هل يعود اللاجئون من تركيا إلى سوريا طواعية؟
"طواعية وبشكل آمن وبكرامة": هذه هي الشروط المطلوبة لعودة اللاجئين السوريين إلى الجزء الشمالي من سوريا. وعلى هذا النحو وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتريش الجمعة 01 / 11 / 2019 في حديث مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان توقعات الأمم المتحدة.
وعقب اللقاء أعلن غوتريش أن المفوضية السامية للاجئين ستكلف فريق خبراء ببحث المخططات وإجراء مفاوضات إضافية مع السلطات التركية.
وأكد إردوغان مجددا أنه ينوي توطين مليونين من اللاجئين السوريين المقيمين حاليا في تركيا والذين يصل عددهم إلى نحو 3.6 مليون شخص في المناطق المسيطر عليها في شمال سوريا.
ويرتبط الأمر بمنطقة طولها 120 كيلومترا وعمقها نحو 32 كيلومترا -علما بأن الطول المنشود هو 444 كيلومترا- والعودة ستحصل على أساس "طوعي".
والنموذج المعتمد لعمليات العودة المرتقبة -بعد نهاية العملية العسكرية "نبع السلام"- هو النموذج الحاصل بعد عملية "درع الفرات" السابقة. ففي تلك الفترة عاد بحسب معطيات وزارة الداخلية التركية نحو 330 ألف لاجئ سوري إلى عفرين حيث تحركت تركيا ضد الميليشيات الكردية.
لكن هل سيعود اللاجئون فعلا طواعية؟ منظمة العفو الدولية تشك في هذا. ويفيد تقرير للمنظمة أن لاجئين سوريين أعلنوا أنهم أجبروا تحت تهديد رجال شرطة أتراك باستخدام العنف الجسدي على توقيع طلبات التمسوا فيها العودة إلى سوريا. لكنهم لم يرغبوا في العودة طواعية. وتركيا تنفي هذه الاتهامات.
الاتحاد الأوروبي يشدد على الطواعية
مبدئيا من الممكن عرض أفق العودة على السوريين، كما يقول أندرياس نيك، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني. لكن لا يحق إجبارهم على القيام بهذه الخطوة. وعملية العودة يجب أن تحصل على أساس القانون الدولي. فأوروبا وألمانيا لن تساندا الإجراءات التي تعتمد على الإجبار.
لكن يبدو أنه يصعب على كثير من السوريين بناء حياة جديدة في الوطن القديم. والفرضية قائمة بأن يعود الكثير من السوريين من سوريا بصفة غير قانونية إلى تركيا، كما يقول الخبير في الشؤون السورية أويتون أورهان في أنقرة في حديث مع دويتشه فيله.
وهذا ما حصل أيضا في حالة التوطين في عفرين: "بعد العودة خابت آمال السوريين الذين عادوا ويعيشون الآن كلاجئين غير مسجلين في تركيا".
توقعات بعدد "قليل" من العائدين
وفي حال حصول العودة على أساس طوعي، فإن عدد العائدين لن يصل إلى حدود مليون، كما يتوقع أورهان. "كما أن من بين نحو 3.6 مليون سوري ينحدر فقط 10 إلى 15 في المائة من شرق الفرات.
وبالتالي يمكن الانطلاق من فرضية أن يعود فقط 400 ألف حتى 500 ألف". ويفيد السياسي المعارض التركي أوميت أوزداغ أنه يسود "غموض" حول القوانين المعمول بها في تركيا من أجل العودة الطوعية.
النظرة إلى أوروبا
وبعدما وصل اللاجئون السوريون الأوائل في عام 2012 إلى تركيا، تراجع قبولهم أولا شيئا فشيئا. والآن يريد الرئيس إردوغان إعادة كسب الناخبين عندما يحاول تقليص عدد اللاجئين المقيمين في تركيا. ولهذا السبب يهدد أيضا الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى الاتفاقية المبرمة في 2016 حول التوطين الجديد للاجئين.
وعلى هذا النحو أعلن إردوغان بتكرار أنه سيفتح الأبواب أمام اللاجئين نحو أوروبا، ما أدى إلى إثارة القلق في دول الاتحاد الوروبي من حصول موجة لجوء جديدة.
ولهذا السبب تكون مبادرة الاتحاد الأوروبي مشكوكاً فيها، كما تقول سفيم داغديلين، نائبة رئيس كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني. فعوض استثمار المليارات في تركيا لحماية اللاجئين، وجب توظيف تلك الأموال في إعادة البناء في سوريا، كما ترى سفيم داغديلين.
"منطقة آمنة دولية" على الطاولة
وتراهن الحكومة الألمانية على حل سياسي للأزمة. ولم يجد اقتراح وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارينباور حول منطقة آمنة دولية أي موافقة في الداخل ولا في الخارج. لكن يبدو أن الحزب المسيحي الديمقراطي يتحقق من إمكانية التزام دولي في شمال سوريا.
والموضوع يبقى جزءا من المشاورات المنتظمة لبلدان حلف الناتو إلى حين انعقاد قمة الحلف في لندن في نهاية سنة 2019، كما يتوقع أندرياس نيك. وبالنظر إلى الاتفاق المبرم في سوتشي بين روسيا وتركيا حول الاستقرار في شمال سوريا يبقى هذا البرلماني متشككا.
ويفيد بأنه يجب التحقق مما إذا كان الاتفاق سيحقق فعلا الاستقرار في المنطقة لإطلاق المبادرات المدنية وإعادة الإعمار: "أنا أشك فيما إذا كان هذا هو الوضع"، كما يقول.
سيدا سيردار
ترجمة: م.أ.م
حقوق النشر: دويتشه فيله 2019