"الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني البدء بعملية سلام حقيقية"

مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية وناشط حقوقي بارز   (image: Jaafar Ashtiyeh/AFP/Getty Images)Mustafa Barghouti addresses the media
الاعتراف المتبادل: "حماس مستعدة لحل الدولتين إنْ كانت إسرائيل على استعداد للاعتراف بدولة فلسطينية"، كما يقول البرغوثي. (image: Jaafar Ashtiyeh/AFP/Getty Images)

مصطفى البرغوثي -أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية وناشط حقوقي بارز- يتحدث حول حرب غزة 2023 ورؤيته للسلام. حاورته الصحفية إيرينه أناستاسوبولو.

الكاتب، الكاتبة : Irene Anastassopoulou

شكرا لك دكتور برغوثي لانضمامك إلينا من رام الله. هل لديك أية معلومات عن متى ستُطلق حماس سراح الرهائن؟

مصطفى البرغوثي: نعلم أنّ حماس مستعدة لإطلاق سراح الأسرى المدنيين وجميع الإسرائيليين المزدوجي الجنسية فوراً، مقابل لا شيء، إذا كان هناك وقف لإطلاق النار، حتى يُطلق سراحهم من دون إيذاء أي أحد، مثل الرهائن الأربعة الذين أُطلِق سراحهم بالفعل.

ولكن كيف يمكن أن يكون هناك وقف لإطلاق النار إن كانت حماس، التي تصنفها العديد من دول مجموعة السبع وكذلك إسرائيل وعدد من الدول الأخرى كمنظمة إرهابية، تستمر في إطلاق الصواريخ؟

البرغوثي: إنهم مستعدون للتوقف عن إطلاق الصواريخ إن أوقفت إسرائيل قصفها لغزة. ولكنني لا أعتقد أنّ بنيامين نتنياهو يهتم بالأسرى، فالقصف مستمر بجميع الأحوال. تقول حماس إنّ 60 من الرهائن، فقدوا حياتهم خلال الضربات الأولية. ومما لا شك فيه، أنّ المزيد من الرهائن سيموتون مع استمرار القصف.

ولكن لا يمكن لإسرائيل التفاوض مع منظمة ترفض الاعتراف بحقّها في الوجود.

البرغوثي: لن تعترف حماس بإسرائيل ما لم تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية. حماس مستعدة لحل الدولتين. لكن إسرائيل لا تريد هذا الحل. لا تنسوا أنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت تُصنَّف كمنظمة إرهابية كذلك، تماماً كحماس الآن. ومن ثم حين اعترفت فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وجميع القادة الفلسطينيين بإسرائيل كدولة، قررت إسرائيل من جانبها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية فحسب كمفاوض، وليس كهيئة حاكمة للدولة الفلسطينية على الإطلاق. ما تقوله حماس الآن هو أنها لن ترتكب أخطاء فتح ذاتها. حماس مستعدة لحل الدولتين إن كانت إسرائيل مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية. ينبغي أن يكون الاعتراف متبادلاً وليس من طرف واحد فحسب. هذا هو الموقف الحقيقي. أعرف تمام المعرفة أنهم على استعداد لقبول حل الدولتين، والذي يتضمن بطبيعة الحال حق إسرائيل في الوجود.

لكن مقاتلي حماس ارتكبوا مجزرة مروعة قاسية، أسفرت عن مقتل 1200 شخص بريء، معظمهم من المدنيين.

البرغوثي: أنا لا أتّفق مع قتل أي مدنيين، فلسطينيين أو إسرائيليين. أنا ضد ذلك تماماً. ومع ذلك فإن إسرائيل تقتلنا طوال الوقت ولم يهتم أحد. قبل الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، كانت إسرائيل قد قتلت 248 فلسطينياً في الضفة الغربية، ومن بينهم 40 طفلاً، في هذا العام فقط (2023). كما تحتجز إسرائيل عدداً كبيراً من الفلسطينيين، بعضهم قاصرون، دون توجيه أي تهم. وفي رأيي فإنّ حقيقة مقتل إسرائيليين في 7 تشرين الأول/أكتوبر لا تُبرِّرُ مقتل أكثر من 10 آلاف فلسطيني في الغارات الجوية التي أعقبت ذلك على غزة، من بينهم 6000 طفل وأكثر من 2500 امرأة.

 

على قناة آيه بي سي نيوز كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -للمرة الأولى- عن خطته التي تتعلق بغزة ما بعد الحرب، قال إنّ إسرائيل ستتولى "المسؤولية الأمنية" الشاملة في غزة لفترة غير محدّدة.

البرغوثي: أفهم من ذلك بأنه يعني أنّ نتنياهو يريد إعادة احتلال غزة من الداخل. لقد احتلّها بالفعل من الخارج، لأنه يسيطر على البحر، والمجال الجوي والمعابر إلى غزة، ونقاط التفتيش. الآن يسعى إلى دخول غزة واحتلال أراضيها للمرة الثانية. هو يعرف تماماً أنه ستكون هناك مقاومة. ولذلك أعتقد أنه يهدف إلى ما هو أكثر من إعادة احتلال القطاع. إنه يريد إجبار الجميع على المغادرة عبر الحدود مع مصر. بيد أنّ مصر لن تقبل بذلك، والأردن لن تقبل بذلك، ولا الغزَّاويُّون سيقبلون بذلك: إنهم لا يريدون أن يكونوا لاجئين مرة أخرى. أُجبِر 70% من السكّان في غزة على أن يصبحوا لاجئين حين أُنشِئت دولة إسرائيل في عام 1948.

هل ترى شخصياً أي حلول طويلة الأمد؟

البرغوثي: الحل الوحيد هو التالي: وقف إطلاق نار فوري، تبادل الأسرى، انتخابات حرة للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة، ومن ثم البدء بعملية سلام حقيقية. والولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك القدرة على تغيير مسار ما يحدث اليوم وعلى وقف العنف، إنْ أرادت ذلك. وحتى الآن لم تدعم الولايات المتحدة وقف إطلاق نار. إنها تتحدث عن وقفات إنسانية فحسب. فعلياً يُقال للفلسطينيين: لن نقتلكم في الساعتين المقبلتين، ولكن بعد ساعتين سنبدأ بقتلكم من جديد.

 

كانت هناك مزاعم بأنّ حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وتمنعهم من الانتقال إلى الجنوب...

البرغوثي: هذا ليس صحيحاً. يمكنك مشاهدة الناس على شاشة التلفاز. لا يمنعهم أحد من التحرك إلى الجنوب. وفي كل مرة يحاولون فيها التحرّك، يتعرضّون للقصف. لا يملك الناس أي مكان للذهاب إليه، لا يوجد أي مكان آمن في غزة. إنهم يقصفون الشمال والوسط والجنوب. ببساطة، التنقّل في غزة ليس آمناً.

 

اقترح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى الضفة الغربية، أن تستعيد السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس السيطرة على قطاع غزة.

البرغوثي: وكيف يمكن لعباس تحمّل مسؤولية غزة مع إصرار نتنياهو على الإبقاء على السيطرة الأمنية هناك؟ لا يستطيع ذلك. إسرائيل لن تسمح بذلك. إسرائيل لا تسمح لعباس بالسيطرة على الضفة الغربية حتّى.

Here you can access external content. Click to view.

ولكن محمود عباس كبير في السن. ولم يعد الناس في الضفة الغربية يثقون به.

البرغوثي: السبيل الوحيد للخروج من الوضع الحالي هو إجراء انتخابات حرة وديمقراطية تشمل جميع الفلسطينيين.

 

ولكن عباس هو من ألغى الانتخابات الأخيرة، وليس للمرة الأولى.

البرغوثي: لأنّ إسرائيل لم تكن تريد انتخابات عباس لا يريد انتخابات. وحتى الولايات المتحدة لم تكن تريد إجراء الانتخابات أيضاً، لأنّ فتح لم تكن لتفوز بالأغلبية، ولا حماس. 

 

إذاً، ألا ترى أي مستقبل؟

البرغوثي: أرى مستقبلاً واحداً، نتحرر فيه من الاحتلال. إنه المستقبل الوحيد الذي يمكنه أن ينجح. على الإسرائيليين أن يختاروا ما إن كانوا يريدون حلّ الدولة الواحدة، أو حل الدولتين بسلام مع دولة فلسطينية. إنْ كانوا يريدون حل الدولتين فعليهم إزالة المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية. وإن لم يزيلوا المستوطنات فهذا يعني أنهم لا يريدون دولتين. الحل الوحيد هو دولة ديمقراطية فلسطينية تتمتع بحقوق متساوية للجميع في حل الدولتين، جنباً إلى جنب.

 

هل هناك أي مساحة في هذه الدولة الفلسطينية الديمقراطية لحماس، التي صنّفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى كمنظمة إرهابية؟

البرغوثي: يمكن أن تكون حماس إما جزءاً من المشكلة أو جزءاً من الحل. من الأفضل وجود قيادة فلسطينية موحّدة تجمع كافة الأطراف معاً، مما سيسمح لحماس بأن تكون جزءاً من الحل.

 

 

حاورته: إيرينه أناستاسوبولو

ترجمة: يسرى مرعي

حقوق النشر: دويتشه فيله / موقع قنطرة 2023

ar.Qantara.de

 

 

المزيد من مقالات قنطرة التحليلية: 

قطيعة بين الغرب والعالم الإسلامي بسبب حرب غزة؟

اختلال توازن الخطاب الألماني حول حرب غزة

ما بعد الجحيم - خمسة سيناريوهات لمستقبل غزة 

موقف ألمانيا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: حاجة إلى تعاطف غير منقوص مع كل الضحايا