استفاقة متأخرة...تعاظم دور تركيا وروسيا في ليبيا يفرض على أوروبا التحرّك سريعا
يتابع العالم باهتمام تسلّم حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا مهامها بعد حراك سياسي لافت يتجه نحو المصالحة الوطنية، لينهي عقدا كاملا من الفوضى والحروب بين طرفين متنازعين رئيسيين.
المصالحة بين الفرقاء الليبيين بدأت قبل أسابيع في سويسرا، من خلال التصويت على ممثلي السلطة التنفيذية المؤقتة جاءت لتعيد الأمل ليس لليبيين وحدهم في بناء دولتهم وانهاء الانقسام واعادة الاعمار والتحرر من سطوة الميليشيات، بل جاءت النتائج لتعطي الأوروبيين فرصة جديدة للخروج من دور المتفرج حيال هذه الأزمة، التي تعني ضفّتي البحر الأبيض المتوسط، نحو مزيد من الفعل والمساهمة في ايجاد مسارات تخدم استقرار المنطقة خاصة مع تزايد النفوذين التركي والروسي في المنطقة بما يبشّر بصدام جديد قد لا تُحمد عقباه.
في الأشهر الماضية حصل تقدم سياسي لافت في هذا الملفّ تمثل بحوار ليبي – ليبي في سويسرا وألمانيا والمغرب وتونس ومصر وعواصم أخرى، انتهى إلى اختيار رئيس حكومة ومجلس رئاسي جديد، ترافق مع تراجع أصوات المدفعية والطيران المسيّر وتزامن أيضا مع انتعاش قطاع النفط الحيوي للاقتصاد الليبي.
وجاءت نتائج تصويت أعضاء الملتقى في جنيف مفاجئة بإفراغ المشهد السياسي من كافة الوجوه القديمة المتورطة في النزاع والمتعطشة للحرب والحسم العسكري، واستبدالها بوجوه أخرى جديدة لا تمتلك سطوة سياسية وعسكرية نافذة كالشخصيات المؤثرة قبل تصويت جنيف، لكنها قد تغرق هي الاخرى في الولاءات أو تستجيب للضغوط القصوى، التي بات الحرس القديم في الشرق والغرب الليبيين يمارسها على السلطة الجديدة.
وفاز محمد يونس المنفي، برئاسة المجلس الرئاسي، فيما يترأس عبد الحميد دبيبة الحكومة، إضافة إلى موسى الكوني وعبد الله اللافي كعضوين بالمجلس.
لكن ثمة مشكلات كبيرة باقية، ففي الشوارع لا تزال السلطة في قبضة جماعات مسلحة محلية تنهب ثروة البلاد. ولم تسحب القوى الخارجية التي دعمت طرفي النزاع مقاتليها أو أسلحتها، كما قد يعرقل الزعماء السياسيون الليبيون، الذين يخشون من فقدان النفوذ، العملية الانتقالية أو يفسدونها. ويظل استحقاق توحيد المؤسسة العسكرية مهمة تقترب من المستحيل أمام الحكومة الجديدة التي نالت ثقة النواب.
قوى "الشر" لم تختف
لم تنجح الانتخابات الأخيرة في ايجاد توافق بين أطراف النزاع الليبي، لكنها أفرزت تشكيلة غير متورطة في النزاع الدموي المستمر منذ سنوات. هذا الوضع لا يبدو مريحا للمتابعين في الداخل والخارج، فمن أضخم التحديات التي تواجه السلطة التنفيذية الجديدة، أنها ليست حكومة تمثّل المتقاتلين على الأرض، وأن الترحيب بإزاحة المتنفّذين وأصحاب القول الفصل في الصراع الليبي، لا يبدو في محلّه.
وحمل المشهد الليبي قبل الحراك السياسي الأخير نوعا من التوازن المفهوم، فالشرق على رأسه السيد عقيلة صالح، الذي يحظى بشرعية دولية إلى جانب دعم مصري وروسي لافت، يمثل القوة السياسة التي دعمت وتحالفت مع قوة عسكرية وازنة ممثلة في الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي يمتلك ترسانة عسكرية تسيطر على كامل الشرق الليبي، وأجزاء من الوسط والجنوب وتدعمه عواصم كثيرة.
وعلى المربع الآخر، تسيطر حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا على الغرب الليبي برئاسة فايز السراج، المدعوم من تركيا، والذي تمكن من تحقيق نصر استراتيجي بمساعدة السيد فتحي باشاغا، الذي يوصف بكونه رجل أنقرة في طرابلس، إلى جانب آمر غرفة عمليات طرابلس، اللواء أسامة الجويلي، وكلاهما ساهم في صدّ هجمة خليفة حفتر على طرابلس وتغيير موازين القوى على الأرض بدعم عسكري تركي ضخم.
تلك الوجوه كافة كانت أحد أسباب استمرار الانقسام السياسي بين حكومتي الشرق والغرب ويُعتقد على نطاق واسع أن بعضها مورط بشكل مباشر في جرائم حرب، ويجد اليوم رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة نفسه أمام استحقاق توحيد مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش الذي يسيطر على الجانب الأقوى منه خليفة حفتر، ثم تأتي بعدها إدارة شؤون البلاد حتى 24 ديسمبر 2021، وهو موعد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وسط شكوك كثيرة حول امكانية صمود هذا المسار السلمي حتى يبلغ برّ الأمان.
أين الأوروبيين من هذا الحراك؟
تحتلّ الأزمة الليبية منذ العام 2011 تاريخ الثورة على نظام معمر القذافي، صدارة أجندة أعمال دول أوروبا سواء كان الأمر على المستوى الوطني أو على مستوى الاتحاد، ويرجع ذلك بالأساس إلى التداعيات الخطرة للأزمة الليبية على أمن دول أوروبا، التي لا تبعد أكثر من 200 كلم عن الشواطئ الليبية.
ورغم الاندفاع الأوروبي في المساهمة في اسقاط معمر القذافي ودعم المتمردين في بداية النزاع، إلا أنّ ردود افعال الأوروبيين تراجعت فيما بعدُ، واختارت غالبية العواصم في القارة العجوز التفرج والتعليق على الاحداث وفي اقصى الحالات معاقبة المتاجرين بالسلاح والبشر، ما فسح المجال لتطاول تركي وروسي واضح على منطقة لم تكن يوما من أولوياتهما، فاقتحمتاها عسكريا وسياسيا وفرضتا أمرا واقعا جديدا عليها.
قبل الحراك السياسي الأخير الذي يتجه نحو المصالحة وتوحيد أجهزة الدولة ومؤسساتها وتفكيك الميليشيات، لطالما أعلنت المفوضية الأوروبية أنه "لا بديل عن نتائج مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية". والمتحدث الرسمي باسم المفوضية للشؤون الخارجية، بيتر ستانو عبّر عن ذلك بالقول: "الوضع على الأرض يتغير باستمرار، وموقفنا واضح ولم يتغير نحن دائما نكرر دعوتنا لإيقاف فوري لإطلاق النار وإيقاف الصراع والعودة للحل السياسي لجميع الأطراف...ليس هناك حل عسكري للأزمة، فقط الحل السياسي هو الحل الوحيد".
وقبل انتخابات جنيف، يطالب الأوروبيون بإصرار بوضع حد للقتال في ليبيا ويبدون تصميمهم على تطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، مع رفض كامل لإرسال تركيا لجنودها ومرتزقتها إلى ليبيا.
وبعد الاعلان عن تركيبة السلطة التنفيذية الجديدة، أكد سفير الاتحاد لدى ليبيا خوسيه ساباديل أن أوروبا ستقدم "الدعم الكامل" لها، في حين عبر رئيس الحكومة الجديدة، عن تطلعه للاستمرار في العمل المشترك البناء مع الاتحاد الأوروبي، وتنفيذ وتفعيل الاتفاقيات المشتركة الموقعة أثناء عمل الحكومات السابقة، متمنيا عودة البعثات الدبلوماسية والشركات الأوروبية إليها لاستكمال المشاريع التي كانت تشرف عليها، واستكشاف فرص استثمار جديدة بالبلاد.
ورغم محاولات الأوروبيين في الظهور بمظهر "الكتلة المتماسكة والمتجانسة" حيال التطورات في ليبيا، إلا أنه من المستحيل الحديث عن موقف أوروبي موحد حيال هذا الصراع المؤثر في المنطقة، إذ أن كلا من فرنسا وايطاليا التين كانتا مُتحمّستيْن لإنهاء حكم القذافي، تجدان نفسيهما حاليا في خلاف بينيّ واضح حول تطويع الميليشيات المنفلتة وسبل التعامل مع الفوضى التي اعقبت رحيل النظام السابق. في حين تبدو مواقف لندن وبرلين وبروكسل أقرب للمتفرج الجالس على ربوة عالية منتظرا انتصار هذا الطرف على ذاك.
مصالح... ومصالح مضادة في ليبيا
يرتبط الفرنسيون والايطاليون أساسا، بعلاقات مهمة بليبيا، تشمل الجوانب التاريخية والجغرافية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فكلا القوتين أثّرتا تاريخيا على التراب الليبي كما أن نفوذيهما لم ينقطع لا سياسيا ولا اقتصاديا منذ نهاية القرن التاسع عشر الى اليوم بأشكال مختلفة.
للفرنسيين نفوذ هائل في منطقة فزان بالجنوب الليبي، في حين يتمركز نفوذ الإيطاليين في المنطقة الغربية، قبل أن تدخل القوات العسكرية الإيطالية لطرابلس الغرب سنة 1911 والتي بقيت فيها بأشكال متفاوتة من فترة لأخرى حتى استقلال ليبيا سنة 1951.وخلال عهدي الملك ثم "جماهرية القذافي"، تباينت علاقات الفرنسيين والايطاليين مع ليبيا بين التقارب والتباعد والصدام.
حضر الفرنسيون والايطاليون بقوة في 2011، من خلال دعم عمليات الناتو والمشاركة فيها ضد نظام القذافي وأيضا عبر الوقوف وراء قرارات دولية وأممية عدة تنتصر للمدنيين الليبيين. لكنّ روما تعتبر أن ليبيا منطقة نفوذ لها نظراً لقربها الجغرافي وماضيها كقوة مستعمرة. ولذلك كانت تنظر دائماً للتدخل الفرنسي، الذي كان عراب الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، بعين الريبة والتوجّس. ويحتدم التنافس الفرنسي الإيطالي في ليبيا مع سعي شركات النفط، وخاصة (توتال) الفرنسية و(إيني) الإيطالية، للفوز بعقود استثمار الذهب الأسود، ويزداد التنافس حدة مع ظهور لاعبين جددا على غرار روسيا وتركيا.
وفي النزاع بين حكومتي الشرق والغرب، بدت باريس أكثر وضوحا في انحيازها للمحور المصري، السعودي، الاماراتي، الداعم للجنرال القوي خليفة حفتر. أما روما فقد ظهرت مرتبكة بعدم وضع بيضها كاملا في سلة حلفائها في العاصمة الليبية، وظهر الارتباك أكثر عندما عجزت ايطاليا عن منع أو ايقاف هجوم حفتر على العاصمة طرابلس، الى حين التدخل التركي العسكري الذي أفقدها الكثير من نفوذها ومصداقيتها لدى حكومة الشرق.
أما بخصوص بريطانيا، فقد تدخلت المملكة المتحدة عسكريًا في ليبيا للإطاحة بمعمر القذافي في 2011، ووجّه تقرير أعدته لجنة الشؤون الخارجية البريطانية اللوم إلى رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، بسبب هذا التدخل، معتبرة أنه سارع إلى العمل العسكري في ظل وجود "معلومات استخبارية غير دقيقة" إلى جانب تضخيم القلق حول المدنيين والتصرف بناء على "افتراضات" سمحت لاحقا بتدهور الأوضاع وظهور تنظيم "داعش". ولفت التقرير إلى أن عواقب تصرفات كاميرون ظهرت على شكل "فشل سياسي واقتصادي" في ليبيا واندلاع حروب بين القبائل والجماعات المسلحة وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان وتعاظم دور تنظيم "داعش" في شمال أفريقيا. ولبريطانيا مصالح اقتصادية جمّة في ليبيا، إذ تمتلك شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية حصة تقدر ب 42% من النفط الليبي، ولديها امتيازات للتنقيب في مناطق الغرب على غرار غدامس وسرت.
ولدى الحكومة البريطانية أموال ليبية مجمدة منذ 2011 تُقدر بـ 9.2 مليار جنيه إسترليني، وترغب بريطانيا في استقطاع جزء منها تحت مسميات عدة كتعويضات عن دعم نظام القذافي لمتطرفين وضرائب وغيرها، وتتحدث تقارير كثيرة عن وجود لوبي بريطاني نافذ ينشط في قطاعات اقتصادية عدة في ليبيا ويزداد وزنه وتأثيره يوما بعد يوم.
أما بخصوص الدور الألماني، فلعل "مؤتمر برلين" صار البوابة الأبرز للاهتمام الألماني المتعاظم بهذا الملف الشائك، ويرتكز الدور الألماني في التعامل مع الأزمة الليبية منذ اندلاعها وتزايد الأطراف المنخرطة فيها على ضرورة وقف إطلاق النار، واستبعاد الحل العسكري للصراع، والدفع نحو إيجاد حل سياسي جذري للأزمة عبر استدعاء جميع الأطراف المتحاربة وداعميهم من الخارج، ودفعهم للجلوس على طاولة المفاوضات.
ما يحسب لألمانيا حسب المتابعين هو أنها تلعب دورا مزدوجا تكامليا، يتركز الدور الأول داخل أوروبا ذاتها، حيث تعمل برلين على تقريب وجهات النظر بين الدول الأوروبية الأكثر ارتباطا بالملف الليبي وبالتحديد إيطاليا وفرنسا "المتخاصمتين"، بهدف توحيد الموقف الأوروبي، والحدّ من المزيد من التنافس الأوروبي ــ الأوروبي داخل ليبيا.
أما الدور الثاني فيتمثل في طرح بعض المبادرات السياسية لحل الأزمة، كان من أبرزها "مؤتمر برلين" والذي أسفر عن التزام الأطراف المعنية بإنهاء التدخل الأجنبي، ودعم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وتجنب أي تصعيد إضافي في المنطقة.
"مؤتمر ميونخ للأمن" الأخير، ساهم بشكل أو بآخر في استكمال الجهود الدولية لإنهاء التدخلات الأجنبية في ليبيا، وتعزيز مخرجات نتائج مؤتمر برلين، وإنضاج الظروف التي أدت لانتخاب سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا، خاصة وأنّ القوى الخارجية الداعمة لأطراف النزاع كانت حاضرة في المؤتمر.
[embed:render:embedded:node:38752]
أسباب قوية...كيف خسرت أوروبا ليبيا"
في مقال له بصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، يقول الكاتب رينو جيرار إن فرص نجاح الانتخابات المرتقبة في ليبيا بتاريخ 24 ديسمبر 2021، في اعادة الاستقرار وسيادة القانون التي تحتاجها البلاد "تبقى ضئيلة للغاية". فيما تعد "قوية للغاية"، الفرص التي تحافظ بها تركيا وروسيا -اللتين أبرمتا صفقة سرا- على قواعدهما العسكرية في ليبيا، من أجل زيادة سيطرتهما على شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويرى الكاتب في مقاله الذي عنونه بـ"كيف خسرت أوروبا ليبيا"؟ أنّ الديمقراطية لا يمكن أن تنجح في بلد لا يتفق الفاعلون السياسيون فيه على الدخول في اللعبة، وهو ما لم يتوفر في الجماعات المسلحة التي أطاحت بالقذافي. مشددا على أنّ ليبيا صارت ملاذا مثاليا لتجار البشر و"الجهاديين"، في حين لم تتمكن أوروبا من أن تكون لاعبا أساسيا في مجريات الأحداث بهذا البلد رغم أهميته بالنسبة لها، ورغم حماستها المفرطة في بداية النزاع للتدخل ودعم المنادين بسقوط الديكتاتور.
وبعد عشر سنوات من رحيل القذافي، يبدو وكأنّ أوروبا أصبحت الخاسر الأكبر في ليبيا وفي شرق البحر البيض المتوسط، إذ كانت العواصم الأوروبية تتوجس من بعضها حيال النفوذ داخل هذا البلد الثري والممزق، رغم تشاركها في مخطط الإطاحة بنظام القذافي، فإذ بها تتفاجأ بلاعبين جددا، الأول هو مصر والثاني تركيا، والثالث روسيا.
ومن الأسباب القوية التي تدفع الأوروبيين لاقتناص فرصة الحراك السياسي الأخير من أجل توسيع دورها في ليبيا، هو التدخل الروسي، إذ تعد ليبيا ورقة رابحة لروسيا لمحاصرة أوروبا من الجنوب. وتكريس روسيا لنفوذها في ليبيا كضامن للاستقرار سيؤثر حتما على سير أية مفاوضات مستقبلية بين موسكو والاتحاد الأوروبي.
ولدى الرئيس الروسي بوتين رغبة كبيرة في تأسيس قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا، تُضاف إلى قاعدتي حميميم وطرطوس في سوريا، بما يجعل روسيا منافسا خطيرا لحلف الناتو في المتوسط، ويُهدد أمن أوروبا بشكل مباشر، أو على الأقل يمثل ورقة ضغط عليهم تقوِّض خياراتهم أمام ملفات شائكة تنتظر التفاوض.
ذات الأمر ينطبق تقريبا على التمدد التركي في ليبيا، الذي قد يهدد أمن الدول الأوروبية من محاور عدة، لعل أبرزها تدفق المهاجرين و"الجهاديين" واستغلال مصادر الطاقة لابتزاز الجانب الأوروبي، ناهيك عن صفقات اعادة الاعمار في ليبيا وهي مغرية لكافة الاطراف.
ومع تزايد تدفق المهاجرين واللاجئين من ليبيا وما قد يستتبعه من امكانية تسلل الإرهابيين لأوروبا؛ التي تعد المقصد الأساسي لمعظم راكبي البحر من شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء الكبرى، فضلا عن استغلال الجماعات الإرهابية حالة الفوضى الناتجة عن استمرار الصراع للتحرك صوب أوروبا والاندساس بين اللاجئين وتهديد الأمن فيها، بات موضوع امساك زمام الملف الليبي من جديد وبصرامة أكبر ،أمرا ملزما للأوروبيين بعد تذليل الاختلافات في وجهات النظر، إذ أن استمرار الانقسام في المواقف بين إيطاليا وفرنسا تحديدا، خاصة مع تباين وتعارض مصالح الدولتين في ليبيا، يفرض صياغة موقف موحد ومشترك تجاه الأزمة من شأنه استعادة النفوذ الأوروبي في ليبيا الذي تراجع كثيرا مقابل صعود قوى وافدة عن المنطقة وتبحث فيها عن موطئ قدم يخدم مصالحها.
حقوق النشر: قنطرة 2021
إسماعيل دبارة صحافي وعضو الهيئة المديرة لمركز تونس لحرية الصحافة.
اقرأ/ي أيضًا: المزيد من مقالات موقع قنطرة
الحرب في ليبيا...الحاضر الغائب في مؤتمر الأمن في ميونيخ
حسابات الربح والخسارة في ″مغامرات أردوغان العربية″
الزمن لا يعود إلى الوراء...الربيع العربي لم يتحطم