البدائل الفلسطينية للمفاوضات ورسائل الرمق الأخير
في ظل تعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بدأ الحديث عن طرح بدائل للمفاوضات المتوقفة وبعد توجه منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة أصبح الحديث يدور عن البديل الفلسطينية للمفاوضات. وبدوره نفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يكون توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة بديلا للمفاوضات، ولكن قد يكون هذا الحديث المرحلة الأولى في هذه الخطوة. وتتجه الأنظار الآن إلى رد الحكومة الإسرائيلية على الرسالة الفلسطينية التي سلمها صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تتضمن الرسالة المطالب الفلسطينية لاستئناف المفاوضات. ويرى المراقبون أن تبادل هذه الرسائل يشكل فرصة الرمق الأخير بعد فشل الجلسات الاستكشافية التي جرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عمان.
ولرصد هذه التطورات والتحولات استضافت جامعة الخليل مؤخرا مؤتمرا قانونيا دوليا شارك فيه عدد من كبار القانونيين الدوليين والمحليين تحت عنوان "المؤتمر العلمي الدولي للأبعاد القانونية والعملية لعضوية فلسطين كدولة في منظمة الأمم المتحدة". ، وقدم في هذا المؤتمر أكثر من 26 ورقة بحثية تناولت أبعاد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة وقضايا سياسية مختلفة.
فقد قدم البروفسور جاي جودوين جل، أستاذ القانون الدولي وكبير الباحثين في جامعة أكسفورد ورقة بعنوان "التحديات الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية والحاجة للاستعداد التكنوقراطي"، في حين قدم البروفيسور ونستون ناغان، أستاذ القانون في جامعة فلوريدا الأميركية رؤية مقارنة بين "محاولة استقلال فلسطين واستقلال ناميبيا: السياسة الخارجية الأميركية والاستراتيجية الفلسطينية". وأما ماجدلينا بوليدو من أكاديمية جنيف للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان فقد ناقشت موضوع "الأسرى الفلسطينيون بعد الدولة وفقا لاتفاقية جنيف الثالثة: من سجناء عاديين إلى أسرى حرب"، فيما ركزت ورقة الأستاذ فالانتين جونتر من جامعة جورج تاون الأميركية على قضية "الحقوق المائية في الدولة الفلسطينية".
صائب عريقات "من يحارب عضوية فلسطين يحارب السلام"
وفي حديث خص به موقع "قنطرة" على هامش أعمال المؤتمر أكد صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أن استئناف المفاوضات الفلسطينية مرهون بموافقة الحكومة الإسرائيلية على المطالب الفلسطينية وفي حال تقلي رد سلبي سيتم اتخاذ خطوات جديدة كالتوجه الى المجتمع الدولي بشكل أسرع. وأضاف عريقات أن "نجاح الرسالة باستئناف المفاوضات مرهون على رد الحكومة الإسرائيلية، إذا وافقت على التزاماتها بوقف الاستيطان بما يشمل مدينة القدس والقبول بحدود عام 67 وأفرجت على الأسرى سيكون هناك مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، مضيفا أن من يحارب عضوية فلسطين يحارب السلام".
وشدد عريقات على أن رفض إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي ووقف الأنشطة الاستيطانية يعرض للخطر إمكانية البقاء على حل الدولتين، مما سيدفع الفلسطينيين إلى السعي للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية على حدود 67 بعاصمتها القدس الشرقية، بوصف أن فلسطين تستوفي المعايير القانونية لإقامة الدولة. ويعكس هذا الطرح من كبير المفاوضين الفلسطينيين خيبة الأمل الفلسطينية من استمرار فشل المفاوضات وقد يكون اللجوء الى الأمم المتحدة هو الخطوة الإستراتجية الفلسطينية القادمة كبديل فلسطيني للمفاوضات في ظل تعثرها. وشدد المشاركون في المؤتمر على أنه في حال فشل رسالة الرئيس الفلسطيني التي سلمها لحكومة نتنياهو في تحريك المفاوضات، التي يرجح بعدم جدواها وعدم قدرتها على إحداث تغير في موقف حكومة نتنياهو المتشددة ، سيدفع الفلسطينيين للبحث عن خيارات جدية، لكنها لن تشمل حل السلطة الفلسطينية.
مؤتمر قانوني دولي لدعم التوجه الفلسطيني لأمم المتحدة
كما تحدث رئيس المؤتمر أستاذ القانون الدولي الدكتور معتز قفيشة لموقع قنطرة عن "أن الهدف الرئيس للمؤتمر هو سد الفجوة القانونية وتقديم الدارسات الإستراتجية للقيادة الفلسطينية في ظل مساعيها في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة". وأشار إلى أن المؤتمر استقطب خبراء من مختلف دول العالم لمناقشة النتائج القانونية والسياسية والاقتصادية التي تترتب على عضوية فلسطين كدولة في الأمم المتحدة. يشار أيضا إلى أن هذا المؤتمر قد حضره ممثل سلوفانيا والقنصل العام لجنوب افريقيا والسفراء المعتمدين لدى السلطة الوطنية الفلبسطينية ومسؤولين من وكالات الأمم المتحدة.
وأضاف قفيشة "نتمنى ألاّ تكون الخطوة الفلسطينية بالتوجه إلى الأمم المتحدة هي كردة فعل على تعثر عملية السلام والمفاوضات، بل أن تكون هدفا استراتيجيا للحصول على الدولة الفلسطينية". وبيّن قفيشة أن هناك اتفاقا بين الخبراء القانونيين على النتائج التي ستترتب على العضوية الفلسطينية بأنها ستكون لصالح القضية الفلسطينية. لكنه تحدث تباين في شكل المفاوضات والموضوع السياسي، مشددا على ضرورة أن ينصب الجهد الفلسطيني على كسب 9 أصوات في مجلس الأمن وفي حال فشل ذلك يمكن التوجه إلى الجمعية العامة ".
حل الدولتين المعدل
وبدوره قدم سعيد زيداني، أستاذ الفلسفة ونائب الرئيس للشؤون الأكادمية في جامعة القدس، رؤية مختلفة لحل الدولتين لتجاوز القضايا المستعصية بين الفلسطينيين والإسرائيليين . وتحدث زيداني لموقع قنطرة " بأن رؤية حل الدولتين حسب ما يتم العمل عليه قاصرة لم تحقق شيئا رغم مضي ما يزيد عن 20 عاما من المفاوضات". وأضاف أنه أصبحت هناك حاجة لإدخال مفهوم على رؤية الدولتين لتأخذ الواقع المتغير بعين الاعتبار وتعمل أيضا على تحقيق سلام عادل ومنصف بين الطرفين.
وتتمثل رؤية حل الدولتين المعدلة كما يقول زيداني: "أقدم رؤية لحل الدولتين بصورة معدله تتيح للاجئين الفلسطينيين العودة سواء إلى الدولة الفلسطينية إو إلى دولة إسرائيل كمواطنين فلسطينيين وكذلك يستطيع من يريد أن يبقى من مستوطنين في الدولة الفلسطينية كمواطنين إسرائيليين تحت السيادة الفلسطينية. وكذلك مشاركة الدولتين في الأشياء التي لا يجوز تقسيمها على رأسها مدينة القدس".
ولكن حسب العديد من المراقبين يبدو أن الجمود السياسي سيرافق المرحلة القادمة في المفاوضات بعد إصرار الفلسطينيين على مطالبهم لاستئناف المفاوضات ورفض الحكومة الإسرائيلية حتى الآن لهذه المطالب، ما سيدفع المنطقة إلى مزيد من الاشتباك السياسي في أروقة المنظمات الدولة بين الطرفين مع تصعيد فلسطيني في المقاومة الشعبية السلمية بدعم من نشطاء السلام الدوليين.
مهند حامد- الخليل
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012