معرض فرانكفورت للكتاب 2022 - أين العرب؟
على مدار خمسة أيام، بداية من الأربعاء 19 أكتوبر/ تشرين الأول وحتى الأحد 23 من الشهر نفسه يفتح معرض فرانكفورت الدولي للكتاب أبوابه للزوار من جديد، بدون قيود أو شروط، بعدما كانت موصدة في 2020 ومفتوحة بقيود في 2021، بسبب جائحة كورونا.
في الأيام الأولى ستكون الزيارة مقصورة فقط على المتخصصين، وبداية من يوم الجمعة مسموح للجمهور العادي بزيارة صالات المعرض وشراء الكتب.
وقبل أسبوع من انطلاق فعاليات المعرض، أعلنت متحدثة باسم منظمي معرض فرانكفورت أن "4000 عارض من 95 دولة سجلوا أنفسهم للمشاركة" في نسخة العام الحالي، من أكبر معرض للكتاب في العالم.
وكان مدير المعرض يورغن بوس قد ألمح قبل شهور إلى أن الأعداد ستقترب مما كانت عليه قبل كورونا تقريبا. علما بأن المعرض في نسخة عام 2020 أقيم بشكل افتراضي "ديجيتال"، وفي العام الماضي حضر أكثر من ألفي عارض وكانت نصف قاعات العرض خاوية وزاره 70 ألف شخص، في مقابل 130 ألفا دخلوا على فعالياته عبر العالم الافتراضي، بحسب شبكة "RND" الإخبارية الألمانية.
ليست إسبانيا فقط هي ضيف الشرف!
وقال المنظمون في يونيو/ حزيران إن هناك مؤشرات تفيد بأنه سيكون هناك تمثيل قوي على نحو خاص لدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا، إلى جانب إسبانيا ضيف شرف المعرض، وأضافوا أن هناك اهتماما خاصا بإتاحة نافذة لدور نشر ومؤلفين أوكرانيين.
وقد وصل الملك فيليب السادس وزوجته الملكة ليتيزيا الاثنين (17 أكتوبر/ تشرين الأول) إلى ألمانيا في زيارة دولة تدوم عدة أيام، حيث استقبلهما الرئيس فرانك فالتر شتاينماير وكانت هناك أيضا لقاءات مخطط لها مع المستشار شولتس وعشاء على شرف الملك الإسباني في قصر بيليفو في برلين. وهذه أول زيارة للملك إلى ألمانيا منذ عام 2014.
ومن المقرر أن يصل العاهل الإسباني وزوجته إلى فرانكفورت بعد ظهر الثلاثاء وسيشاركان الرئيس الألماني في إعلان افتتاح المعرض رسميا في الخامسة مساء الثلاثاء، ثم يقومان بزيارة لأروقة المعرض الأربعاء.
ويشارك في المعرض 320 جهة عرض من إسبانيا، بحسب بيانات المكتب المنظم للمعرض. ويستخدم الجناح الإسباني في المعرض أحدث التقنيات. وتجدر الإشارة إلى أن إسبانيا من أكبر أسواق الكتب في العالم. وقال يورغن بوس، مدير المعرض، إن دعوة ضيف الشرف ليست محصورة على الدولة ذاتها، بل تشمل أيضا المنطقة اللغوية، موضحا أن اللغات الإقليمية الكاتالونية والجاليكية والباسكية ممثلة أيضا في معرض فرانكفورت.
وبحسب بيانات مديرة الجناح الإسباني، إلفيرا ماركو، تم خلال عامي 2019 و2022 ترجمة حوالي 400 كتابا من الإسبانية إلى الألمانية.
الكتب الصوتية والترجمة ومبادئ الديمقراطية
وأوضح بوس أن الصالة 3 المخصصة لدور النشر الناطقة بالألمانية، تم حجزها بالكامل تقريبا، وقال إنه نظرا للطفرة الصوتية سيكون هناك في الصالة 1.3 منطقة مخصصة للكتب الصوتية والبودكاست ولفت إلى أن معرض العام الحالي سيركز على موضوع الترجمة.
وذكر بوس حديثه قبل شهور أن المعرض سيبرز المبادئ الأساسية الديمقراطية التي وصفها بأنها الحامض النووي للمعرض وتابع أن المعرض يقف مع التنوع والتعددية وفي مواجهة كل نوع من أنواع التمييز.
يذكر أن وجود دور نشر من اليمينيين الجدد في المعرض في السنوات الماضية كان قد أثار احتجاجات، حيث ألغت الكاتبة ياسمينا كونكه ظهورها في المعرض في 2021 بسبب وجود دار نشر "يونغ أويروبا (أوروبا الشابة)" اليمينية، وتبعها بعد ذلك كتاب وكاتبات آخرون. وفي المقابل، برر المعرض قراره بالسماح بمشاركة دور نشر يمينية بحرية الرأي والنشر.
ويقول يورغن بوس إن معرض فرانكفورت للكتاب هو "أكبر معرض ثقافي دولي في العالم ومنصة تجارية ومساحة نقاش في نفس الوقت".
جائزة السلام لكاتب أوكراني
كما هو الحال في كل عام تنعكس أوضاع العالم في النقاشات داخل أروقة المعرض وهذا العام تم تفريغ المنصة المشتركة للناشرين الروس، بسبب قرب القائمين عليها من نظام بوتين، بينما يُسمح للناشرين الأوكرانيين بتقديم أنفسهم على منصة مساحتها 100 متر مربع. وينتهي معرض الكتاب في 23 أكتوبر/ تشرين الأول بمنح الكاتب والمترجم والموسيقي الأوكراني سيرغي جادان جائزة السلام لعام 2022، والمقدمة من اتحاد بورصة تجارة الكتاب الألماني.
وذكرا مجلس اتحاد بورصة الكتاب الألماني، أن الكاتب الأوكراني تم تكريمه " لعمله الفني الممتاز وكذلك لموقفه الإنساني الذي اتخذه مع الناس في الحرب وساعدهم مخاطرا بحياته".
تجدر الإشارة إلى أن جادان (47 عاما) يعد واحدا من أهم الأصوات المعبرة عن الأدب الأوكراني المعاصر وهو لا يزال يعيش في مدينة خاركيف الأوكرانية حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عن المجلس.
وتقدر قيمة جائزة السلام من تجارة الكتاب الألماني بـ 25 ألف يورو وتمنحها المؤسسة لشخصيات تقدم إسهاما في مجال الأدب أو العلوم أو الفنون من أجل تحقيق فكرة السلام، وتمنح المؤسسة هذه الجائزة منذ عام 1950.
الحضور العربي
أعلنت مؤسسة "جائزة الشيخ زايد للكتاب" الإماراتية أنها ستشارك هذا العام "بحضور مميز". وبحسب موقع صحيفة "الخليج" فإنها ستشارك "لإلقاء الضوء على أهم الموضوعات المطروحة في الأدب والحركة الثقافية في المنطقة العربية". وأوضح موقع "الخليج" أن المشاركة "تتضمن حفل استقبال وندوتين تسعى الجائزة من خلالها إلى إلقاء الضوء على مجموعة من الموضوعات أهمها، آفاق نمو تجارة الكتب في العالم العربي، ورحلة الأدب العربي من المقاهي إلى المنصات الإلكترونية. كما تتناول المناقشات الفرص والتحديات التي تواجه الناشرين الدوليين الذين يدخلون السوق العربية، فضلاً عن التطورات التي يشهدها عالم الأدب العربي اليوم".
ومن الشخصيات التي ستحضر فعاليات جائزة الشيخ زايد الكاتبة ميسون صقر، الفائزة بجائزة 2022، وكاتب المقالات والمترجم المصري سمير جريس، والباحثة الألمانية سونيا حجازي، والمستعرب الألماني والمترجم والصحفي ستيفان فايدنر، بحسب "الخليج".
ومنذ حلّ العالم العربي ضيف شرف على المعرض عام 2004، بدأت مؤسسات رسمية وخاصة في المداومة على الحضور، حتى وإن كان أحيانا حضورا رمزيا. ويقول الكاتب عارف حمزة، بموقع مجلة قناص الثقافية "كانت تلك المبادرة (عام 2004) فرصة كبيرة لترجمة وترويج الأدب العربي في ألمانيا، وفي أوروبا. وكانت هناك حركة تَرْجَمَة جيدة في ذلك الوقت، وأغلبها كان لأسماء مكرسة وكلاسيكية، ولكنها سرعان ما خبت في السنوات اللاحقة"، حسب قوله.
ويوضح عارف حمزة، أنه "عند زيارة الأكشاك المخصصة لدور النشر العربية ... يتفاجأ المرء بأن غالبية تلك الدور حكومية وتروّج فقط للكتب المتخصصة في المسائل الدينية" ويضيف حمزة، حينما كان يتكلم عن نسخة 2021، "وللأسف لا تجد إقبالاً واسعاً من دور النشر ولا من المكتبات. حتى إن كثيراً من الزائرين العرب، الذين يبحثون عن الكتب باللغة العربية في ألمانيا وأوروبا، والذين صاروا يشكلون جالية كبيرة هناك، يُصابون بخيبة الأمل".
ويخشى مهتمون بأن تقل المشاركة العربية أكثر هذا العام بسبب الأزمة المالية وارتفاع التكاليف وانفجار الأسعار الناجمة عن العدوان الروسي على أوكرانيا وضعف الاعتمادات التي تخصصها عدد من الحكومات العربية لدعم دور النشر.
لكن كالعادة يحضر عرب المهجر، أولئك الناشرون العرب، الذين زاد عددهم الآن في ألمانيا وأوروبا بشكل عام.
ص.ش/م.س
(دويتشه فيله )