من الأقوال إلى الأفعال
إنّ اعتراف كل من إيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا بدولة فلسطين يظهر كيف يمكن للدبلوماسية الأوروبية أن تحوّل أقوالها إلى أفعال. ومن شأن هذا الاعتراف، مقترنًا مع خطوات ملموسة لإحداث تغييرات داخلية على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، أن يسهم في حشد الدبلوماسية الدولية لتحقيق هدف السياسة الخارجية الطويل الأمد الذي تسعى إليه دول الاتحاد الأوروبي، والمتمثل في إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما أنّ إحياء مسار دبلوماسي ذي مصداقية لدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم يُعد شرطًا أساسيًا لضمان حل دائم لقطاع غزة بعد انتهاء الصراع.
"إنّ إحياء مسار دبلوماسي ذي مصداقية لدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم يُعد شرطًا أساسيًا لضمان حل دائم لقطاع غزة بعد انتهاء الصراع".
في أواخر شهر مايو/أيار، قامت إيرلندا والنرويج وإسبانيا بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين، وتبعتها سلوفينيا بعد ذلك بوقت قصير. ولم يكن هذا الاعتراف في حد ذاته خطوة لا سابق لها، إذ سبق واعترفت أكثر من 140 دولة بفلسطين، من بينها عدة دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي مثل المجر وبولندا وجمهورية التشيك والسويد.
غير أنّه وبالنظر إلى استمرار الحرب الدائرة في قطاع غزة، فإنّ توقيت هذه الخطوة ساهم في خلق الانطباع لدى الجمهور العربي بأنّ الاتحاد الأوروبي يتعامل بمعايير مزدوجة، الأمر الذي ألحق أضرار بالغة بـ"القوة الناعمة" لأوروبا في الشرق الأوسط. ومن الممكن أيضًا أن يحفّز هذا التحرك دولا أوروبية أخرى على اتباع هذا المنوال، لا سيما أنّ فرنسا كانت قد فكرت في اتخاذ خطوة مماثلة قبل فوز اتحاد "الجبهة الشعبية الجديدة" اليسارية في الانتخابات البرلمانية في يونيو/ حزيران الماضي.
يهدف هذا الإجراء المنسّق من قبل مدريد وأوسلو ودبلن ولوبليانا أن يكون إشارة رفيعة المستوى إلى الدعم المستمر لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وذلك في وقت يتزايد فيه النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في القدس الشرقية والضفة الغربية، مما يقوّض إمكانية حل الدولتين مستقبلاً.
تعزيز القوى الفلسطينية المعتدلة
في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والرد الإسرائيلي المدمّر على قطاع غزة، أعربت هذه العواصم الأوروبية أيضًا عن رغبتها في دفع جهود دبلوماسية جديدة من شأنها تعزيز القوى الفلسطينية المعتدلة. والهدف من ذلك الإشارة إلى أنّ هناك بديلًا موثوقًا عن العنف المسلح يمكنه ضمان الحقوق الوطنية واستقلال الفلسطينيين. وتعد الإبانة عن وجود مسار نحو حل الدولتين قابل للتطبيق عنصرا ضروريا أيضا لضمان "اليوم التالي" القابل للحياة في غزة بعد انتهاء العمليات القتالية.
وعلى الرغم من أنّ الاعتراف بدولة فلسطين تم اعتباره إلى حد كبير رمزيًا، إلا أنّه يتضمن عناصر عملية أيضًا. فلقد أدرجت الدول الأوروبية الأربع بندًا إقليميًا في إعلانها ينص على اعترافها بدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967. وكان من البديهي أنّ السياسيين الإسرائيليين سيرفضون بسرعة هذا الخطوة باعتبارها خطوة معادية لإسرائيل. إلا أنّ الدول الأوروبية باعترافها بفلسطين ضمن حدود 1967 تؤكد بالتالي على حق إسرائيل في الوجود ضمن حدودها المعترف بها دوليًا، من دون أن يقف ذلك أمام أية تغيرات إقليمية مستقبلية نتيجة للمفاوضات.
غير أنّ هذه الخطوة تمثّل رفضًا آخر ذا شأن لمحاولات حركة الاستيطان الإسرائيلية وللرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتحجيم التطلعات الفلسطينية وحصرها بـ "دويلة" تتكون من مناطق عديدة منعزلة ومتناثرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. فبإمكان هذه الخطوة أن تؤدي إلى تعزيز الجهود لتوسيع التدابير المتباينة ضد المستوطنات، بما في ذلك حظر جميع المنتجات والخدمات المالية عن المستوطنات.
ومن أجل أن يكون هذا الاعتراف بفلسطين فعالاً، يجب أن يكون مصحوبًا بخطوات إضافية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، بما في ذلك ضم الأراضي الفلسطينية، وإباحة العنف على نطاق واسع الذي يقوم به المستوطنون، والهجمات غير المتناسبة على المدنيين في غزة.
"ومن أجل أن يكون هذا الاعتراف بفلسطين فعالاً، يجب أن يكون مصحوبًا بخطوات إضافية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، بما في ذلك ضم الأراضي الفلسطينية، وإباحة العنف على نطاق واسع الذي يقوم به المستوطنون، والهجمات غير المتناسبة على المدنيين في غزة".
على الرغم من الاختلافات الداخلية في الرأي، فرض الاتحاد الأوروبي جولتين من العقوبات على مستوطنين إسرائيليين متورطين في أعمال العنف ومنظمات ونقاط أمامية استيطانية إسرائيلية. وطلبت الدول الأعضاء من المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانز، تعيين التدابير الممكنة ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي في غزة والتجاهل المستمر للحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية المتعلق بإنهاء العمليات العسكرية. وقد يشمل ذلك تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي الخطوة التي تدعمها كل من إيرلندا وإسبانيا.
في الوقت نفسه، يتعين على الحكومات الأوروبية الضغط على الرئيس محمود عباس لإحياء المؤسسات الفلسطينية واستعادة الوحدة الوطنية. ويتطلب هذا الأمر تغييرا عميقا يتجاوز الإصلاحات التكنوقراطية التي تسعى إليها الولايات المتحدة ورئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى. فبدلاً من ذلك، يتعين على الأوروبيين التركيز على ضرورة إعادة عملية الدمقرطة الفلسطينية وعلى الإصلاح المؤسساتي (على سبيل المثال استعادة استقلال القضاء)، والمصالحة الوطنية، ومكافحة انتهاكات حقوق الإنسان، وإجراء الانتخابات التي طال انتظارها. وباعتباره أحد أكبر المانحين للسلطة الفلسطينية، فإنّ الاتحاد الأوروبي يتمتع بالفعل بنفوذ كبير في هذا السياق. يمكن للاعتراف بفلسطين أن يوفر سبيلاً ثانيًا، أقل تصادمية، لممارسة الضغط على محمود عباس من خلال التوضيح أنّ الاتحاد الأوروبي يتوقع الآن مقابلًا لإجراء الإصلاحات في الحكومة الفلسطينية.
إعادة ترتيب البيت الفلسطيني
إن تمكن الفلسطينيون من ترتيب بيتهم من الداخل، فمن شأن ذلك أن يعزز الدعم الشعبي للمؤسسات الفلسطينية ويوسع مشاركته فيها. غير أنّ ذلك لن يكون ذا أهمية تذكر إذا أصبحت السلطة الفلسطينية غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية بسبب مصادرة إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية. وعلى الرغم من أنّ أوروبا والشركاء العرب قادرون على زيادة مساعداتهم المالية، إلا أنّ الحل الحقيقي يتطلب الضغط على إسرائيل لرفع العقوبات المفروضة على السلطة الفلسطينية.
في نهاية المطاف، تظل عودة قيادة فلسطينية موحدة ومستصلحة إلى قطاع غزة شرطًا أساسيًا لنموذج للحكم والأمن فعال في مرحلة ما بعد الصراع، يلبّي الاحتياجات الأمنية لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا تم تعزيز السمعة العامة للسلطة الفلسطينية وشرعيتها. غير أنّ إحياء السلطة الفلسطينية ينبغي أن يتم من دون أن يكون ذلك شرطا مسبقا لوقف إطلاق النار في غزة أو لاستئناف عملية سلام قابلة للحياة، لأن هذا قد يوفر لإسرائيل ذريعة لعرقلة المفاوضات.
ومن أجل وجود المصداقيّة، يتعين على أية دعوة بإعادة عملية دمقرطة فلسطينية أن تكون مصحوبة باستعداد أوروبا لقبول نتائج انتخابات حرة ونزيهة، حتى ولو أسفرت عن وصول حكومة للسلطة الفلسطينية تدعمها حماس. ويتطلب ذلك أيضا التزاما سياسيا قويا بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم؛ وإلا فإنّ أي مسار سياسي لمرحلة ما بعد الصراع في غزة سيفقد شرعيته تماما، ويعزز الاعتقاد لدى الفلسطينيين بأنّ المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد الممكن والمتاح.
وبالطبع، فإنّ الاتحاد الأوروبي بمفرده غير قادر على إحداث التغيير الجذري في المواقف الإسرائيلية والفلسطينية، وهو التغيير اللازم من أجل تمهيد مسار سياسي يتمتع بالمصداقية. وبينما تتجه الأنظار جميعا نحو الولايات المتحدة والرئيس جو بايدن لاتخاذ إجراءات حاسمة، فلا ينبغي والحال هذا تجاهل المساهمة العربية المحتملة. في هذا السياق، فإنّ التعاون الوثيق بين دول أوروبية وعربية يمكن أن يؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس، حتى ولو استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في اتباع اتفاق إقليمي وهمي ربما، قائم على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
لقد أوضحت الرياض أنها لن توقّع على أية معاهدة سلام مع إسرائيل من دون وجود اتفاق سلام ذي مصداقية لا رجعة فيه، ومن دون وجود مسار واضح لا رجعة فيه نحو إقامة دولة فلسطينية الأمر الذي ترفضه إسرائيل.
"لقد أوضحت الرياض أنها لن توقّع على أية معاهدة سلام مع إسرائيل من دون وجود اتفاق سلام ذي مصداقيّة لا رجعة فيه، ومن دون وجود مسار واضح لا رجعة فيه نحو إقامة دولة فلسطينية الأمر الذي ترفضه إسرائيل".
في الأشهر الأخيرة، قامت "مجموعة اتصال" عربية (مصر، الأردن، قطر، السعودية، الإمارات) بتعميم خطة رؤية عربية لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة بعد انتهاء الصراع. وتقترح هذه الخطة مسارا سياسيا لتحقيق حل الدولتين مع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967. وفي المقابل، ستعرض الدول العربية على إسرائيل تطبيعا كاملا واندماجا في بنية أمنية إقليمية شاملة. وسيكون أحد العناصر الأساسية في هذه الخطة وقف إطلاق النار في غزة ونشر قوة حماية دولية هناك لتسهيل عودة السلطة الفلسطينية.
إلا أنّه، ونظرًا للرد الفاتر من جهة الولايات المتحدة الأمريكية، عزّزت الدول العربية الأعضاء من توجهها والتزامها نحو أوروبا لدفع خطتها إلى الأمام.
"إلا أنّه، ونظرا للرد الفاتر من جهة الولايات المتحدة الأمريكية، عزّزت الدول العربية الأعضاء من توجهها والتزامها نحو أوروبا لدفع خطتها إلى الأمام".
لقد سهّل القرار الذي اتخذته النرويج وإيرلندا وسلوفينيا وإسبانيا من تكثيف هذا التوجه والالتزام، وأدى في الأسابيع والأشهر التي سبقت بياناتهم العلنية إلى اتصالات وزيارات متكررة قام بها وزراء خارجية عرب إلى العواصم الأوروبية. في كلمته في الاجتماع السنوي للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) في يوليو/تموز الماضي في مدريد، أشاد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود بما قامت به إسبانيا والدول الأخرى من خلال الاعتراف، واصفا ذلك بأنّه "بصيص نور وشعلة أمل متبقية خارجًا".
وسيتمثل التحدي القادم في كيفية تفعيل التعاون الأوروبي - العربي ووضعه موضع التنفيذ.
"سيتمثّل التحدي القادم في كيفية تفعيل التعاون الأوروبي - العربي ووضعه موضع التنفيذ"
ويمكن أن يشمل ذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر سلام تحضيري مشترك لكسب الدعم الدولي في سبيل مبادرة مشتركة تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة وتنفيذ حل الدولتين ضمن إطار زمني محدد. لقد بحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والدول العربية أيضا موضوع إنشاء مجموعات عمل مشتركة من شأنها تطوير مبادرة دبلوماسية مشتركة من أجل دعم "الرؤية العربية". ومع أنّه لم يتم الاتفاق على هذه الخطوات بعد، إلا أنّها قد تتيح للدول الأوروبية والعربية ضم وتوحيد طاقاتها السياسية للتعامل مع عدد من المجالات الرئيسية التي يمكن أن تساهم في تحقيق التقدم، على سبيل المثال:
الضغط والحث على وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود: ويتطلب هذا الأمر جهودا دولية أكبر لمحاسبة إسرائيل على مسؤوليتها كسلطة احتلال، ولضمان وصول المساعدات بشكل آمن من دون قيود. ويمكن للشركاء الدوليين أيضا أن يسعوا إلى إنشاء آلية جديدة لتنسيق عملية المساعدات الإنسانية لغزة، مما يسهّل المزيد من التخطيط المكثف بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والدول العربية بشأن قضايا مثل إزالة الأنقاض، والصرف الصحي، والوقود والطاقة، وإجلاء سكان غزة الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة.
دعم إصلاح السلطة الفلسطينية وبناء قدراتها، وذلك لإعدادها للعودة إلى غزة. ولدى الاتحاد الأوروبي الكثير ليقدّمه هنا بما يتجاوز عملية التمويل. فعلى سبيل المثال، يمكن للبعثات الحالية، مثل بعثة شرطة الاتحاد الأوروبي في المناطق الفلسطينية لدعم الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون وكذلك بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية إلى مولدوفا وأوكرانيا، أن تقدم الخبرة الفنية وبناء القدرات في مجال إصلاح القطاع الأمني اللازمة لعودة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى غزة وتسهيل عبور المعابر الحدودية. وإضافة إلى عملية التمويل، ألمحت الدول العربية إلى أنّها قد تقدّم أيضا قوات لدعم عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة كجزء من اتفاقيّة وقف إطلاق النار.
تعزيز المصالحة الفلسطينية: تتمثل الحقيقة القاسية في وجوب إدراج حماس في أيّة خطة "لليوم التالي". غير أنّ ذلك يجب أن يستند على اتفاق سياسي يتم التفاوض عليه مع الرئيس محمود عباس وحركة فتح، من أجل تمكين السلطة الفلسطينية المستصلحة إلى غزة.
"تتمثّل الحقيقة القاسية في وجوب إدراج حماس في أيّة خطّة "لليوم التالي". غير أنّ ذلك يجب أن يستند على اتفاق سياسي يتم التفاوض عليه مع الرئيس محمود عباس وحركة فتح، من أجل تمكين السلطة الفلسطينية المستصلحة إلى غزة".
ومن المحتمل أن يتطلب ذلك تشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية يمكن أن تستفيد من إجماع أوسع بين الفصائل ومن عملية دمج حماس مستقبلاً في منظمة التحرير الفلسطينية المعاد إحياؤها. ومن الأرجح أن ينجح هذا الأمر إذا كان مصحوبا برؤية سياسية شاملة، ويتطلب أيضا تقديم حوافز ومثبّطات أوروبية لكل من حماس وحركة فتح/السلطة الفلسطينية.
التشكيك بالإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تنتهك القانون الدولي وتعزّز عدم الاستقرار وتهدّد بقاء السلطة الفلسطينية وحل الدولتين. ففي حين لا يستطيع أي طرف بمفرده الضغط بشكل فعال على إسرائيل (خاصة تحت قيادة رئيس الوزراء نيتنياهو)، فإنّ الجهود المتضافرة التي تشارك فيها الولايات المتحدة والأوروبيون ومصر والأردن ودول إتفاقيات إبراهيم يمكن أن تغيّر الحسابات الإسرائيلية تدريجيا لصالح وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء أية عملية احتلال مستقبليةّ. بالإضافة إلى دعم الإجراءات الجارية للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، فإنّ الدول الأوروبية والعربية تتوفّر على أدوات ضغط إضافية مثل حظر الأسلحة الأوروبية والعقوبات وتجميد اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وكذلك تجميد اتفاقيات إبراهيم التي تم توقيعها عام 2020 بين إسرائيل ودول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة.
عقب أخيل لدى أوروبا
"إقتباس: "آمل أن تلعب أوروبا دورا أكثر نشاطا... يجب على أوروبا اتخاذ قرار بشأن مدى أهميتها على الساحة الدولية. وغزة هي إحدى هذه الاختبارات لها" [الأمير فيصل بن فرحان]"
إلا أنّ عقب أخيل لدى أوروبا، أو نقطة ضعفها، يتمثل في افتقارها إلى الوحدة. فبينما يرغب أعضاء غربيون مثل إيرلندا وإسبانيا في تعزيز التعاون مع مجموعة الاتصال العربية، يقف آخرون بشكل مقرّب من إسرائيل، لا سيما الأعضاء الشرقيون، الذين قاموا بتأخير العمل. وفي ظل غياب موقف موحد للاتحاد الأوروبي، فستواصل بعض الجهات الأوروبية الفاعلة انتهاج مبادراتها المستقلة، والمزاحمة في بعض الأحيان.
إنّ استمرار الشلل وعدم التناسق لن يؤدي إلى إضعاف فعالية أوروبا فحسب، بل يحمل في طياته خطر إهدار فرصة مهمة تُظهر للدول العربية أنّ الاتحاد الأوروبي في وسعه أن يكون لاعبا جادا في السياسة الخارجية. وقد حذّر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بقوله: "آمل أن تلعب أوروبا دورا أكثر نشاطا... يجب على أوروبا اتخاذ قرار بشأن مدى أهميتها على الساحة الدولية. وغزة هي إحدى هذه الاختبارات لها. نحن جميعا نراقب. نحن جميعا نتحقق ما إذا كان لأوروبا موقف موحد بشأن المبادئ التي تمثلها".
© Qantara.de 2024
هيو لوفات ، عضو متقدم في السياسات في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع لفريق أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR). تمحور عمل لوفات بشكل مركز حول الجغرافيا السياسية الإقليمية، وقدّم استشارات لصنّاع القرار الأوروبيين بشأن الصراع في إسرائيل - فلسطين وفي الصحراء الغربية. تتم دعوته بانتظام من قبل وسائل الإعلام الدولية لإجراء مقابلات، كما تتم الإشارة إليه، بما في ذلك نيويورك تايمز، وبي بي سي، وكريستيان ساينس مونيتور، وفايننشال تايمز، ووكالة الأنباء الفرنسية، ولوموند، وفرانس 24، والجزيرة.