وبيننا ومن تم سيكون من الصعب معاملته بشكل غير إنساني تعذيبه أو قتله. وهذا ما يجمع بين الأصولية الغربية والأصولية الإسلامية، فهناك من ناحية إيمان أعمى بعظمة طرف مقابل طرف آخر ومن ناحية أخرى جهل متبادل بثقافة كل منهما، فكلاهما لا يعرف عن الآخر سوى ما تتناقله وسائل الإعلام من رواسم وصور نمطية. كما لا يقتصر الأمر على هذا الجهل، فكلاهما يقدس الذكورة ويعمد إلى تأنيث الآخر وسحب صفة الرجولة عنه، ولن نعدم أمثلة عن ذلك في واقعنا. رشيد بوطيب حقوق النشر: قنطرة 2008
قنطرة كتاب الإنجيل الخامس لنيتشه أصدر الفيلسوف بيتر سلوتردايك كتابه الأخير بعنوان "الإنجيل الخامس لنيتشه" وكان صدوره بمناسبة مرور مئة عام على وفاة الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه، واضع الأساس للفلسفات الحديثة ومؤلف "أصل الأخلاق" و"ما وراء الخير والشر"، و"هكذا تكلم زاردشت"، وبمناسبة صدور الترجمة العربية لكتاب سلوتردايك، يقدم رشيد بوطيب عرضا لـ"إنجيل نيتشه الخامس القدس وبرلين: تجارب مشتركة الانفصال والوحدة، الاندماج والتجزئة، تلك مواضيع تشترك فيها مدينتا القدس وبرلين. في عملها من أجل تطوير حل عادل بالنسبة لمستقبل القدس، أطلقت مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية منتدى برلين ـ القدس قبل سنتين. وفي هذا الاطار الثلاثي يعمل خبراء مدنيون من الجانب الشرقي والغربي لبرلين معا مع خبراء اسرائيليين وفلسطينيين من القدس. إنهم يلتقون كل سنة، ويدخلون لمدة أسبوع في نقاشات معمقة حول هذا الموضوع. آنيا سيسفكي من الدويتشه فيلله عن اجتماعهم مؤخرا ببرلين. إعلام صور الحرب في التلفاز هل من الجائز عرض عمليات إعدام أو رمي الرهائن بالرصاص أو صور حرب عنيفة على شاشة التلفاز؟ لقناة الجزيرة معايير أخرى بهذا الخصوص غير المعايير المتبعة لدى قنوات الـ ARD العمومية الألمانية. تقرير بيتر شتيفي