أغانٍ بريطانية مستوحاة جزئياً من القرآن
ببلوغه سن الـ 75 عاما في شهر يوليو / تموز 2023 يبدو أن المغني الشهير كات ستيفنز -الذي اختار لنفسه اسم "يوسف" بعد إسلامه- يعيش في حالة من الانسجام والوئام مع نفسه.
وكان النجم البريطاني، الذي ذاع صيته بسرعة البرق في عالم موسيقى الروك والبوب خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أدار ظهره لصناعة الموسيقى لعقود، من أجل تكريس حياته لاحتياجاته الروحية، وأسرته، وأعماله الخيرية.
ولكنه بدأ منذ عام 2006 في تقديم الأعمال الموسيقية الشعبية من جديد، إلا أن التناغم المثالي -بين كونه رجلاً مسناً متديناً وبين كونه موسيقياً عبقرياً وكاتب أغانٍ رائعاً من قبل- لم ينجح إلا من خلال ألبومه الموسيقي الجديد الذي يحمل اسم "كينج أوف أيه لاند" (ملك أرض)، الذي تم طرحه في 16 من حزيران / يونيو 2023، وهو الألبوم رقم 17 له.
وقال الفنان الموسيقي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "أعتقد أن هذا التسجيل هو خلاصة الجمع بين يوسف وكات ستيفنز".
ويصف يوسف (أو كات ستيفنز) الألبوم الموسيقي الجديد، بأنه موسيقى تصويرية للأساليب الموسيقية التي أثرت فيه منذ سن مبكرة. فعلى سبيل المثال أغنية "هاو غود إت فيلز" (إلى أي مدى يبدو هذا جيدا) مستوحاه من رائعة "سوان ليك" (بحيرة البجع) للموسيقي الروسي الاسطوري، تشايكوفسكي، إلى جانب أعمال أخرى. ولكنه في الوقت نفسه يسترجع من خلالها أغنياته الخاصة التي قدمها خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي.
وعن الأغنية، يقول يوسف إنه بدأ في كتابتها في عام 1968، ولكنه لم ينتهِ منها إلا قبل بضعة أعوام فقط. أما أغنية "هاينيس" (السمو) فهي تجسد عددا من الروابط المستمدة من المسرحيات الموسيقية التي كان يوسف قد ارتبط بها أثناء نشأته في منطقة "ويست إند" الشهيرة بالمسارح في لندن.
كما انعكس أحد الموضوعات الخاصة بأعوامه الأولى في أغنية "ترين أون أيه هيل" (قطار على تل)، والتي تستحضر، من حيث رمزيتها، أغنيته الناجحة "بيس ترين" (قطار السلام) التي قدمها في عام 1971، أما أغنية "كينغ أوف أيه لاند"، التي تم إطلاق اسمها على الألبوم أيضا، فهي عبارة عن تجسيد يسيطر عليها إيقاع الطبول، والقدرة على حل جميع مشاكل الجنس البشري، كما لو كان ذلك ممكنا بضربة يد، وذلك على الأقل بالطريقة التي يتخيلها يوسف "الذي يتسم من داخله بروح الطفل" لحل مثل هذه المشاكل.
استنارة روحية من الشرق
ويَعتبر يوسفُ الموسيقيَّ البريطاني الراحل جورج هاريسون -الذي كان أحد أعضاء فرقة الروك البريطانية الشهيرة "ذا بيتلز" والذي توفي في عام 2001- أنه صاحب تأثير مهم جدا عليه، حيث أنه رجل وجد أيضا الاستنارة الروحية في الشرق، ولو أن ذلك لم يكن ذلك من خلال الإسلام، ولكن في الهندوسية. وكان يوسف شديد الافتتان بموسيقي الراحل لدرجة أنه عندما كان الاثنان يلتقيان، كان يوسف يصرخ قائلا "أنا أحبك!".
ولكن في الواقع كانت مثل هذه اللقاءات بينهما رسمية للغاية، وكان يوسف شديد الخجل، كما كان أسيرا لفقاعة النجومية الخاصة به. ومع ذلك، فإن استخدام الجيتار في عدد من الأغنيات التي تضمنها الألبوم الجديد، يأتي تكريما لمشاركة هاريسون "الاستثنائية" ضمن مجموعة "ترافيلين ويلبيرز" الموسيقية الأسطورية الشهيرة، وهي فرقة موسيقية بريطانية-أمريكية كانت تتكون من بوب ديلان، وجورج هاريسون، وجيف لين، وروي أوربيسون، وتوم بيتي.
في الوقت نفسه أوضح الفنان البريطاني أن كلمات أغنياته -التي استوحى بعضها بصورة جزئية من القرآن ومن التقاليد الإسلامية- لا تهدف إلى الدعوة لتغيير المعتقدات. ومع ذلك، فهو في الوقت نفسه، لا يرغب في أن يبدو متظاهرا بخلاف ذلك. ويقول: "إنه إلى حد كبير، كتاب مفتوح عما أنا عليه اليوم، ولا يمكنني أن أمضي يوما بدون أن أفكر في ربي".
وفي ألبومه الجديد، يجسد يوسف (أو كات ستيفنز) نفسه على أنه رجل وجد الأمان العاطفي في منظور عالمي قائم بذاته. يمكنك أن تحبه أو تتركه، ولكن حقيقة أنه نجح في تجسيد هذا الشعور بالأمان من خلال الأغاني، هو أمر يستحق التجربة والاستماع إليها، كما يمكن الاستمتاع بذلك بدون أن يتبنى المرء نفس قناعاته.
كريستوف ماير
حقوق النشر: د ب أ - لندن 21 يونيو / حزيران 2023